مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يقصد ومقصود لم يفهم فاجعل كلمتك بسيطة حتى يفهم مقصدها. يحكى أن رجلًا دخل إلى مملكة وراح يتجول في شوارعها وهو ينادي أنه رجل سياسي يحل كل المشاكل ويصالح بين المتخاصمين. سمع الملك نداءه وطلبه إلى مجلسه قال له الملك أنت سايس تربي الخيول عندي فرس عنيدة أريدك أن تسوسها وتدربها. فقال الرجل يا مولاي أنا سياسي ولست سائسًا وليست حرفتي تربية الخيول فقال الملك هذا أمر اذهب واعتن بفرسي وإلا قتلتك. فقال الرجل مذعورًا حاضر يا سيدي أمر الملك أن تُقدَّم له وجبتان من الرز والحساء في الغداء والعشاء. باشر الرجل تربية الفرس أيامًا ثم هرب فقبض عليه حرس الملك وقدموه له قال الملك لماذا هربت هل وجدت في فرسي عيبًا جعلك تهرب من تربيتها قال الرجل سأخبرك عن عيب فرسك ولكن امنحني الأمان. قال الملك منحتك الأمان ما عيب فرسي قال الرجل فرسك أصيلة لكنها لم ترضع من حليب أمها. غضب الملك من كلامه واتهمه بالكذب وزج به في السجن ثم أمر بإحضار السايس السابق وسأله من أين رضعت الفرس وإلا قطعت عنقك. فقال السايس عندما ولدت فرسك ماتت أمها فلم أجد لها حليبًا سوى بقرة كانت في الحظيرة وخفت من بطشك فأخفيت الخبر. أمر الملك بإحضار الرجل من سجنه وسأله كيف عرفت أن فرسي لم ترضع من أمها. قال الرجل الفرس الأصيلة لا تبحث عن الكلأ والعشب بل يأتيها وهي رافعة رأسها أما فرسك فكانت تبحث عن طعامها مطأطأة الرأس مثل البقر. أُعجب الملك بفراسة الرجل وجعله مستشارًا لزوجته الملكة رفض الرجل لكن الملك هدده بالقتل فقبل ثم أمر الملك بتزويد وجبة السايس بدجاجتين في الغداء والعشاء اشتغل الرجل مع الملكة أيامًا ثم هرب فألقي القبض عليه قال الملك ماذا وجدت في الملكة حتى هربت قال الرجل وهل ستمنحني الأمان قال الملك نعم قال الرجل زوجتك ملكة لكنها ليست ابنة ملوك كما تظن. غضب الملك ووضع الرجل في السجن ثم سافر إلى حماه والد زوجته في المملكة المجاورة. وعندما اختلى به وضع السيف على رقبته وقال له أخبرني ما حقيقة نسب ابنتك. قال له حماه نعم هي ليست ابنتنا من صلبنا كانت عندي ابنة عمرها عامان ماتت مريضة وكنت قد اتفقت مع والدك على تزويجها لك عندما تكبر وعندما ماتت أحضرت طفلة من الغجر وربيتها على أنها ابنتي وزوجتها لك عاد الملك إلى مملكته ثم أخرج الرجل من السجن وسأله كيف علمت بأصل زوجتي قال الرجل من طباع الغجر أنهم يغمزون حين يتكلمون وزوجتك كثيرة الغمز في الحديث. زاد إعجاب الملك بالرجل وقرر تعيينه خادمًا لأمه رفض الرجل لكن الملك هدده بالقتل فقبل وأمر الملك أن توضع له خروفان يوميًا في الغداء والعشاء وبعد أيام هرب الرجل مرة أخرى فأحضره الحرس. قال الملك ماذا وجدت من أمنا قال الرجل وهل ستمنحني الأمان قال الملك نعم قل ما عندك قال الرجل أنت لست ابن والدك الملك. غضب الملك وأودع الرجل السجن ثم ذهب إلى والدته وسألها هل أنا ابن الملك حاولت الملكة التهرب ثم قالت الحقيقة قالت زوجي الملك كان عقيمًا وكان يتزوج في كل عام من بنت من المملكة فإذا لم تنجب يذبحها بعد تسعة أشهر حتى سمع بي وتزوجني بعد أن فرض علي الطلاق من زوجي السابق الذي كان طباخًا للقصر لكن الملك لم يكن يعلم أنني كنت حاملًا منه فأنجبتك. عاد الملك إلى القصر وأمر بإحضار الرجل وقال له تبا لك كيف عرفت سرًا كهذا فقال الرجل الملوك لا يكافئون بالطعام وأنت كل مكافآتك لي كانت تزويد طعامي والطباخون هم من يُكافأون بالأكل وليس الملوك. الرسالة أقول كلماتي وأحكي هذه القصة لكل من تسول له نفسه الحديث عن مصر فمصر أصيلة بحضارتها مصر أصيلة بعراقتها مصر أصيلة بشعبها وقبل أن تتحدث عنها ابحث عن أصلك وابحث عن هويتك وابحث عن حضارتك قبل أن يقابلك الطوفان. مقصودة ومن عندياتي ولكم مني تحياتي. قرمشة مدحت السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنها أهل مصر فقالت يا أهل مصر نصرتمونا نصركم الله وآويتمونا آواكم الله وأعنتمونا أعانكم الله وجعل الله لكم من كل ضيق مخرجًا ومن كل هم فرجًا فأقام لها أهل مصر مقامًا كبيرًا في قلوبهم فهم أهل الوفاء وأهل الأصل وأهل الفهم العميق لما تعنيه كلمة مصر. إلى اللقاء..