حمل الكنيسة مسئولية فتنة إمبابة ■ اتهم منى مكرم عبيد بأنها موتورة ومتطرفة من حقنا أن نصف وزير الإعلام أسامة هيكل بالطائفية، وأن نمنحه وساما على قدرته الخارقة فى حرق البلاد، وهى قدرة لم يكن ينافسه فيها سوى وزير الإعلام السابق أنس الفقي، الذى قاد إعلام مبارك خلال الأيام الأولى لثورة 25 يناير، وكان بحق مفتاح السر فى جريمة قتل المتظاهرين فى موقعة الجمل، وبعد أن غاب الفقى عن عيوننا لعدة أشهر، جاء خلفه هيكل، ليعيدنا إلى المربع رقم واحد. لم يتحمل «حكام» الفترة الانتقالية قدر الحرية الذى انتزعه المصريون بدماء شهدائهم، فقرروا أن نرجع بسرعة الصاروخ إلى الخلف، ولذلك جاء تعيين أسامة هيكل وزيرا للإعلام، رغم أن مؤهله الوحيد هو العمل كمراسل عسكرى لجريدة الوفد، قبل أن يرأس تحريرها، فالرجل الذى الذى ولد فى كفر سعد بمحافظة دمياط، وتخرج فى كلية العلوم، لم يضبط لمرة واحدة طوال دراسته الجامعية، مندسا فى ندوة سياسية، أو منضما إلى حزب يمينى أو يساري، أو مشاركا فى المظاهرات التى اشتعلت بها الجامعات المصرية بعد اغتيال الشهيد سليمان خاطر. كل من عرف أسامة هيكل قبل عمله فى جريدة الوفد، لم يذكر أن له اتجاهات سياسية، لكن الرجل الذى تؤهله شهادته الجامعية لأن يعمل مدرس كيمياء فى مدرسة، أو موظفا فى معمل تحاليل طبية، وجد نفسه بالصدفة يعمل فى جريدة الوفد، التى التحق بالعمل فى قسم الأخبار بها، فى نهاية الثمانينيات، قبل أن يتم اعتماده مراسلا عسكريا فى عام1991، ليرتاح من عناء العمل الصحفى الحقيقي، فطوال 20 عاما فى مهنة الصحافة، لم يقدم واقعة فساد واحدة. ربما يكون اللقب الذى يستحقه هيكل بجدارة عن إنجازاته فى موقعة ماسبيرو، التى راح ضحيتها 27 شهيدا، قتل بعضهم دهسا تحت عجلات المدرعات، أو بطلقات رصاص حية، أو بأيدى مواطنين شرفاء، ناشدهم «تليفزيون» هيكل النزول لحماية قواته المسلحة، هو «الوزير الطائفي»، فالحس الطائفى لديه يمكن تتبعه بسهولة منذ أن تولى رئاسة تحرير جريدة الوفد، مع زميله سليمان جودة. وفى بداية فبراير الماضي، بدأت التعبيرات الطائفية تنعكس على عناوين الجريدة العريقة، بدءًا من التحريض على خلع اللواء عماد ميخائيل من منصبه كمحافظ للمنيا، إلى توجيه الاتهام للكنيسة فى مقال بعنوان «حتى لا تضيع مصر»، بالمسئولية عن أحداث فتنة إمبابة، التى تم خلالها حرق كنيستين، كما حمل عبير فخرى وحدها مسؤولية تفجير الفتنة، ووجه هيكل فى مقاله عددا من الأسئلة التى القى بها الاتهام على الكنيسة وحدها فى أحداث فتنة إمبابة، وهى «هل يحق للكنيسة أن تحتجز شخصا؟ وهل تعيش بمعزل عن المجتمع؟ وهل تتعامل بالحكمة المطلوبة فى مثل هذه الأحداث؟».. ثم كرر هيكل الخطأ نفسه عندما أشار إلى تصرفات بعض المتطرفين الإسلاميين الذين تظاهروا أمام الكاتدرائية للمطالبة بتحرير «كاميليا»، محملا الكنيسة عبء استجلاء الحقيقة، والغريب أنه وجه الاتهام فيما بعد إلى الجاسوس الإسرائيلى إيلان تشاييم جرابيل بتأجيج الفتنة الطائفية. وواصل هيكل عناوينه التحريضية ضد الأقباط المعتصمين أمام ماسبيرو، بعد إحراق كنيستى إمبابة، حيث وضع على غلاف الجريدة عنوان «شباب الأقباط يواصلون الاعتصام أمام ماسبيرو، وتحته كتب عنوانا آخر، هو «استياء من دعوات التدخل الأجنبى فى شئون مصر»، ليربط القارئ ما بين الاعتصام والدعوات المزعومة للتدخل الأجنبي، وهو ما تبعه الاعتداء على المعتصمين من جانب عدد من البلطجية المدججين بالأسلحة النارية، وهو الاعتداء الذى نسبه هيكل إلى بائع شاى ومسجل خطر، وفى اليوم التالى مباشرة للاعتداء على المعتصمين، نشر عنوانا على الصفحة الأولى للوفد، هو «بلاغ للمجلس العسكرى والحكومة والنائب العام.. أقباط اختطفوا رغدة وعذبوها ووشموا الصليب على يدها»، وفى الصفحة الثالثة وضع عنوانا آخر لنفس التحقيق هو «فتاة مسلمة تروى للوفد مأساة اختطافها من أمام ماسبيرو»، و»رغدة: أقباط اختطفونى ووشموا الصليب فى يدى وأجبرونى على قراءة الترانيم»، ليتحول بذلك المعتصمون أمام ماسبيرو من ضحايا إلى جناة، فى تبرير واضح للاعتداء عليهم. والغريب أن الجريدة الصادرة عن أعرق الأحزاب الليبرالية فى مصر، استندت فى المحتوى المنشور عن قصة «رغدة»، على محضر شرطة لم تتدخل النيابة العامة بالتحقيق فيه، وعندما اعترضت منى مكرم عبيد حفيدة القيادى الوفدى الشهير، على ما وصفته ب»الإثارة» المتعمدة فى موضوع «رغدة»، وهو ما تم الرد عليه بتجميد عضويتها، ووقتها تقدم ثلاثة من اعضاء الحزب ببلاغ إلى المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، يتهمون فيه الدكتور السيد البدوى رئيس مجلس إدارة الجريدة، وأسامة هيكل وسليمان جودة رئيسى التحرير، بالتحريض على الانتقام من الأقباط، وإثارة الفتنة الطائفية، وتكدير السلم العام، ودفع مصر نحو حرب أهلية، كما تقدم عدد من أعضاء الوفد فى الفيوم باستقالات جماعية، احتجاجاً على نشر موضوع «رغدة»، واتهموا هيكل بإثارة الفتن الطائفية. وجاء رد هيكل أكثر تطرفا، عندما كتب مقالا بعنوان «دفاعا عن الوحدة الوطنية»، اتهم فيه الذين انتقدوا موضوع «رغدة»، ومن بينهم منى مكرم عبيد بارتكاب «مزايدات انطلقت من متطرف أو موتور»، وهو اتهام للحزب نفسه بأنه يضم فى عضويته متطرفين وموتورين، ووصل الأمر بهيكل فى نفس المقال، إلى اتهام عضو بمجلس نقابة الصحفيين، بأنه «محترف نضال وأقوال، لكنه شحيح المعرفة بعالم الصحافة»، وذلك ردا على وصف العضو للموضوع بأنه «جريمة مهنية وكلام مرسل