الصوم عند اليهود: نوعان من الصيام:الأول: صوم إجباري (جماعي) أربعة أيام حسب الأحوال يحددها الرهبان والرؤساء: صيام يوم للتكفير عن الخطية العامة المعروف ب: (يوم الغفران).- يصام يوم قبل أن يدخل الجيش في حرب مع العدو.- يصام يوم إذا مات الملك أو الرئيس.- يصام يوم لتوقي كارثة متوقعة تحصل للناس. والثاني: صوم اختياري (فردي) طلباً للتوبة حيناً وتجنباً للسوء والضرر حيناً آخر. أما الصيام عند النصارى: فأيامه تختلف باختلاف الكنائس (الكاثولوكية - البروتستانتية - الأرثوثكسية) وباختلاف الأجيال والطبائع والبلاد.يتفق النصارى في كل كنائسهم على صيام يوم واحد يسمونه (عيد المسيح) يصومونه قبل حلول (عيد الفصح) الذي يحتفلون به قبل نهاية السنة الميلادية لعيسى - عليه السلام كما يزعمون - بخمسة أيام - أي يوم 25 ديسمبر من كل عام - وهو عندهم أهم من عيد الميلاد نفسه. وتختلف هذه الكنائس بصيام أيام أخرى كصوم يوم واحد لكل عيد من أعيادهم: كعيد الصليب والرسل والعذراء والفِطاس والأربعين يوماً حولت عند بعضهم إلى أربعين ساعة فقط. عن أي شيء يمتنعون أثناء صيامهم؟ يمتنعون عن الأكل والشرب والجماع من منتصف الليل حتى الظهر هذا للشيوخ المسنين والضعفاء أما القادرون فيلزمهم الإمساك إلى قبل غروب الشمس بساعة واحدة، وهذا الامتناع إنما يكون فقط عن أكل اللحم وما ينتج من الحيوان مما لونه أبيض كبياض البيض والزبدة واللبن وما عدا ذلك يجوز طبخه وأكله بشرط ألا يطبخ إلا بزيت نباتي. وفي صوم يوم الميلاد: يجوز فيه أكل السمك وأنواع الفاكهة لا غير. ومن الملاحظ في الصيام عند المتدينين من اليهود والنصارى في العصور المتأخرة شدة الاختلاف والنزاع بينهم فاليهود يحرمون صوم يوم الأحد ويفضلون صوم يوم السبت والنصارى بخلافهم يفضلون صوم يوم الأحد ويحرمون صوم يوم السبت كما كان اليهود في السابق يصومون يومي الإثنين والخميس فخالفهم النصارى ونقلوا صيام هذين اليومين إلى يومي الأربعاء والجمعة، وما كان هذا النزاع ليقع بينهم لو لم يتبعوا الهوى ويحرفوا الكلم عن مواضعه وصدق الله العظيم: { وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } وقال: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } . وكلمة (لعل) في آية البقرة { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } بمعنى لام التعليل، أي فرض عليكم صيام رمضان لتتقوا الله فيما أمركم به أو نهاكم عنه ومن ذلك أحكام الصيام. أو هي تفيد الترجي والتوقع وذلك بالنسبة للعبد أما الله سبحانه فهو منزه عن ذلك كله والمعنى: كتب الله عليكم الصيام كما كتبه على من سبقكم رجاء أن تتقوا ربكم فتعبدونه بما شرع لكم. والتقوى هي أن يجعل العبد بينه وبين ما يكره وقاية وحاجز، وقد قربها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتمثيل حسي فذات يوم دخل هو وعبدالله بن مسعود في مخاضة (وحل) من الأرض فشمر عن ثوبه واعتمد على إحدى رجليه ورفع الأخرى وقال: التقوى هكذا فاحذر أن يدفعك أحد فتنزلق. فظهر أن التقوى في الآية دوام مراقبة الله بالبعد عن معاصيه والعمل بما يرضيه واجتناب تحريفات اليهود وتأويلات النصارى ومن والاهم في أحكام الصيام وغيرها.