اكدت ورشة العمل التى عقدت بمنتدى رفاعة الطهطاوي بعنوان" إلى أين يتجه مسار المرحلة الإنتقالية فى مصر " على ان دور منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية أن تقدم المبادرات التى تساهم فى إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية وضرورة تمثيل منظمات المجتمع المدنى فى تشكيل هذه اللجنة المطالبة بضرورة تمثيل النقابات العمالية والاتحادات و العلماء أمثال فاروق الباز وزويل وغيرهم من الأدباء والفنانين فى تشكيل اللجنة التأسيسية حتى تكون مكونة بشكل توافقى يعبر عن كل فئات المجتمع تقديم الاقتراحات للمجلس العسكرى بضرورة تغيير التشكيل الذى تم به وضع اللجنة التأسيسية للدستور ويكون المعيار الرئيس فى التشكيل هو الكفاءة فالتشكيل الحالى ليس به أى من الكفاءات المشهود لها كما وأن اللجنة التأسيسية تحتاج لشخصيات مثل الدكتورة تهانى الجبالى و مزيد من الخبراء و الفقهاء القانونيين المتخصصين في صياغة الدستور .. أن يقدم نشطاء المجتمع المدنى مطالبات بضرورة توضيح المجلس العسكرى لرؤية المرحلة القادمة تحديداً فيما يخص الدستور وانتخابات الرئاسة ضرورة تمثيل جميع فئات المجتمع في الجمعية التأسيسية للدستور مع أخذ تمثيل الأقليات في الاعتبار. استضاف المنتدى بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان الأستاذ سعد هجرس الكاتب الصحفى ورئيس تحرير مجلة العالم اليوم عصام عبد العزيز رئيس جمعية أرض المواطنة للتنمية الشاملة وحقوق الإنسان. بدأت ورشة العمل بكلمة افتتاحية لممثل منتدى رفاعة الطهطاوى ومؤسسة عالم واحد ذكر فيها أن انعقاد ورشة العمل يأتى فى إطار المناقشة المستمرة التى يقوم بها منتدى رفاعة الطهطاوى كأحد بيوت التفكير للقضايا الملحة فى المرحلة الانتقالية. تضمنت ورشة العمل عدة محاور رئيسية هى مسار دستور مصر بعد الثورة فى ظل قرار مجلس الشعب بتشكيل الجمعية التأسيسية, عمل تقييم مبدئى لبرلمان الثورة, هل تنتهى المرحلة الإنتقالية فعلاً بالإنتخابات الرئاسية, مسار العلاقات المدنية العسكرية فى المرحلة الإنتقالية. بدأ عصام عبد العزيز الكلمة بطرح نفس السؤال إلى اين يتجه مسار المرحلة الانتقالية في ضوء مستجدات الأمور التى حدثت مؤخراً، مشيراً إلى أنه يمكن القول على هذه المرحلة بالمرحلة الضبابية وليست بالمرحلة الإنتقالية نظراً لانعدام الرؤية بها وعدم وضوح أية قرارات من شأنها أن تطمئن الرأى العام خاصة وبعد تحديد أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور بهذا الشكل والتى يسيطر عليها فصيل سياسى معين المتمثل فى حزب الحرية والعدالة وحزب النور متسائلاً هل سنترك هذين الحزبين بعد حصولهم على أغلبية فى البرلمان أن يحصلوا أيضاً على أغلبية فى لجنة وضع الدستور, و هل هم كفء لبناء دستور يليق بمكانة مصر وتاريخها . أكد على أن الاختلاف هو أصل الأشياء ولذلك لابد من مراعاة هذا الاختلاف فى تكوين اللجنة التأسيسية للدستور. وانتقلت الكلمة بعد ذلك بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. ذكر بهي أنه يتحدث عن القضية من منظور عدة أحداث متلاحقة وقعت فى الفترة القليلة الماضية والتي تجعله قلق بشأن أحوال البلاد. وطرح سؤال واضح هو" ما الذى يجب علينا فعله واتخاذه من خطوات ومبادرات فى ضوء ما يحدث الآن على الساحة السياسية؟". فالفترة الانتقالية فترة مضطربة جداً فبعد الإعلان النهائي عن تشكيل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور بهذا الشكل بعدها يتم إنسحاب عدد من الشخصيات العامة والمعارضة أمثال عمرو حمزاوى, أحمد حرارة, سامح عاشور وغيرهم كذلك تصاعد الكلام عن الشروع فى عمل لجنة تأسيسية موازية. وفى نفس الوقت تظهر أصوات كثيرة تطلب من المجلس العسكرى أن يتدخل لحل هذه الأزمة. كل هذه الأمور من وجهة نظر الأستاذ بهي تجعل مستقبل مصر أكثر غموضاً فالهيئة التأسيسية التى تم اختيارها لا تعبر عن جموع وفصائل الشعب المصرى وإنما هى تعبر عن اتجاه واحد فقط. الأمر الذي دعا بهي إلى القول بأنها "لجنة اللون الواحد", وتساءل أيضاً إلى أي مدى يستطيع حزبى الحرية والعدالة والنور أن يستمران بنفس النمط؟ وهل يمكنهم التراجع عن هذا الموقف الصعب. أشار حسن إلى أن التيار الإسلامي وضع نفسه فى مأزق كبير وأثار حوله علامات إستفهام عدة وأننا نحتاج لإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية ولكن بشكل توافقي يضم كافة التيارات العمال والفلاحين والنقابات حتى يكون الدستور ممثلاً للشعب المصرى بأكمله. وعن هذا الموقف طرح حسن عدة سيناريوهات يمكن أن تترجم ما يحدث فى المرحلة الإنتقالية اولها أن المجلس العسكرى يمارس الضعوط من أجل إعادة تشكيل اللجنة التأسيسية بشكل توافقى وهذا يفسر التصريحات الصاخبة التى يطلقها قياديو حزب الحرية والعدالة ضد المجلس العسكرى خاصة مع تأجيل نظر الطعن المقدم أمام القضاء ضد مشروعية اللجنة التأسيسية للدستور إلى 10 ابريل 2012 المقبل. وهناك سيناريو آخر وهو إذا ما حكمت الهيئة القضائية بعدم دستورية القانون الذى شكلت به الانتخابات البرلمانية مما سيؤدى حل البرلمان وندخل فى سيناريو آخر مفتوح. وإذا حدث وتم حل البرلمان هل سندخل فى طريق مظلم وإعادة كافة الخطوات السابقة من جديد أم سنكمل المرحلة ونبدأ انتخابات رئاسية فى الموعد المقرر لها بلا برلمان ولا دستور فنعطى الرئيس القادم صلاحيات لا نهائية مما يعنى أن الرئيس القادم سيتمتع بسلطات إمبراطورية لا حدود لها. وفى نهاية كلمته أشار الى أن البرلمان الحالى لديه سلوك يعكس المأزق الكبير الذى يعانيه حتى أنه فى القوانين التى يتم طرحها فهى تمثل جرس إنذار علينا جميعا أن نلتفت له وقد عقَب عصام عبد العزيز قائلاً إن مصر بالفعل تدخل فى مرحلة غامضة تماماً وأن هذه اللجنة التأسيسية لا يمكن أن تنتج دستور يعد حجر أساس فى بناء مصر الجديدة وإن هذه اللجنة فقدت مشروعيتها ومصداقيتها فى الشارع المصرى . وتناول سعد هجرس القضية فى إطار ما يحدث على خلفية تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور, فى بداية حديثه ذكر أن مصر الآن فى مأزق كبير وأنه حتى يمكن الإجابة على السؤال الذى تطرحه ورشة العمل الى أين يتجه مسار المرحلة الانتقالية فى مصر، فمن الصعب أن تتكهن أى قوة بمسار المرحلة القادمة فالنهايات كلها مفتوحة وأكد أيضا أن قوة الإخوان المسلمين فى الشارع أصبح مطعون فيها معبراً عن إستياءه ورفضه الشديد لما يتبعوه الآن من سياسات غير حكيمة خالفت كل التوقعات التى وضعها الناس فى هذا الفصيل. واستكمل هجرس حديثه بأن حزب الحرية والعدالة مؤخراً أصدر العديد من التصريحات المتناقضة فكيف يهدد بسحب الثقة من الحكومة الحالية وهو الذى جلبها لنا، وغيرها من التصريحات التى تجعل كافة القوى الأخرى لاتصدق أن يتصرف الإخوان بهذه الطريقة الساذجة. و تساءل هجرس عن السبب وراء الانقلاب فى الموقف بين العسكرى وتيار الإخوان المسلمين وللإجابة على هذا السؤال طرح ثلاث إجابات محتمله وهى أنه قد يكون هناك صفقات سياسية قد تم إتخاذها بين العسكرى وحزب النور والحرية والعدالة بأن يترك البرلمان لهم وبدورهم يتركوا مرشح الرئاسة للمجلس العسكرى او أن يكون نما إلى علم الإخوان المسلمين أن المحكمة الدستورية العليا ستنظر فى الطعن المحول إليها فى المحكمة الإدارية العليا والتى قد تحكم ببطلان الانتخابات البرلمانية وبحل مجلس الشعب مما يؤدى إلى فقدان هذا التيار للأغلبية التي حصل عليها فى هذه الجولة من الانتخابات او ربما يكون هذا الإنقلاب هو مخرج للحرية والعدالة من المأزق الذى وضعوا أنفسهم فيه فالآن الشارع السياسي رافض لهم ولتصرفاتهم الغير مبررة فبعد أن أعطى الناس أصواتهم لحزب الحرية والعدالة تراجعوا الأن فى هذا الرأى بشكل كبير. وأشار هجرس أنه بناءً على ماسبق ذكره فإن الناس ترفض تشكيل اللجنة التأسيسية بهذه الطريقة الغير ممثلة لأى قطاع فأين النوبيين من هذه اللجنة وأين بدو سيناء، أين الأقليات؟ فما فعله الإخوان جعلهم يفقدون الكثير من شعبيتهم وانحسار القبول لهم وخسران كثير من حلفائهم السياسيين. فالأغلبية السياسية الآن المتمثلة فى حزب الحرية والعدالة تعاملت مع الموقف السياسى باستعلاء وبنفس سياسية الحزب الوطنى المنحل. وأضاف هجرس فى إشارة سريعة أنه لا يوجد الآن توازن للقوى السياسية على الساحة وإنما يوجد توازن ضعيف، قائلاً إذا كنا نعيب على الحرية والعدالة تصريحاتهم وتصرفهاتم فإن التيار الليبرالي واليسارى كذلك يعانى من جرثومة التشرذم والتفرق و انعدام التوحد على قلب رجل واحد. و يتنبأ هجرس بقيام موجة ثانية من الثورة المصرية تبدأ من يوم إصدار الحكم على الرئيس المخلوع حسني قائلاً بأن الموجة الثانية من الثورة المصرية ضرورة حتمية وأنه لامفر منها. أوصى هجرس بضرورة عمل توازن للقوى على الساحة السياسية الآن من الجانبين الجانب الإسلامى والجانب الأخر من الليبرالين واليساريين. وعلق عبد العزير على كلمة سعد هجرس بأن رؤيته لضرورة حدوث موجة ثانية من الثورة هى بالفعل جزء من الواقع وليس تنبؤ فقط وأن هناك كثير من الدلائل والقرائن التي تؤكد وجهة نظره من أهم هذه القرائن هى الغضب الشعبى فى الشارع المصرى مما يحدث الأن على الساحة المصرية. وكذلك سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية, و عدم تحقيق أى مطلب من مطالب ثورة 25 يناير، كل هذه الأمور بالفعل تنبؤ بحدوث موجة ثانية من الثورة المصرية على حد قول عبد العزيز. أما عن بعض المداخلات أثناء ورشة العمل في إطار التفاعل داخل الورشة علق أحد الحضور على ما قاله سعد هجرس بأنه بالفعل كثير من الناس فى الشارع المصرى تحمل فى داخلها كثير من الغضب والناس مازالت تحتاج الى ميدان التحرير للمطالبة بحقوقها التى لم تعبء أى قوى سياسية بتنفيذها. فى حين علقت مشاركة أخرى من الأمازيغ وتسائلت كيف سيتم تمثيل هذه الفئة والتي تعد من الأقليات فى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور فى مصر وهم غير ممثلين و سألت بصفة عامة عن وضع الأقليات فى مصر فى المرحلة القادمة. وأجاب عليها سعد هجرس بأن اللجنة التأسيسية بالفعل بشكلها الذى تم وضعه لا تعبر بأى شكل من الأشكال عن طائفة أو قطاع من داخل الشعب المصرى وبالتالى فهو يتوقع ألا تستمر هذه اللجنة فى عملها وأن يتم الوصول إلى لجنة جديدة توافقية ترضي كافة التيارات وفئات الشعب المصرى جميعها.