أبو المحاسن: مرحلة جديدة في الحياة السياسية وعودة المواطن كمحرك رئيسي    حصاد وزارة التخطيط والتعاون الدولي.. أبرز تطورات الشراكة المصرية الآسيوية خلال 2025    محافظ الأقصر يفتتح مدارس ومنشآت تعليمية بالزينية    القوات الخاصة العراقية تستعد لتسلم مواقع "التحالف الدولي" ب"عين الأسد"    حصاد الزمالك في 2025| بطولة وحيدة وثلاث صدمات ومشهد ضبابي    حصاد 2025| نتائج مخيّبة ل كهرباء الإسماعيلية.. ودع الكأس ويصارع الهبوط    حصاد 2025| حرس الحدود في المنطقة الدافئة بالدوري.. وينافس في كأس مصر    الداخلية تستجيب لمناشدة أب وتضبط المتهمة بقتل ابنته في الغربية    فوضى في امتحان البرمجة لليوم الثاني ..وأولياء الأمور : فشل وإهمال واستهتار بمستقبل الطلاب    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    جامعة العاصمة تنظم الاحتفالية السابعة للبحث العلمي لعام 2025    المحكمة العربية للتحكيم تطلق ملتقى الوعي الوطني لشباب الصعيد    إنجازات التجديف في 2025، ميدالية عالمية ومناصب دولية وإنجازات قارية    الحكم على 60 معلمًا بمدرسة بالقليوبية بتهمة ارتكاب مخالفات مالية وإدارية    وزير المالية: خفض80 دولارًا من «مقابل الميكنة» عن كل شحنة جوية واردة    القبض على المتهم بتهديد فتاة رفضت أسرتها زواجها منه بالقاهرة    رئيس جامعة المنوفية يتابع امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية العلوم    بيت الزكاة والصدقات يعلن دخول القافلة الإغاثية 13 لغزة عبر منفذ رفح فجر اليوم    باحثة سياسية تكشف أبرز السيناريوهات المحتملة للمشهد السياسي في لبنان    مستشفى إبشواي المركزي بالفيوم يطلق مبادرة "المضاد الحيوي ليس حلا"    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وأصلح ولاتتبع سبيل المفسدين 000؟!    محافظ الدقهلية: دراسة تطوير منزل أم كلثوم بمسقط رأسها    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    البنوك إجازة في أول أيام 2026 ولمدة 3 أيام بهذه المناسبة    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    تصعيد إسرائيلي شمال غزة يدفع العائلات الفلسطينية للنزوح من الحي الشعبي    مدبولي يوجه بسرعة الانتهاء من الأعمال المتبقية بمشروعات «حياة كريمة»    مجلس الوزراء: تراجع ديون شركات النفط الدولية تدريجيا 2025 بفضل الخطة المالية    اجتماع مفاجئ بين الرئيس السيسي والقائد العام للقوات المسلحة    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    ضبط 393 متهمًا وكمية ضخمة من المخدرات والأسلحة في حملات أمنية    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    «حافظ على نفسك»    الرقابة المالية تقر تجديد وقيد 4 وكلاء مؤسسين بالأنشطة المالية غير المصرفية    برنامج " لا أمية مع تكافل" يسلم 100 شهادة محو أمية للمستفيدين بالمناطق المطورة    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    إسرائيل تصطاد في "الماء العكر".. هجوم رقمي يستهدف السعودية بعد أزمة الإمارات بين لجان "الانتقالي" و"تل أبيب"    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    وزارة التعليم الفلسطينية: استشهاد 7488 طالبا جراء العدوان الإسرائيلي منذ بداية 2025    استهدف أمريكيين أصليين وخط مياه.. تفاصيل فيتو ترامب الأول بالولاية الثانية    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    هجوم روسي بطائرات مسيّرة على أوديسا يُصيب 4 أشخاص بينهم أطفال    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    الحكومة تصدر قرارًا جديدًا بشأن الإجازات الدينية للأخوة المسيحيين| تفاصيل    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    الدوري السعودي - مدرب الاتفاق: حصلنا عل نقطة من فم الأسد.. وفينالدوم لعب وهو محترق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظلال السيد الماريشال
نشر في الجمعة يوم 02 - 07 - 2012


ما الذى يجرى حقا هنا؟
الرواية الكاملة لما جرى فى الأيام التى سبقت إعلان فوز الدكتور «محمد مرسى» فى الانتخابات الرئاسية تتعدد ثغراتها وحولها تساؤلات وألغاز. بعض قصصها تناقض بعضها الآخر.
بدا التأخير فى إعلان النتائج غير مبرر والغموض أثار شكوكا وريبة. عمليات الفرز تؤكد فوز «مرسى» والتسريبات المتعمدة تؤكد العكس. الشائعات غمرت العاصمة داعية إلى مخاوف من انفلات أمنى وتوقع حرائق عند إعلان النتائج. تحركت «الأوركسترا» تمهد لهزيمة «مرسى» فى الانتخابات، غير أن المفاجأة باغتتها.
المجلس العسكرى يقول إنه علم بنتائج الانتخابات من التليفزيون، وهو قول لا يستقيم فى تصور أو يستسيغه عقل. المجلس بكامل هيئته اجتمع قبل إعلان النتائج بيوم لبحث الترتيبات الأمنية فى الحالات الثلاث: فوز «مرسى» أو فوز «شفيق» أو إلغاء الانتخابات لطعون جوهرية عليها غضت البصر عنها لجنة الانتخابات الرئاسية. ربما تكون المهمة أسندت إلى مجموعة عمل خاصة حتى لا تتسرب المعلومات إلى المجلس بكامل تشكيله.. ولكن هذه الفرضية ليست متماسكة بدورها، فالأداء مرتبك، وأجهزة المعلومات متصادمة، وبعض صراعاتها خرجت إلى العلن. الصدام تحول إلى فضائح وملاسنات على بعض الشاشات.
ما الذى جرى حقا؟
الدور الأمريكى بعضه ظاهر وأغلبه غاطس، بعض ضغوطه معلنة وبعضها الآخر جرى فى تكتم.
فى صباح يوم الأحد (24) يونيو قبل ساعات قليلة من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وصل القاهرة الماريشال «فينسنت بروكس» قائد الجيش الثالث الأمريكى للتباحث فى «دعم آفاق جديدة لمجالات التعاون العسكرى» حسبما أعلن رسميا. التوقيت يثير تساؤلات حول رسائل نقلها الماريشال من البنتاجون إلى العسكرى بخصوص نتائج الانتخابات الرئاسية وعدم التلاعب فيها. الاجتماع حضرته السفيرة الأمريكية «آن باترسون» التى التقاها فى اليوم السابق عضو بارز فى العسكرى لينقل إليها ما سماه «حقائق ما يجرى»، ردا على تصريحات خشنة صدرت فى اليوم نفسه لنائب الرئيس الأمريكى «جو بايدن» وقبله وزيرة الخارجية «هيلارى كلينتون» تضغط وتحذر. التساؤلات مشروعة تماما فالبنتاجون أعرافه تدعوه إلى إبعاد جنرالاته عن المسارح السياسية الساخنة خشية الالتباسات والاتهامات. للتدخلات وسائل أخرى. تؤكد المراسلة الأمريكية الشهيرة «جوديث ميللر» الأقرب للبنتاجون وعوالمه أن الظهور العلنى لجنرالاته فى قضايا سياسية «عمل محرج ولكنه اضطرارى». ما الذى استدعى إذن أن يظهر الماريشال صباح ذلك اليوم الحاسم فى تقرير المستقبل المصرى؟
المثير هنا أن المرشح الخاسر الفريق «أحمد شفيق» زار بنفسه السفيرة الأمريكية بالقاهرة «آن باترسون» مرتين قبل إعلان النتائج ليسأل عن أسباب الاعتراض عليه، وأطراف عديدة تدخلت لتسويقه عند الإدارة الأمريكية، التى حزمت أمرها على «مرسى» وبدت منتشية بدخوله القصر الرئاسى، وأسبابها تعود لمصالح تسعى إليها لا انحيازا لشخص ضد آخر، ف«شفيق» محسوب على النظام السابق، وهو نظام كان شديد القرب من السياسات الأمريكية والإسرائيلية فى المنطقة، ولكنه سقط وإعادة إنتاجه يثير اضطرابات لا توفر شرعية أو استقرار يضمن المصالح الأمريكية.
على العكس تماما فإن «مرسى» لديه قاعدة شعبية عريضة تمثلها جماعة الإخوان المسلمين، وهى ضمانة استقرار سياسات ومصالح.
ما يعنى الإدارة الأمريكية هو عدم المس بالمعاهدة المصرية الإسرائيلية، وقد تعهدت بذلك قيادة الجماعة فى مباحثات بعضها معلن وبعضها سرى جرت وقائعها فى العاصمة الإيطالية روما.
ما يعنى الإدارة الأمريكية هو منع بناء نظام اقتصادى يضمن العدالة الاجتماعية وأن تخضع مصر لشبكة مصالح تزاوج بين الثروة والسلطة وترسخ نوعا من الرأسمالية المتوحشة فى وطن يأكله الفقر. الرئيس يقول إنه مع العدالة الاجتماعية والملف مطروح أمامه.
ما يعنى الإدارة الأمريكية توظيف صعود الجماعة فى صراعات ذات طابع مذهبى مع إيران يساعد على حصارها وتوجيه ضربات عسكرية لها وإعادة ترتيب المشرق العربى وخرائطه وفق حسابات وقواعد جديدة. هذه حسابات مصالح استراتيجية قد تستخدم الجماعة فيها، وهو ما يستدعى الحذر وأخذ المخاوف على محمل الجد وعدم الوقوع فى الفخ.
ولعل الرئيس الجديد يتأمل الحقائق بتمهل ويتصرف بالشرعية التى فى حوزته لضمان سلامة الدور المصرى فى إقليمه على ما تعهد فى خطابه بجامعة القاهرة. إنه التحدى الأصعب لرئيس تعهد لنا أنه «لن يخون الله فينا».
التحدى الثانى، وهو العاجل والمباشر، عنوانه: «انتزاع الصلاحيات».. وهذا تحد تجرى وقائعه تحت نظر الرأى العام. الصلاحيات تدخل فى التفاهمات وظلال الماريشال حاضرة.
المعضلة هنا أن الرئيس يعترض على صلاحياته المنتقصة دون أن يحدد ما الذى يقصده بصلاحياته الكاملة. فى اعتراضه على صلاحياته المنتقصة عنده قضية وفى كلامه عن الصلاحيات الكاملة عنده أزمة، فلا يوجد دستور أصلا يحدد الصلاحيات والعلاقات بين مؤسسات الدولة، وهذه أم الجرائم فى المرحلة الانتقالية الأولى التى أفضت إلى فوضى دستورية.
هل يقصد الرئيس تلك الصلاحيات المنصوص عليها فى دستور (1971)، وهى صلاحيات شبه إلهية تفضى إلى إعادة إنتاج النظام القديم بوجوه مختلفة، والحزب الوطنى بأسماء أخرى، وحكمة الرئيس بأوصاف جديدة.. أم أنه يقصد الصلاحيات «فى المطلق الدستورى» على ما قال عضو بارز فى جماعة الإخوان المسلمين، وهو تعبير يعكس الأزمة ولا يساعد على حلها، يراوغ فى الصلاحيات ولا يساعد على تحديدها. الأكثر إثارة عند الاقتراب من هذا الملف بصورة جدية أن الاتجاه الغالب فى «تأسيسية الدستور» بوضعها الحالى المطعون عليه أمام القضاء الإدارى ينحو إلى نظام رئاسى برلمانى مختلط قد يتنقص مرة أخرى من صلاحيات الرئيس التى انتقصت فى الإعلان المكمل!
كيف سيتصرف الرئيس إذن وفق الشرعية التى لديه فى مسألة الصلاحيات؟
هناك من يدعوه إلى إلغاء الإعلان الدستورى المكمل، وهو خيار يفضى عمليا إلى فوضى دستورية أكثر خطورة تزكيها مخاوف استفراد تيار سياسى واحد بمفاصل الدولة، وهناك من يدعوه لاستفتاء الشعب عليه، وهذه دعوة أكثر جدية، ولكنها تتصادم فى مواقيتها مع استفتاء آخر على الدستور الدائم نفسه. وهناك من يدعوه لممارسة صلاحياته التنفيذية المنصوص عليها فى الإعلان المكمل وتعطيل الصلاحيات التشريعية للعسكرى بعدم إصدار القوانين التى قد يشرع فيها. الخيارات كلها مفتوحة أمام الرئيس ولكن لكل خيار تكاليفه وأعباءه.
الخيارات المتعددة تحكمها قاعدة واحدة: الصدام التفاوضى. التعبير نفسه يوحى بحقائقه وصاحبه من قيادات الجماعة والوجوه البارزة فى حزبها.
لا صدام خشن مع العسكرى مع وضعه تحت الضغط لتحسين الشروط واكتساب أرضية جديدة.
القاعدة ذاتها استخدمتها الجماعة فى ميدان التحرير، حشدت قواها فيه عقب الإعلان المكمل وحل مجلس الشعب، عين على انتخابات الرئاسة واحتمالات التلاعب بنتائجها وعين أخرى على الميادين وعناصر الضغط فيها. الضغوطات تحركت فى اتجاه بينما التفاهمات كانت تجرى فى اتجاه آخر. فى لقاء ضم الدكتور «سعد الكتاتنى» رئيس مجلس الشعب السابق والفريق «سامى عنان» رئيس الأركان قبل إعلان نتائج الانتخابات بدت الأزمة محيرة للطرفين. كلاهما نسب للآخر الكلام عن صفقة بمقتضاها يمر «مرسى» إلى قصر الرئاسة مقابل الموافقة على الإعلان المكمل وحل البرلمان، وكلاهما نسب لنفسه رفض الصفقة المقترحة!
الرئيس الجديد يجد نفسه تحت وصايتين، وصاية من مكتب الإرشاد ووصاية أخرى من المجلس العسكرى.
فى الوصاية الأولى يطرح السؤال التالى نفسه: لمن ولاء الرئيس؟.. للشعب الذى انتخبه أم للجماعة التى ينتسب إليها؟
سؤال الولاء يفضى إلى سلسلة من الشكوك والريب التى يتعين عليه تبديدها، فلا يعقل أن ينتسب رئيس دستورى منتخب يتعهد بدولة مدنية ديمقراطية حديثة إلى جماعة سرية لم توفق أوضاعها حتى الآن ولا تخضع ميزانيتها لرقابة الدولة التى يقف على رأسها أحد أبنائها.
فى الوصاية الثانية تتجلى تحديات أخطر وأفدح، الصدام المبكر له تكاليفه والإذعان الصامت له أخطاره.
إنها لعبة الشد والجذب والضغوطات المتبادلة.
ما الذى يجرى حقا هنا؟
نقلا عن الشروق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.