حين يتحول العلاج إلى خطر في غرفة ضيقة بمستشفى "مركز خاص" ببني سويف، كانت "سارة" (27 عامًا) تستيقظ ببطء بعد يومين في العناية المركزة. لم يصدّق أهلها أن كبسولات التخسيس التي اشترتها من صفحة شهيرة على فيسبوك يمكن أن تدمّر عضلة القلب خلال أسبوعين فقط. حين سأل الطبيب عن مصدر الكبسولات، قالت الأم إن ابنتها طلبتها عبر الإنترنت. صمت الطبيب قليلًا، ثم قال: "دي مش أول حالة... وبنستقبل زيها كل أسبوع تقريبًا." بعض الصفحات لتكبير الخدود ما حدث لسارة هو "النتيجة الطبيعية" – على حد وصف أحد الأطباء – لفوضى تتسع داخل محافظة بني سويف، حيث أصبحت صفحات مجهولة على فيسبوك وتليجرام وسناب شات تبيع أدوية، مكملات، مراهم، منشطات جنسية، وأدوية هرمونية... دون أدنى رقابة. حبوب النحافة مجهولة المصدر الضحايا – الوجه الإنساني للفوضى 1. سارة... رحلة تخسيس انتهت داخل العناية المركزة "سارة" اشترت المنتج ب 250 جنيهًا بعد رؤية عشرات الفيديوهات المزيفة التي تزعم أنه "آمن ومرخص". بعد أسبوعين: ضيق تنفس، خفقان، ضعف حاد. التشخيص: مادة محظورة دوليًا تسبب اضطرابًا كهربائيًا في القلب. تقول سارة: "الصفحة عليها 50 ألف متابع... افتكرتها موثوقة."
2. أحمد... مرهم للمفاصل تسبب بحروق جلدية أحمد (41 عامًا) من بندر بني سويف اشترى مرهمًا ب 120 جنيهًا. بعد 3 أيام ظهرت حروق، واتضح أن المادة المستخدمة "مهيّجة شديدة". يقول الطبيب المعالج: "المنتج ده بيتصنع غالبًا في شقق... مفيش مصدر معروف." 3. ربة منزل في ببا... فيتامينات للأطفال بتاريخ مزور الطامة الكبرى أنها اشترت مجموعة فيتامينات "مستوردة" ب 180 جنيهًا. بعد وصولها، اكتشفت أن تاريخ الصلاحية ملصوق فوق التاريخ الأصلي. تقول: "كلمتهم... قالولي دا خطأ مطبعة!"
4. حالة وفاة غير مُعلنة – تحقيقات داخلية خلال عمل التحقيق، تحدثنا مع طبيب طوارئ في بني سويف – فضّل عدم ذكر اسمه – قال: "استقبلنا حالة منذ أشهر اشتبهنا أن الوفاة بسبب دواء مشتراه من الإنترنت... لكن لم يعلن عنها رسميًا."
خرّيجة كلية التجارة التي تبيع الدواء كيف تدار هذه الصفحات؟ من خلال تتبع 67 صفحة، اكتشف التحقيق أن بعضها يُدار من: شباب بلا علاقة بالطب "إنفلونسرز" تجار أدوات تجميل عاملين في شركات شحن فتيات يعملن في التسويق بالعمولة إحدى الصفحات الكبيرة في بني سويف تدار من فتاة 22 عامًا خريجة كلية تجارة، تبيع: أدوية ضغط أدوية لزيادة الوزن فيتامينات أطفال مراهم للجلد منشطات جنسية حين سألناها – عبر دردشة مزيفة – عن مصدر المنتجات، قالت: "إحنا وكلاء... المنتجات كلها أصلية." لكنها رفضت إرسال صورة الترخيص.
كيف تنتشر الشبكة؟ (تحليل بيانات استقصائي) 1. عينة التحقيق (67 صفحة + 8 مجموعات مغلقة) تم تحليل: 42 صفحة مكملات 17 صفحة أدوية 8 مجموعات للاتجار بالجملة 2. نمط النشر النتائج: الإعلانات الممولة تستهدف سيدات 18 – 35 عامًا أكثر المراكز استهدافًا: بني سويف – الواسطي – ببا – الفشن أوقات النشر: 9 صباحًا – 2 ظهرًا – 8 مساءً 95% من الصفحات تستخدم صور "قبل وبعد" مزيفة تواصل مع بعض الصفحات 3. الأسعار مكملات التخسيس: 180–350 جنيه منشطات جنسية: 40–200 جنيه بروتينات بناء العضلات: 200–450 جنيه فيتامينات أطفال: 60–150 جنيه أدوية ضغط وسكر: 20–60 جنيه 4. طرق التسليم مندوب مجهول لا يوجد عنوان ثابت الدفع "كاش عند الاستلام" 5. تزييف الثقة استخدام شعار "هيئة الدواء المصرية" فواتير مطبوعة على ورق A4 شهادات مزيفة من "مراكز تغذية" غير موجودة أكواد QR لا تعمل
الصيادلة... "نخسر المرضى أمام صفحات الأشباح" 1. د. إسلام – بندر بني سويف "الناس بتصدق الإعلان... وبعد كده يجولنا بعواقب خطيرة."
2. د. منى – شرق النيل "بيبيعوا مضادات حيوية وكورتيزون... بصراحة الوضع كارثي."
3. د. حسام – الفشن "معظم المنتجات أرخص من الصيدليات... لأن مفيش ضرائب ولا رقابة ولا ضمير."
4. أدوية "تحت السلم" قال أحد الصيادلة: "في مخازن سرية في القاهرة والمنيا والجيزة بتضخ منتجات رديئة بتغرق السوق."
القانون الجديد... هل يكفي؟ ما قبل القانون لم يكن هناك نص واضح يعاقب الصفحات الإلكترونية، لذلك: صعب ضبطها لا يوجد عنوان لا يوجد سجل تجاري لا يوجد جهة معلنة ما بعد القانون (التشريع الجديد) يقول المستشار القانوني: "القانون الجديد رادع... أول مرة يتم تجريم الصفحة نفسها."
أهم المواد: ترخيص رسمي للصيدليات الإلكترونية حبس للصفحات المجهولة تجريم تخزين الدواء خارج الصيدليات ملاحقة الإعلانات الممولة سلطة لوزارة الصحة بحجب الصفحات لكن... أين التحديات؟ الصفحات تنتقل بين حسابات خلال دقائق بعضها يُدار من خارج مصر الجمهور لا يقرأ التحذيرات صعوبة ملاحقة مجموعات تليجرام المغلقة
التحقيق الميداني رحلة داخل السوق الخفي 1. جولة في شوارع بني سويف في جولة ميدانية لشارع حارث وحي الرمد وكورنيش النيل: تم رصد مندوبين يسلمون "أدوية" داخل أكياس بلاستيكية سوداء لا فواتير لا أسماء تجارية فقط عبارة: "أي مشكلة اتصل." 2. زيارة لصيدلية في ببا أكد الصيادلة أن الحالات المتضررة "تتكرر أسبوعيًا". 3. تجارب شراء قام التحقيق بشراء 3 منتجات: 1. كبسولات تخسيس: رائحة غريبة – لا يوجد رقم تسجيل دواء 2. مرهم مفاصل: ملصق مطبوع منزليًا 3. فيتامينات: تاريخ صلاحية ملصوق
بفحص مبدئي لدى صيدلي، أكد أن المنتجات "غير مطابقة لأي مواصفات طبية". من المسؤول؟ المسؤولية موزعة بين: وعي المواطن المنخفض غياب التشريعات السابقة بطء الرقابة الإعلانات الممولة التي تتجاوز الحظر تجار "المكملات" غير المرخصين
الخاتمة – "الدواء ليس سلعة... والإنترنت ليس صيدلية" سوق الأدوية عبر الإنترنت في بني سويف أخطر مما يبدو. خلف كل إعلان ملون على فيسبوك، قد توجد مادة مسرطنة، أو دواء فاسد، أو منشط جنسي مقلد، أو هرمون مجهول. الضحايا كثيرون، لكنهم صامتون. والقانون الجديد خطوة مهمة، لكنه لن يكفي وحده. الحل يبدأ من المواطن: لا تشتري دواءً لا يحمل اسم صيدلية حقيقية. لا تصدّق الصفحات... حياتك ليست إعلانًا ممولًا.