بعد تعليق «مصر للطيران» الرحلات إلى الخليج.. ما الخطوات التي يجب على الركاب اتباعها؟    طلعت مصطفى تتصدر قائمة أقوى 100 شركة في مصر.. وتحصد جائزة المطور العقاري الأول لعام 2025    خامنئي بعد الهجوم على قاعدة العديد الأمريكية: لن نخضع لاعتداء من أيٍّ كان    باريس سان جيرمان يتقدم على سياتيل ساونديرز بهدف نظيف في الشوط الأول    «لا نخشى أحد».. مدرب الترجي يتحدى تشيلسي قبل جولة الحسم    محلل الأهلي السابق يكشف سبب خروج علي معلول من حسابات الأحمر    السرعة الزائدة السبب.. التحريات تكشف ملابسات انقلاب سيارة ميكروباص بأكتوبر    رامي جمال يستعد لطرح أغنية «روحي عليك بتنادي»    فرقة طنطا تقدم عرض الوهم على مسرح روض الفرج ضمن مهرجان فرق الأقاليم    وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان    الأردن والمفوضية الأوروبية يؤكدان أهمية العودة للمفاوضات لحماية المنطقة    على خلفية النزاع فى الشرق الأوسط.. أمريكا تعزز عمليات الإجلاء وتحذيرات السفر    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    مدبولي: الأحداث تتغير كل ساعة والحكومة تعمل على وضع سيناريوهات لمختلف التداعيات    اتحاد التأمين: ورشة إعادة التأمين توصى بالاستعانة بمؤشرات الإنذار المبكر في الاكتتاب    لاعب الهلال يقترب من الرحيل بعد المونديال    وزيرة التخطيط تُشارك في الاحتفال ب «اليوم الأولمبي» وتُكرم لاعبة مصر بعد فوز منتخب السيدات بالميدالية البرونزية    أسعار الأسهم بالبورصة المصرية اليوم الاثنين 23-6-2025    حادث مروع على طريق دمو بالفيوم يودي بحياة شاب ويصيب آخر بإصابات خطيرة    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص بالوادى الجديد    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    وزيرة البيئة تستقبل محافظ الوادي الجديد لبحث الاستثمار في تدوير المخلفات الزراعية    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    خبير: إيران فى مأزق الرد.. ونتنياهو يجرّ الشرق الأوسط إلى مواجهات خطيرة    أسامة عباس: أواظب على صلاة الفجر في موعدها ومقتنع بما قدمته من أعمال    نادى سينما الأوبرا يعرض فيلم أبو زعبل 89 على المسرح الصغير.. الأربعاء    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب    الرعاية الصحية تطلق الفيديو الخامس من حملة «دكتور شامل» لتسليط الضوء على خدماتها لغير المصريين    وزير الصحة يؤكد التزام مصر الكامل بدعم الجهود الصحية في إفريقيا    الكنيسة تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي زفتى وريف المحلة الكبرى    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    عبدالصادق يبحث تعزيز التعاون بين جامعتى القاهرة وشاندونغ الصينية - صور    سوكوف: رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% خطوة سياسية لا تكتيكية    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    انتهاء رفع أنقاض "عقار شبرا المنهار".. ولا ضحايا حتى الآن | فيديو وصور    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    وزير الخارجية الإيطالي يجري محادثات هاتفية مع نظيريه الإيراني والإسرائيلي    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    ديانج يعلق على مواجهة الأهلي وبورتو    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمل يدخلنى الجنة
نشر في الجمعة يوم 24 - 02 - 2013

عن معاذ رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت . ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا : تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ : يعلمون [ السجدة : 16 - 17 ] ، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا رسول الله ، فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا قلت : يا نبي الله ، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم ، أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم . رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح . الحاشية رقم: 1 [ ص: 135 ] هذا الحديث خرجه الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من رواية معمر عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن معاذ بن جبل ، وقال الترمذي : حسن صحيح . وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين : أحدهما : أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ ، وإن كان قد أدركه بالسن وكان معاذ بالشام ، وأبو وائل بالكوفة ، وما زال الأئمة - كأحمد وغيره - يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا ، وقد قال أبو حاتم الرازي في سماع أبي وائل من أبي الدرداء : قد أدركه ، وكان بالكوفة وأبو الدرداء بالشام ، يعني : أنه لم يصح له سماع منه . وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر ، أو نفوه ، فسماعه من معاذ أبعد . والثاني : أنه قد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ ، خرجه الإمام أحمد مختصرا ، قال الدارقطني : وهو أشبه بالصواب ؛ لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عليه فيه . قلت : رواية شهر عن معاذ مرسلة يقينا ، وشهر مختلف في توثيقه وتضعيفه ، وقد خرجه الإمام أحمد من رواية شهر عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ ، وخرجه الإمام أحمد أيضا من رواية عروة بن النزال أو النزال بن عروة ، وميمون بن أبي شبيب ، كلاهما عن معاذ ، ولم يسمع عروة ولا ميمون من معاذ ، وله طرق أخرى عن معاذ كلها ضعيفة . وقوله : " أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني عن النار " وقد تقدم في شرح الحديث الثاني والعشرين من وجوه ثابتة من حديث أبي هريرة وأبي أيوب [ ص: 136 ] وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مثل هذه المسألة ، وأجاب بنحو ما أجاب به في حديث معاذ . وفي رواية الإمام أحمد في حديث معاذ أنه قال : يا رسول الله ، إني أريد أن أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، قال : سل عما شئت ، قال : أخبرني بعمل يدخلني الجنة لا أسألك غيره ، وهذا يدل على شدة اهتمام معاذ رضي الله عنه بالأعمال الصالحة ، وفيه دليل على أن الأعمال سبب لدخول الجنة ، كما قال تعالى : وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون [ الزخرف : 72 ] . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله فالمراد - والله أعلم - أن العمل بنفسه لا يستحق به أحد الجنة لولا أن الله جعله - بفضله ورحمته - سببا لذلك والعمل بنفسه من رحمة الله وفضله على عبده ، فالجنة وأسبابها كل من فضل الله ورحمته . وقوله : لقد سألت عن عظيم قد سبق في شرح الحديث المشار إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله عن مثل هذا : لئن كنت أوجزت المسألة ، لقد أعظمت وأطولت ، وذلك لأن دخول الجنة والنجاة من النار أمر عظيم جدا ، ولأجله أنزل الله الكتب ، وأرسل الرسل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل : كيف تقول إذا صليت ؟ قال : أسأل الله الجنة ، وأعوذ به من النار ، ولا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، يشير إلى كثرة دعائهما واجتهادهما في المسألة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حولها ندندن وفي رواية : هل تصير دندنتي ودندنة معاذ إلا أن نسأل الله الجنة ، [ ص: 137 ] ونعوذ به من النار . وقوله : وإنه ليسير على من يسره الله عليه : إشارة إلى أن التوفيق كله بيد الله عز وجل ، فمن يسر الله عليه الهدى اهتدى ، ومن لم ييسره عليه ، لم ييسر له ذلك ؛ قال الله تعالى : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى [ الليل : 5 - 10 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الآية . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : واهدني ويسر الهدى لي ، وأخبر الله عن نبيه موسى عليه السلام أنه قال في دعائه : رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري [ طه : 25 - 26 ] ، وكان ابن عمر يدعو : اللهم يسرني لليسرى ، وجنبني العسرى . وقد سبق في شرح الحديث المشار إليه توجيه ترتيب دخول الجنة على [ ص: 138 ] الإتيان بأركان الإسلام الخمسة ، وهي : التوحيد ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج . الحاشية رقم: 1 [ ص: 135 ] هَذَا الْحَدِيثُ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَفِيمَا قَالَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ سَمَاعُ أَبِي وَائِلٍ مِنْ مُعَاذٍ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ بِالسِّنِّ وَكَانَ مُعَاذٌ بِالشَّامِ ، وَأَبُو وَائِلٍ بِالْكُوفَةِ ، وَمَا زَالَ الْأَئِمَّةُ - كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ - يَسْتَدِلُّونَ عَلَى انْتِفَاءِ السَّمَاعِ بِمِثْلِ هَذَا ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي سَمَاعِ أَبِي وَائِلٍ مِنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ : قَدْ أَدْرَكَهُ ، وَكَانَ بِالْكُوفَةِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ بِالشَّامِ ، يَعْنِي : أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ مِنْهُ . وَقَدْ حَكَى أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ تَوَقَّفُوا فِي سَمَاعِ أَبِي وَائِلٍ مِنْ عُمَرَ ، أَوْ نَفَوْهُ ، فَسَمَاعُهُ مِنْ مَعَاذٍ أَبْعَدُ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُخْتَصَرًا ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعْرُوفٌ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَلَيْهِ فِيهِ . قُلْتُ : رِوَايَةُ شَهْرٍ عَنْ مُعَاذٍ مُرْسَلَةٌ يَقِينًا ، وَشَهْرٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَوْثِيقِهِ وَتَضْعِيفِهِ ، وَقَدْ خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ شَهْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذٍ ، وَخَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ بْنِ النَّزَّالِ أَوِ النَّزَّالِ بْنِ عُرْوَةَ ، وَمَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ مُعَاذٍ ، وَلَمْ يَسْمَعْ عُرْوَةُ وَلَا مَيْمُونٌ مِنْ مُعَاذٍ ، وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى عَنْ مُعَاذٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ . وَقَوْلُهُ : " أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ وُجُوهٍ ثَابِتَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ [ ص: 136 ] وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَأَجَابَ بِنَحْوِ مَا أَجَابَ بِهِ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ . وَفِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ كَلِمَةٍ قَدْ أَمْرَضَتْنِي وَأَسْقَمَتْنِي وَأَحْزَنَتْنِي ، قَالَ : سَلْ عَمَّا شِئْتَ ، قَالَ : أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى شِدَّةِ اهْتِمَامِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ سَبَبٌ لِدُخُولِ الْجَنَّةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [ الزُّخْرُفِ : 72 ] . وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَنْ يَدْخَلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ فَالْمُرَادُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ أَحَدٌ الْجَنَّةَ لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ - بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ - سَبَبًا لِذَلِكَ وَالْعَمَلُ بِنَفْسِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ عَلَى عَبْدِهِ ، فَالْجَنَّةُ وَأَسْبَابُهَا كُلٌّ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ . وَقَوْلُهُ : لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ قَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا : لَئِنْ كُنْتَ أَوْجَزْتَ الْمَسْأَلَةَ ، لَقَدْ أَعْظَمْتَ وَأَطْوَلْتَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ أَمْرٌ عَظِيمٌ جِدًّا ، وَلِأَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ الْكُتُبَ ، وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ : كَيْفَ تَقُولُ إِذَا صَلَّيْتَ ؟ قَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ ، وَلَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ ، يُشِيرُ إِلَى كَثْرَةِ دُعَائِهِمَا وَاجْتِهَادِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ وَفِي رِوَايَةٍ : هَلْ تَصِيرُ دَنْدَنَتِي وَدَنْدَنَةُ مُعَاذٍ إِلَّا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ، [ ص: 137 ] وَنَعُوذُ بِهِ مِنَ النَّارِ . وَقَوْلُهُ : وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ : إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ التَّوْفِيقَ كُلَّهُ بِيَدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَنْ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْهُدَى اهْتَدَى ، وَمَنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ عَلَيْهِ ، لَمْ يُيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [ اللَّيْلِ : 5 - 10 ] ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ، ثُمَّ تَلَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ . وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ : وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ نَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ فِي دُعَائِهِ : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [ طه : 25 - 26 ] ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْعُو : اللَّهُمَّ يَسِّرْنِي لِلْيُسْرَى ، وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى . وَقَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ تَوْجِيهُ تَرْتِيبِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَلَى [ ص: 138 ] الْإِتْيَانِ بِأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةِ ، وَهِيَ : التَّوْحِيدُ ، وَالصَّلَاةُ ، وَالزَّكَاةُ ، وَالصِّيَامُ ، وَالْحَجُّ . الحاشية رقم: 1 [ ص: 135 ] هذا الحديث خرجه الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه من رواية معمر عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل ، عن معاذ بن جبل ،
وقال الترمذي : حسن صحيح . وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين : أحدهما : أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ ، وإن كان قد أدركه بالسن وكان معاذ بالشام ، وأبو وائل بالكوفة ، وما زال الأئمة - كأحمد وغيره - يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا ، وقد قال أبو حاتم الرازي في سماع أبي وائل من أبي الدرداء : قد أدركه ، وكان بالكوفة وأبو الدرداء بالشام ، يعني : أنه لم يصح له سماع منه . وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر ، أو نفوه ، فسماعه من معاذ أبعد . والثاني : أنه قد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود ، عن شهر بن حوشب ، عن معاذ ، خرجه الإمام أحمد مختصرا ، قال الدارقطني : وهو أشبه بالصواب ؛ لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عليه فيه . قلت : رواية شهر عن معاذ مرسلة يقينا ، وشهر مختلف في توثيقه وتضعيفه ، وقد خرجه الإمام أحمد من رواية شهر عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ ، وخرجه الإمام أحمد أيضا من رواية عروة بن النزال أو النزال بن عروة ، وميمون بن أبي شبيب ، كلاهما عن معاذ ، ولم يسمع عروة ولا ميمون من معاذ ، وله طرق أخرى عن معاذ كلها ضعيفة . وقوله : " أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني عن النار " وقد تقدم في شرح الحديث الثاني والعشرين من وجوه ثابتة من حديث أبي هريرة وأبي أيوب [ ص: 136 ] وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مثل هذه المسألة ، وأجاب بنحو ما أجاب به في حديث معاذ . وفي رواية الإمام أحمد في حديث معاذ أنه قال : يا رسول الله ، إني أريد أن أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني ، قال : سل عما شئت ، قال : أخبرني بعمل يدخلني الجنة لا أسألك غيره ، وهذا يدل على شدة اهتمام معاذ رضي الله عنه بالأعمال الصالحة ، وفيه دليل على أن الأعمال سبب لدخول الجنة ، كما قال تعالى : وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون [ الزخرف : 72 ] . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله فالمراد - والله أعلم - أن العمل بنفسه لا يستحق به أحد الجنة لولا أن الله جعله - بفضله ورحمته - سببا لذلك والعمل بنفسه من رحمة الله وفضله على عبده ، فالجنة وأسبابها كل من فضل الله ورحمته . وقوله : لقد سألت عن عظيم قد سبق في شرح الحديث المشار إليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل سأله عن مثل هذا : لئن كنت أوجزت المسألة ، لقد أعظمت وأطولت ، وذلك لأن دخول الجنة والنجاة من النار أمر عظيم جدا ، ولأجله أنزل الله الكتب ، وأرسل الرسل ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل : كيف تقول إذا صليت ؟ قال : أسأل الله الجنة ، وأعوذ به من النار ، ولا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، يشير إلى كثرة دعائهما واجتهادهما في المسألة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حولها ندندن وفي رواية : هل تصير دندنتي ودندنة معاذ إلا أن نسأل الله الجنة ، [ ص: 137 ] ونعوذ به من النار . وقوله : وإنه ليسير على من يسره الله عليه : إشارة إلى أن التوفيق كله بيد الله عز وجل ، فمن يسر الله عليه الهدى اهتدى ، ومن لم ييسره عليه ، لم ييسر له ذلك ؛ قال الله تعالى : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى [ الليل : 5 - 10 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : اعملوا فكل ميسر لما خلق له ، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الآية . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه : واهدني ويسر الهدى لي ، وأخبر الله عن نبيه موسى عليه السلام أنه قال في دعائه : رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري [ طه : 25 - 26 ] ، وكان ابن عمر يدعو : اللهم يسرني لليسرى ، وجنبني العسرى . وقد سبق في شرح الحديث المشار إليه توجيه ترتيب دخول الجنة على [ ص: 138 ] الإتيان بأركان الإسلام الخمسة ، وهي : التوحيد ، والصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.