يُعاني الاتحاد السكندري من واحدة من أصعب فتراته في الدوري الممتاز، وسط تراجع نتائجه بشكل كبير وتزايد قلق جماهيره العاشقة للنادي العريق، رمز الكرة السكندرية وواجهة المدينة الرياضية. ويحتل الفريق المركز العشرين في جدول الترتيب برصيد 8 نقاط فقط، متساويًا مع متذيل الجدول، في مركز لا يليق بتاريخ زعيم الثغر ومكانته بين أندية الدوري المصري. وشهد النادي خلال الفترة الماضية رحيل محمد مصيلحي عن رئاسة الاتحاد بعد مشوار طويل داخل أروقة زعيم الثغر. ورغم الانتقادات التي وُجهت لمجلسه بسبب تراجع النتائج، إلا أنه نجح في الحفاظ على قدر من الاستقرار وسط ظروف مالية صعبة. وبعد رحيله، تولى محمد أحمد سلامة رئاسة النادي في محاولة لإعادة ترتيب البيت من الداخل واستعادة التوازن. رموز الاتحاد يتحدثون عن الأزمة قال أسطورة الاتحاد الكابتن محمد عمر في تصريحات خاصة ل "الفجر الرياضي"، إن الأزمة تنقسم إلى شقين؛ الأول يتمثل في ارتفاع أسعار اللاعبين في كرة القدم والسلة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن ارتفاع الأسعار شكّل أزمة حقيقية وأثّر بالسلب على نادٍ محدود الموارد مثل الاتحاد. وأشار إلى أن الرئيس السابق محمد مصيلحي حافظ على استقرار النادي ونجح في التصدي لكافة الأزمات التي واجهته خلال فترة رئاسته، والدليل أن زعيم الثغر لم يتعرض لأي إيقاف قيد. أما الشق الثاني، فهو استقالة مصيلحي ونائبه أحمد عبدالمجيد قبل انطلاق الموسم، ما أثّر على النشاط الرياضي، خصوصًا فريق الكرة الذي واجه صعوبات بعد رحيل عدد كبير من اللاعبين والتعاقد مع مدير فني جديد هو أحمد سامي، الأمر الذي تطلّب وقتًا للانسجام وتسبب في تذبذب النتائج. وأكد عمر أنه لا يشعر بالقلق تجاه مستقبل نادي الاتحاد، مشيدًا بالمجلس الجديد برئاسة محمد أحمد سلامة، واصفًا إياه بأنه تحمّل المسؤولية في لحظة حرجة بشجاعة يحترمها كل من ينتمي إلى زعيم الثغر، مطالبًا كل عضو في المجلس بتقديم رؤية واضحة لتطوير موارد النادي بما يضمن له استقرارًا ماديًا ويساعد على بناء فريق قوي قادر على المنافسة وتحقيق طموحات الجماهير. وعن تأثير المال الرياضي على الأندية الشعبية، قال عمر: "نعم، أثّر بالتأكيد، لكن الرياضة أصبحت استثمارًا، وحتى الأندية الشعبية تُدار اليوم عبر شركات تابعة لها". نصار: الأندية الشعبية مهددة بالاندثار وقال نجم الاتحاد في السبعينات رزق نصار في تصريحات خاصة ل "الفجر الرياضي"، إن أزمة النادي الحالية ترجع إلى غياب أبناء النادي والاعتماد على عناصر من الخارج، بجانب إنفاق غير مجدٍ على قطاع الناشئين. وأشار إلى أن الوكلاء وأندية المؤسسات باتوا يسيطرون على الرياضة حتى أصبحت الأندية الشعبية مهددة بالاندثار، مؤكدًا أن الحل يكمن في الاعتماد على أبناء النادي المخلصين ودعم قطاع الناشئين لإعادة مكانة الاتحاد، متمنيًا التوفيق للمجلس الجديد في تجاوز الأزمة. الأدهم: اللاعبون بلا غيرة على القميص أما عاشور الأدهم، لاعب الاتحاد السكندري السابق، فقال في تصريحات خاصة ل "الفجر الرياضي"، إن رحيل محمد مصيلحي يُعد أحد أبرز أسباب الأزمة التي يعيشها زعيم الثغر، مؤكدًا أنه من أكثر الشخصيات إخلاصًا وانتماءً للنادي. وأوضح الأدهم أن الفريق الحالي يفتقد روح الغيرة والانتماء، مشيرًا إلى أن اللاعبين يتقاضون مستحقاتهم كاملة، لكن دون حماس أو دافع كما كان في السابق. وأضاف أن المال الرياضي ليس هو السبب الحقيقي، فهناك لاعبون في أندية مثل بتروجيت ودجلة يظهرون غيرة وحماسًا رغم تواضع رواتبهم، مقارنةً بلاعبي الاتحاد الذين يحصلون على أجور أكبر بكثير. وشدد الأدهم على أن الحل يكمن في أن يتحمل اللاعبون مسؤولياتهم ويُقدّروا قيمة النادي وتاريخه، مشيدًا في الوقت نفسه بمجلس إدارة محمد أحمد سلامة، واصفًا إياه بأنه مجلس جدير بالثقة جاء بترشيح من محمد مصيلحي. مشجع قديم: غياب التخطيط السبب وقال عم خميس محمد، أحد مشجعي الاتحاد منذ السبعينات، إن تدهور النادي سببه غياب التخطيط والاعتماد على أشخاص بعينهم لحل الأزمات، بجانب التعاقد مع لاعبين دون المستوى وعدم منح أبناء الإسكندرية والناشئين الفرصة كما كان يحدث في الماضي. وأكد أن المال الرياضي وأندية المؤسسات سيطروا على المشهد، ما أدى إلى تهميش الأندية الجماهيرية التي كانت تمثل روح كرة القدم في مصر. أزمات مالية وفنية متراكمة تشير تقارير مالية إلى أن الاتحاد السكندري يواجه ديونًا تقترب من 300 مليون جنيه، ما يعكس حجم الأزمات الإدارية والمالية التي تهدد استقراره. وبدأ الاتحاد الموسم الحالي تحت قيادة المدرب أحمد سامي، الذي حاول بناء فريق قادر على المنافسة، لكن التعاقدات لم تكن على قدر الطموح، إذ ضم النادي نحو عشرة لاعبين، بعضهم مغمور والآخر بعيد تمامًا عن مستواه، وهو ما جعل الأداء يتأرجح منذ الأسابيع الأولى. وعانى الاتحاد من تراجع واضح هذا الموسم، ما أدى إلى رحيل أحمد سامي بعد البداية السيئة، ليتولى تامر مصطفى المسؤولية الفنية خلفًا له، غير أن الحال ظل كما هو دون تحسن يُذكر، لتستمر معاناة جماهير زعيم الثغر. أبناء الإسكندرية.. الأمل الأخير لحماية هوية زعيم الثغر ويرى كثيرون أن الحل يكمن في الاعتماد على أبناء الإسكندرية من أصحاب الانتماء والخبرة، مثل محمد عمر وطارق العشري وأيمن المزين، الذين يعرفون قيمة زعيم الثغر وقادرون على إعادة الروح للنادي من جديد. وتراجعت الأندية الشعبية منذ مطلع الألفينات مع صعود أندية الشركات والمؤسسات صاحبة الإمكانيات المالية، فيما عانت الأندية الجماهيرية من ضعف الدعم، لتفقد الكرة المصرية جزءًا من روحها الحقيقية، لأن كرة القدم للجمهور قبل المال. ويبقى الاتحاد السكندري رمزًا لهوية الإسكندرية ونبض جماهيرها الوفيّة، ما يدفع الأصوات للمطالبة بدعم وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي للأندية الشعبية، للحفاظ على توازن المنافسة واستمر روح الكرة الجماهيرية في مصر.