فكرة تخلي الرئيس عن سلطاته لنائبه التي قتلت كتابة وبحثا لم تكن تحمل الحقيقة كلها، حتي ما نشرناه الأسبوع الماضي ضمن وثائق رئاسة الجمهورية، فقد كانت تلك الاجهزة وهي ترفع المعلومات أولا بأول إلي مبارك غير مدركة أن في ميدان التحرير فصائل عديدة وشخصيات كثيرة كانت تساهم في تحريك الأحداث السريعة والمتوالية وليس الإخوان فقط. لكن الجزء الخفي من الحقيقة أو الذي لم نكن علي علم به، اطلعنا عليه الدكتور ضياء رشوان -مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام -الذي أكد أن ما نشر بالعدد الماضي كان صحيحا ودقيقا، فقد كانت فكرة اللجوء للمادة 139 من الدستور كجزء من الحل لخروج مبارك من السلطة هي وليدة افكاره، لكنه لم يقابل نائب الرئيس وقتها اللواء عمر سليمان وأنه قام بالاتصال بالزميل مصطفي بكري والاعلامي عبداللطيف المناوي رئيس قطاع الاخبار بالتليفزيون وقتها الذي تربطه به علاقة صداقة قديمة. طلب رشوان من بكري أولا ثم من المناوي بعده أن ينقل لعمر سليمان فكرة نقل الاختصاصات من الرئيس اليه علي أن يترك مبارك الحزب الوطني فورا، فوافق الاثنان علي نقل الرسالة إلي سليمان، كما جرت مناقشة الفكرة مع عمرو هاشم ربيع الباحث بالمركز، فقال الاخير انه سيظهر في لقاء تليفزيوني وسيعرض الفكرة علي الرأي العام، وفي هذا اللقاء دخل بكري عبر مكالمة تليفونية في اللقاء وقال إنه عرض علي سليمان الفكرة فقرر الأخير عقد اجتماع مع بكري وآخرين. رشوان أكد لنا أنه لم يعرف ردا علي رسالة بكري إليه عبر هذه المداخلة التليفونية والتي صادف أنه كان يتابع هذا البرنامج، فاتصل ب «بكري» وعرف منه أن هناك دعوة من سليمان يحملها له وإلي آخرين للجلوس مع سليمان لمناقشة الأمر، ثم اتصل به المناوي وأكد نفس الرسالة، لكن رشوان سأله هل الاجتماع للتفاوض أم للحوار حول الفكرة، فرد المناوي أن الاجتماع للحوار ومناقشة الفكرة فقط، فرد رشوان وقال إذا سنجلس تحت عنوان حوار حول سيناريو خروج مبارك، مؤكدا إنه لا يمثل إلا نفسه. وما إن أغلق رشوان الهاتف حتي قام باجراء عدة اتصالات بشخصيات عديدة، لمشاورتهم في الأمر، مثل حمدين صباحي وأسامة الغزإلي حرب وأيمن نور ومحمد مرسي وأبوالعلا ماضي وجورج إسحاق وعبدالرحمن يوسف وشخصيات من الجمعية الوطنية للتغيير.. أغلب من تحدث إليهم رشوان كانت اجابتهم لا مانع من إجراء حوار في حين أن مرسي طلب الرجوع إلي مكتب الإرشاد، لكن كل هذه المحاولات ذهبت أدراج الرياح بعد أن خرج الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء وقتها بتصريح رسمي يقول فيه إن فكرة اللجوء إلي المادة 139 من الدستور، غير قابلة للتطبيق ورفض الأمر، ثم خرج سليمان وقال تصريحه الشهير إما القبول بتعديلات مبارك وأما مواجهة انقلاب عسكري.. هنا ادرك رشوان أن الأمر ليس كما كان يعتقد، فقام بالاتصال بكل من سبق وأن شاورهم وأخبر الجميع أن الأمر توقف علي الأقل من ناحيته، وبالتالي لم يلتق بعمر سليمان ولم يدخل مكتبه علي الاطلاق، وأن المرة الوحيدة التي شاهد فيها سليمان عن قرب، كانت منذ سنوات بعيدة في فرح أحد الأصدقاء المشتركين، وكانت في فندق سميراميس وحضرها ايضا المشير طنطاوي