في خطوة تعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الصراع الأخير في غزة، بدأ مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، مناقشات موسعة حول مشروع قرار أمريكي يهدف إلى دعم خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في قطاع غزة، والتي تتضمن تشكيل قوة دولية قوامها نحو 20 ألف جندي لتثبيت الاستقرار في القطاع، ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية المسلحة. يأتي المشروع في ظل هدنة هشة قائمة منذ شهر بين إسرائيل وحركة حماس، بعد حرب استمرت قرابة عامين، وسط تساؤلات كثيرة حول أهداف الخطة، وحدود دور القوة الدولية، ومدى قدرة مجلس الأمن على ضمان ألا تتحول هذه القوة إلى إدارة فعلية للقطاع. تفاصيل مشروع القرار الأمريكي ووفقًا لما نقلته وكالة "رويترز"، فقد وزعت الولاياتالمتحدة رسميًا مشروع القرار على أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، موضحة أنه يحظى بدعم من عدد من الدول الإقليمية. مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن المفاوضات تهدف إلى منح تفويض لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي تتولى إدارة غزة، بالتوازي مع نشر قوة دولية مؤقتة تعمل على حفظ الأمن ونزع السلاح وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن المفاوضات تهدف إلى منح تفويض لمدة عامين لهيئة حكم انتقالي تتولى إدارة غزة، بالتوازي مع نشر قوة دولية مؤقتة تعمل على حفظ الأمن ونزع السلاح. وأضاف المسؤول: "كلما تحركنا أسرع كان ذلك أفضل.. نحن نتحدث عن أسابيع وليس أشهرًا"، مؤكدًا أن الخطة تمثل "أقرب فرصة حقيقية لتحقيق السلام في غزة منذ سنوات". ويحتاج القرار إلى تسعة أصوات مؤيدة على الأقل لاعتماده، بشرط ألا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية (الولاياتالمتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا) حق النقض (الفيتو). تفويض واسع وصلاحيات مفتوحة ينص مشروع القرار على أن القوة الدولية المؤقتة ستتمتع بصلاحيات استخدام جميع التدابير اللازمة، وهي عبارة تحمل دلالات واسعة في لغة الأممالمتحدة، إذ تمنح القوات حق استخدام القوة المسلحة عند الضرورة. وستتولى القوة حماية المدنيين وتأمين عمليات الإغاثة الإنسانية، إضافة إلى تأمين الحدود مع إسرائيل ومصر، بالتعاون مع قوة شرطة فلسطينية خضعت مؤخرًا لبرامج تدريب وتمحيص دولية. كما تتضمن مهام القوة نزع سلاح حماس والجماعات المسلحة ومنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية، في إطار مسعى لتثبيت وقف إطلاق النار القائم منذ شهر. لكن هذه الصلاحيات الواسعة أثارت قلق مراقبين، الذين يرون أنها قد تُستخدم لتبرير تدخلات عسكرية مباشرة، أو لتوسيع المهام بما يتجاوز مجرد حفظ الأمن قوة دولية إلى غزة.. تفاصيل مشروع القرار الأمريكي بمجلس الأمن a href="/5247035" title="" غزة"="" واقتراح="" أمريكي="" مثير="" للجدل..="" الأرض="" الفلسطينية="" تواجه="" مخاطر="" التدخل="" الدولي="" بحجة="" الحماية..="" ما="" القصة؟"="" "غزة" واقتراح أمريكي مثير للجدل.. الأرض الفلسطينية تواجه مخاطر التدخل الدولي بحجة الحماية.. ما القصة؟ قوام القوة ومشاركة الدول حسب مسؤول أمريكي رفيع، سيبلغ قوام القوة الدولية نحو 20 ألف جندي، دون مشاركة أمريكية مباشرة على الأرض. وأوضح أن إدارة ترامب بدأت مشاورات مع عدد من الدول الإسلامية والإقليمية للمساهمة في القوة، مؤكدًا أن "الخيار المفضل هو أن تعمل القوة تحت تفويض من الأممالمتحدة". وأشار المصدر إلى أن إسرائيل رفضت مشاركة قوات تركية ضمن القوة الدولية، لكنها لم تستبعد مساهمات من دول عربية أو آسيوية أخرى، في وقت تسعى فيه واشنطن لضمان مشاركة أطراف تُعتبر "محايدة نسبيًا" في الصراع. خطة ترامب.. من الهدنة إلى الحكم الانتقالي كانت إسرائيل وحماس قد وافقتا الشهر الماضي على المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة، والتي شملت وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. ويؤكد نص المشروع أن هذه الخطة تمثل "الفرصة الأخيرة لتثبيت الاستقرار وإطلاق مسار سياسي دائم". وقال المسؤول الأمريكي: "وقف إطلاق النار صامد لكنه هش، وهذا اختبار حقيقي للأمم المتحدة في إثبات قدرتها على دعم الاستقرار في غزة". وتتضمن بنود الخطة إنشاء مجلس حكم انتقالي مدني تحت إشراف أممي، يتولى إدارة الشؤون الداخلية للقطاع خلال عامين، تمهيدًا لتسليم السلطة إلى إدارة فلسطينية منتخبة. خطة مهام القوة الدولية المقترحة المهمة الجهة المنفذة المدة التقديرية نزع السلاح وتأمين الحدود القوة الدولية بالتعاون مع الشرطة الفلسطينية عام واحد حماية المدنيين والإغاثة بعثات إنسانية بإشراف أممي مستمر طوال التفويض إدارة الحكم الانتقالي مجلس مدني مؤقت تحت إشراف الأممالمتحدة عامان مراقبة تنفيذ خطة السلام لجنة مشتركة (أمريكية – أممية – إقليمية) حتى استقرار الوضع الأمني تخوفات حول التفويض والرقابة ورغم أن مشروع القرار يتحدث عن تفويض مؤقت لمدة عامين، إلا أن غياب آلية واضحة للانسحاب أو إنهاء المهمة يثير المخاوف من تحوّل الوجود الدولي في غزة إلى إقامة طويلة الأمد. فالنص لا يحدد ما سيحدث بعد انتهاء المدة: هل يُجدّد التفويض تلقائيًا؟ هل تُجري الأممالمتحدة تقييمًا؟ أم تُترك المسألة لتقديرات سياسية جديدة؟ هذه الثغرة الزمنية تعيد للأذهان تجارب دولية مشابهة، مثل قوات الأممالمتحدة في لبنان (يونيفيل) أو كوسوفو، التي بدأت كتدخلات مؤقتة وتحولت لاحقًا إلى وجود دائم. كما أن عبارة "استخدام جميع التدابير اللازمة" اعتُبرت من قبل خبراء القانون الدولي عبارة فضفاضة، يمكن تفسيرها بطرق مختلفة لتبرير تدخلات ميدانية غير محدودة. ولا توجد في النص أي بنود تُلزم القوة الدولية بتقديم تقارير دورية إلى مجلس الأمن، أو آلية رقابة مستقلة لتقييم أدائها، وهو ما قد يؤدي إلى ضعف المساءلة وصعوبة التحقيق في أي تجاوزات. غياب الدور المحلي والإقليمي من أبرز الملاحظات على مشروع القرار غياب الدور الفلسطيني والعربي في الإشراف أو المتابعة. فالنص لا يشير إلى أي مشاركة من السلطة الفلسطينية أو جامعة الدول العربية في إدارة أو مراقبة عمل القوة، مما يجعلها خاضعة بالكامل لتفويض مجلس الأمن. ويرى محللون أن هذا الفراغ الرقابي قد يؤدي إلى توترات سياسية وشعبية داخل غزة، خاصة إذا ما شعر السكان بأن القرارات تُتخذ من خارج حدودهم دون تمثيل محلي فعلي. مخاوف من "إدارة أممية" للقطاع تخشى بعض القوى الفلسطينية والعربية أن يتحول التفويض الدولي إلى صيغة غير معلنة لإدارة غزة دوليًا، بحيث تتولى الأممالمتحدة والجهات الممولة تسيير شؤون القطاع، تحت غطاء حفظ الأمن. ويؤكد مراقبون أن أي وجود عسكري دون ضمانات واضحة للانسحاب أو آلية تسليم للسلطة الفلسطينية سيُفهم كمساس بالسيادة، وقد يفتح الباب أمام نزاعات جديدة بدلًا من تسوية دائمة. رغم أن مشروع القرار الأمريكي يبدو في ظاهره خطوة نحو إحلال السلام والاستقرار في غزة، إلا أن غياب الضمانات القانونية والرقابية، إلى جانب الصلاحيات الواسعة الممنوحة للقوة الدولية، يثير تساؤلات جدية حول مستقبل السيادة الفلسطينية في القطاع. فبينما تصفه واشنطن بأنه "خطة سلام تاريخية"، يراه آخرون "تفويضًا مفتوحًا لقوة خارجية" قد تمتد مهمتها إلى ما لا نهاية. وفي ظل هشاشة الهدنة القائمة وغياب الثقة بين الأطراف، يبقى مصير غزة معلّقًا بين الأمل في السلام والخشية من وصاية جديدة، تنتقل فيها السيطرة من فصيل محلي إلى إدارة أممية غير محددة الأفق.