أبدى مراقبون وسياسيون قلقهم من إجراء الانتخابات البرلمانية فى ظل الظروف الحالية التى تمر بها البلاد فى ظل تعسف المجلس العسكرى عقب البيان الذى ألقاه المشير حسين طنطاوى مساء أمس الثلاثاء من إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها وعدم تأجليها واستخدامه العنف المفرط لفض المظاهرات فى ميدان التحرير بالقوة والقنابل المسيلة للدموع.
وأكدت كريمة الحنفاوى القيادية بالحزب الاشتراكى المصرى قلقها من إجراء الانتخابات البرلمانية وقالت: لابد أن نعود دقيقة للوراء لأنه بعودة الشعب للميدان مرة أخرى لابد أن تسير الأمور فى نصابها الصحيح، بداية من عدم إجراء الانتخابات البرلمانية نهائيا، والدعوة لعمل مجلس رئاسى انتقالى وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى وجمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد تجرى بعدها الانتخابات الرئاسية تعقبها الانتخابات البرلمانية.
وأضافت كريمة أن المجلس العسكرى يسير على نفس خطى مبارك فى إدارته لشئون البلاد فى ظل إصراره على إجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، رغم الانفلات الأمني، ويكون بذلك راغبًا فى حكم البلاد، حيث سيكون البرلمان الجديد تحت قيادته مرة أخري، ومعه كل المؤسسات العاملة فى الدولة، ويتضح ذلك فى البيان الذى ألقاه المشير طنطاوى من حيث إصراره على الانتخابات أو إجراء استفتاء شعبى على وجوده، فهو فى تلك الحالة يبحث عن الشرعية بالاستفتاء، ولن يتخلى عن السلطة مدى الحياة، وفى حالة الانفلات الأمنى سيقوم بإصدار الأحكام العرفية، ولو أصر على الانتخابات فى تلك الحالة فعليه تأمين البلاد.
أما حسام عيسى أستاذ القانون فقال إن الأزمة الآن لا تكمن فقط فى إجراء الانتخابات من عدمه، فإجراء الانتخابات أمر مهم، لكن من الصعب تحقيق ذلك فى ظل الانفلات الأمنى الذى تمر به البلاد، مضيفا أن المشكلة تتمثل فى كيفية إجراء الانتخابات فى ظل عدم قدرة قوات الأمن على تأمينها، خاصة فى ظل التخوفات التى تشير الى إمكانية حدوث اشتباكات بين المواطنين والأمن، حيث وجود شروخ فى العلاقة بين الطرفين. ولفت عيسى إلى أن قطاعا كبيرا من المواطنين سوف يقاطعون الانتخابات خشيه إصابتهم بمكروه، مما سيؤثر سلبا على النتيجة، مضيفا أن إجراء الانتخابات فى ظل الظروف الراهنة سيصب بطريق مباشر فى مصلحة القوى الأكثر تنظيما سواء كانوا سلفيين أو إخوان مسلمين، والذين يصرون على اجراء الانتخابات فى موعدها.
بينما يرى الدكتور محمد أبو العلا نائب رئيس الحزب الناصرى إن الحل الوحيد للخروج من المأزق الحالى هو تأجيل الانتخابات البرلمانية لأن إجراءها سيؤدى إلى مهزلة، وسوف يدخل البلد فى نفق مظلم قد لا نستطيع الخروج منه، كما أضاف أن الحال لو بقى على هذا سوف يؤدى إلى وقوع البلد، مشيرا إلى أن كل ما يحدث الآن هو نتيجة تباطؤ المجلس العسكرى منذ انتهاء ثورة 25 يناير، كما أن القرارات التى اتخذت خلال تلك الفترة لم تعبر عن الثورة ولا مطالبها.
وأوضح أبو العلا أن ما يحدث حاليا هو نتيجة تصارع القوى السياسية والأحزاب خاصة الإسلامية من أجل الحصول على كعكة البرلمان، وأن الشباب تعملوا من الدرس الذى حدث بعد 11 فبراير، ولن يخرجوا من الميدان بدون وضع خارطة طريق واضحة المعالم وإقالة المجلس العسكرى وتشكيل مجلس رئاسى لإدارة شئون البلاد واتخاذ قرارات تبدأ بمحاسبة كل المتسببين فى إحداث التحرير.
وفى سياق متصل قال الدكتور مصطفى النجار رئيس حزب العدل إن الوضع الحالى فى غاية الخطورة ولابد من التعامل مع الأمر بموضوعية وعدم الاستهانة به، مشيرا إلى أن خطاب المجلس العسكرى الأخير محبط ومخيب لآمال الشباب الذين كانوا يتوقعون فى ذلك الخطاب تنحى المجلس العسكرى وترك السلطة لمجلس رئاسى أو حكومة إنقاذ وطني، موضحا ضرورة إجراء الانتخابات فى مواعيدها لأن ذلك بداية لنقل السلطة بطريقة شرعية إلى مجلس منتخب يحدد من يقود البلاد ويضع الدستور ويقوم بالمهام.
ويرى محمد الأشقر منسق حركة كفاية أن الواقع الذى تعيش فيه مصر الآن يقول إن الحالة الأمنية ميئوس منها، والتمسك بإجراء الانتخابات سيكون مردودة وخيمًا جدا على الشعب المصري، لذلك يجب التأجيل بدون إلغاء وليكن لمدة 6 أشهر مثلا، فالقضية ليست قضية مجلس عسكرى أو إخوان مسلمين ولكنها قضية وطن تتم تصفيته أو بمعنى أدق «ثورة تتم تصفيتها»، وأعتقد أنه إذا استمر المجلس العسكرى فى قراره بإجراء الانتخابات فإنه ينفذ الأجندة التى تحدثت عنها كونداليزا رايس التى تسمى بالفوضى الخلاقة، وعلى المجلس العسكرى أن يتحمل مسئولية إجراء الانتخابات فى تلك الأجواء بتأمينها بشكل كامل وهو الأمر الذى أشك فيه.
ويتفق أبو العز الحريرى القيادى بحزب التحالف الديمقراطى مع الأشقر مضيفا أنها ليست انتخابات حقيقية حيث لا يتوافر بها الشكل القانونى الصحيح أو الإجراءات الصحيحة، من ثم يجب التأجيل لمدة على الأقل شهرا، فهناك ضرورة لتعديل الدوائر الانتخابية والترشيح وتطبيق قانون العزل السياسى على مرشحى الفلول، بالإضافة إلى منح الفرصة أمام باقى المصريين فى الخارج للتسجيل فى اللجنة العليا للانتخابات، والأهم من كل ذلك أن الجميع على يقين أن إجراءات الانتخابات وما حدث فيها من تخبط شديد يؤدى الى بطلانها وعدم شرعية المجلس القادم، وأن أى قوانين أو دستور سوف يصدر ستكون كلها باطلة وتواجه عدم الدستورية، فلماذا التسرع فى إجراء الانتخابات خاصة أن البلاد لن تستفيد منها بشيء، والجميع يعلم من المستفيد من إجرائها فى هذا الوقت، وعلينا أن نعى أن القضية ليست قضية مكاسب حزب أو جماعة، ويجب أن ننظر لما تحتاجه مصر بشكل صحيح، فالجميع يرى الأحداث فى ميدان التحرير وطريقة التعامل الوحشى مع الثوار فكيف يأمن الشعب فى النزول إلى صناديق الانتخابات فى ظل الغياب الأمنى الرهيب فى الشارع المصري؟
ويضيف الحريري: أعتقد أن أغلبية الشعب سوف يرفضون النزول للادلاء بأصواتهم فى ظل تلك الأجواء، فإذا ما تمت الانتخابات لن ينزل سوى 15% ممن لهم حق التصويت، وبهذا يأتى مجلس لا يعبر عن 85% من الشعب حتى فى ظل توقيع غرامة 500 جنيه، والتى يعلم الجميع أنها غير دستورية. ويشير الحريرى إلى أن التأجيل فى مصلحة البلد بأكمله حتى لا ندخل فى دوامة البطلان وعدم الدستورية بالإضافة إلى الأحداث المتوقعة فى الانتخابات والتى لا يستطيع أحد أن يعلمها.. أما بالنسبة لموقف اللجنة القضائية العليا للانتخابات فقد أكد المستشار يسرى عبدالكريم رئيس المكتب الفنى للجنة العليا للانتخابات وعضو الأمانة العامة باللجنة أنه بعد الاجتماع مع المجلس العسكرى والداخلية قرروا إجراء الانتخابات فى موعدها، بعد الحصول على تعهدات بتأمين شامل وكامل للانتخابات، متمنيا أن تمر بسلام، أما بالنسبة لقانون العزل السياسى فأكد أن اللجنة ملتزمة بتنفيذه بعد صدور أحكام نهائية تدين المرشح