سأستغربك وأتعجب منك جدا لو لم تكن تشعر مثل العبد لله بالدهشة والقرف من كل هذا الفصام والتناقض بين ادعاءات ودعايات هؤلاء الذين يتمسحون فى الدين الحنيف ويلبسون عباءته ولا يتورعون عن الكيد والتشهير بخصومهم ورميهم بتهم وسخائم ليس أبشعها الكفر (والعياذ بالله) ولا أقلها تهمة الموالاة والعمالة للغرب عموما وأمريكا بالذات، ومع ذلك عندما خرجوا إلى الضوء من ظلام جحورهم وتنظيماتهم العصاباتية مؤخرا، وراحت المعلومات عن رموزهم وقياداتهم تترى وتتسرب، اكتشفنا أن أولئك القوم الظالمين لا يعادون فى هذا الغرب إلا منظومة الحريات المعمول بها فى بلدانه فقط، لكنهم مفتونون بنموذج رأسماليته المتوحشة، كما أنهم يتحينون أى فرصة للتسكع على عتباته واكتساب جنسيات دوله والتمتع بحمل هوياته وباسبوراته عموما، وخصوصا الهوية والباسبور الأمريكيين. فبينما ما زال أولاد الأخ أبو إسماعيل «حازمون وصامدون ومصممون» على قطع الطرقات لفرض باباهم المذكور رئيسا على أهالينا بالعافية، ورغم أنف القانون وحقيقة الأمركة التى تمتعت بها المرحومة والدة جناب الخليفة المنتظر، شاع خبر أن الدكتور «مرسى الاحتياطى» مرشح «الإخوان» لرئاسة مصر يحمل هو نفسه الجنسية الأمريكية، غير أن حملة «دكتور النهضة الاحتياطى» سارعت بنفى الخبر وقالت إن داء التأمرك والتجنس بجنسية أمريكا لم يصب من أسرة المرشح الإخوانى النهضوى إلا نجليه فقط!! عن نفسى أصدق هذا الكلام الذى يحصر الأمركة فى الأنجال فحسب، لكن ماذا لو وقعت الواقعة وحدثت المعجزة ونجح جناب الوالد «الاحتياطى» وأضحى رئيسا فعلا وشرع فى تنفيذ برنامجه النهضوى المزعوم، ثم وهو على هذه الحال يجاهد ويعافر لينهض بالست مصر أثارت خطواته النهضوية حفيظة الست أمريكا، فراحت تشاغله وتناهضه وتشاغبه بنفسها أو بواسطة حليفها وذراعها الإسرائيلية.. ماذا عساه يفعل يا ترى فى هذا الموقف العصيب؟ هل يعادى الأمريكان ويمضى قدما فى مقاومة ضغوطهم والرد على مشاغباتهم ويتجاهل حقيقة أنه والد لاثنين من رعاياهم على الأقل (دعك من الأحفاد) أم سترتخى همته النهضوية وتلين عزيمته الرئاسية الاحتياطية ويضعف أمام عاطفة الأبوة ويَلم الدور بسرعة (دور «النهضة») ويذهب لينام قرير العين على السرير الرئاسى؟! ■ ■ كثيرون (منهم العبد لله) عارضوا واعترضوا بقوة على استدعاء الدكتور كمال الجنزورى من الماضى السحيق وتكليفه برئاسة الحكومة الحالية، وفى المقابل فإن إخوانا «الإخوان» وتوابعهم «السلفيين» عارضوا بعنف معارضتنا ودافعوا ببسالة وحرارة عن الدكتور وحكومته وكادوا يتحزمون ويرقصون علنا تحت قبة البرلمان وهم يتغزلون فى حسن وجمال «خراطيش» وزارة داخلية سيادته عندما كانت تعربد فى أبدان وعيون الشباب العزل.. لكن إخوانا هؤلاء، ومن دون سبب مفهوم أو معقول (ولا مشروع طبعا) انقلبوا فجأة على الرجل ويشنون عليه الآن حربا شعواء هوجاء لا يفوق غرابتها إلا غباوتها وبلادة وفجاجة التكتيكات المتبعة فيها، تلك التى كان آخرها تمرير قرار مكتب إرشاد «الجماعة» بتعليق عمل مجلس الشعب لمدة أسبوع، احتجاجا على استمرار حكومة الجنزورى وعدم قصف عمرها الذى لم يتبق منه سوى أسابيع قليلة!! ولست أشعر بأى خجل وأنا أعترف بأننى صرت متعاطفا جدا مع الدكتور كمال الجنزورى وأسجل على نفسى إقرارا صريحا بأن لحكومته الرشيدة إنجازا واحدا يكفى عندى لغفران ما تقدم من ذنوبها وما تأخر.. هل تسأل يا دكتور عن هذا الإنجاز؟ لقد أرحتنا لمدة أسبوع كامل من الدكتور «الكتاتنى» ومجلسه الموقر والست أغلبيته، فقد كان هؤلاء القوم على وشك أن يقتلونا ويفطسونا من الضحك (الأمرّ من البكاء) لولا إصرارك وعنادك وصلابتك فى رفض الابتزاز.. متشكرين جدا. نقلا عن جريدة التحرير .