من بين الأفلام التسجيلية التي عرضت خارج المسابقة في مهرجان برلين السينمائي الفيلم المصري (من تمويل مؤسسة قطرالسينمائية)والذى عرض مؤخرا بمهرجان الاسماعيلية الدولى للافلام التسجيلية ، و الذي يحمل عنوانا غريبا هو "العذراء والأقباط وأنا" للمخرج نمير عبد المسيح. هذا الفيلم يعتبر ليس فقط سباحة في مياه وعرة، بل مغامرة فنية وإنتاجية مثيرة قام بها المخرج نمير عبد المسيح الذي يقيم في فرنسا عندما قرر أن يذهب الى مصر، إلى مسقط رأس أسرته، والدته تحديدا، لكي يبحث في موضوع تلك الرواية التي شاعت عن تكرار ظهور السيدة مريم العذراء فيأماكن مختلفة على شكل (معجزة)، وهو ما يتناقله الناس، ومنهم أيضا الكثيرمن المسلمين، منذ عام 1968. نمير يبدأ بالبحث في جذور الظهور والروايات الشائعة التي تتردد حوله ومنها على سبيل المثال، مايقال عن أن الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، ذهب بنفسه لكي يشاهد ظهور العذراء في كنيسة باحدى ضواحي القاهرة . ويعرض الفيلم أيضا للآراء التي ترى أن الحكومة المصرية التي كانت تعاني من تداعيات هزيمة يونيو 1967 في ذلك الوقت، هي التي ابتدعت تلك الحادثة، وأوحت للناس بظهورالسيدة العذراء فوق كنيسة الزيتون وبأنها جاءت لكي تبشرهم بالنصر على إسرائيل وبشعورها بعدم الراحة بسبب استيلاء الإسرائيليين على القدس التي يوجد فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. مغامرة الفيلم أن المخرج يجد نفسه "متورطا" تدريجيا بشكل جعله ينتقل من موضوع ظهور العذراء ألى الدخو الى مناطق أخرى تتعلق بالأقباط عموما: حياتهم ومنطقهم واهتماماتهم وكيف أنهم يمثلون جزءا أصيلا من الشعب المصري، خاصة وأن الفيلم يركز على الفقراءمنهم، كما يتطرق الى ما عرف حديثا من نزاعات ذت طابع طائفي ورأي المسلمين والمسيحيين فيها. يتخذ الفيلم شكل "الرحلة" التي يعد لها المخرج في البداية بطريقة ما، ثم يحاول اقناع والدته بتصوير أسرتها التي بقى معظم أفرادها في الصعيد المصري، وكيف أنها ترفض وتحتج وتثور وتهدد بمقاضاته إذا فعل، لأنها تعتقد أن تصوير الحقيقة، أي حقيقة أسرتها المتواضعة، يسيء إليها أمام أقارب زوجها، ولكننا لسنا أمام فيلم ينتقل كثيرا بين مدن مختلفة، بل يغوص داخل التجمع القبطي في قرية معينة، هي القرية التي ينتمي اليهاالمخرج، ونراه وهو يلتقي بأهله وأعمامه وأقاربه الذين مرت سنوات طويلة منذأن رآهم آخر مرة. ومن الممكن اعتبار الفيلم اعادة اكتشاف للتجمعاتا لقبطية في إحدى قرى الصعيد المصري، من خلال تلك الرؤية "الواقعية" التيتغوص في فكر هؤلاء البسطاء من المصريين، لكي تؤكد في النهاية لنا كمشاهدي نللفيلم، أنهم لا يختلفون عن سائر أقرانهم المصريين من المسلمين. الجدير بالذكر أن الفيلم حصل مؤخرا علىجائزة أحسن فيلم وثائقى طويل بمهرجان الاسماعيلية الدولى للافلام التسجيلية .