وافق مجلس النواب، خلال جلسته العامة اليوم الخميس 16 أكتوبر 2025، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على تقرير اللجنة الخاصة المشكلة لإعادة دراسة المواد محل اعتراض السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بعد مناقشات مطولة شهدت توافقًا واسعًا بين الحكومة والبرلمان حول الصياغة النهائية للمادة (48) من مشروع القانون والمتعلقة بسلطة رجال السلطة العامة في دخول المنازل. أسباب اعتراض الرئاسة جاء اعتراض الرئاسة على مشروع القانون من زاوية أن النص، رغم تأكيده على ضرورة الأمر القضائي المسبب، قد أغفل تعريف الخطر الذي يجيز الدخول الاستثنائي، وهو ما قد يفتح الباب لتفسيرات واسعة تهدد الحرمة الدستورية للمساكن المنصوص عليها في المادة "58" من الدستور، معتبرة أن هذا يمثل قصورًا تشريعيًا قد يؤدي إلى تجاوزات عملية تحت ستار تقدير رجال السلطة العامة لوجود "خطر" غير محدد – الكلام ل "فاروق". تقدير الاعتراضات والمذكرة التفسيرية جاء الاعتراض الرئاسي مفهومًا في حرصه على ضمان الضوابط الكافية التي تحمي حرمة المساكن، إلا أن المراجعة القانونية للنص تكشف أن حصر حالات الخطر أو تعريفها أمر متعذر تشريعيًا، لأن الخطر حالة واقعية تتنوع صورها بتنوع المواقف والظروف، ويُترك تقديرها للقضاء في ضوء كل حالة، كما أن وضع "التعريفات" ليس من صميم عمل المشرّع الجنائي، بل من اختصاص الفقه والقضاء من خلال التطبيق العملي. على إشكالية حرمة المنازل بين مجلس النواب واعتراضات الرئاسة من حيث الوضع في ظل قانون الإجراءات الحالي، وتناول محكمة النقض لهذا الأمر، وكذا الوضع في ظل مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وأسباب اعتراض الرئاسة، وتقدير الاعتراضات والمذكرة التفسيرية، وأخيرًا التوصية الختامية – حسب رأي أساتذة القانون الجنائي وافقت اللجنة الخاصة على النص المقترح من الحكومة ليصبح كالتالي: "استثناء من حكم المادة (47) من هذا القانون، لرجال السلطة العامة دخول المنازل وغيرها من المحال المسكونة في حالات الاستغاثة أو الخطر الناجم عن الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك." ويأتي هذا التعديل استجابة لاعتراض السيد رئيس الجمهورية الذي رأى أن النص السابق لم يحدد المقصود ب "حالات الخطر"، مما قد يفتح الباب لتفسيرات واسعة تمس حرمة المنازل المكفولة دستوريًا بموجب المادة (58) من الدستور. هدف التعديل أكدت اللجنة الخاصة أن التعديل يستهدف ضمان الحماية الدستورية لحرمة المساكن ومنع أي توسع في تفسير النص قد يؤدي إلى تجاوزات أو إساءة استخدام السلطة. وأوضح ممثل الحكومة أن الغرض من السماح بدخول المنازل في هذه الحالات هو حماية الأرواح والممتلكات، وليس القيام بإجراءات قبض أو تفتيش جنائي، مما يجعل التدخل ذا طبيعة إنسانية بحتة ومقيدًا بالضرورة القصوى. اعتراض نقيب المحامين أبدى نقيب المحامين اعتراضه على الصياغة الجديدة، معتبرًا أنها قد تُمثل توسعًا في صلاحيات رجال السلطة العامة عبر إدخال عبارة "أو ما شابه ذلك". اعتراض نقيب المحامين لكن اللجنة رأت أن النص يحقق توازنًا دقيقًا بين صون الحرية الشخصية وضمان سرعة التدخل لحماية الحياة والممتلكات في حالات الطوارئ المحددة. الموقف الدستوري جاءت المادة (46) من مشروع القانون لتؤكد أن: "للمنازل حرمة لا يجوز دخولها أو تفتيشها أو مراقبتها أو التنصت عليها إلا بأمر قضائي مسبب..." بينما جاءت المادة (47) (قبل التعديل) لتحصر الدخول دون إذن في حالتي الخطر أو الاستغاثة، وهو ما اعتبره الخبراء أكثر اتساقًا مع المادة (58) من الدستور التي نصت على ذات الاستثناءين فقط. ويرى عدد من أساتذة القانون الجنائي أن إضافة عبارة "أو ما شابه ذلك" قد تُعيد الباب مفتوحًا للتوسع في التفسير، بما يتعارض مع الفلسفة الدستورية القائمة على تقييد السلطة العامة حمايةً لحرمة المسكن. السوابق القضائية أشارت المداولات إلى أن محكمة النقض كانت قد أجازت في السابق دخول المنازل في حالات الضرورة قياسًا على نص المادة (45) من القانون الحالي، التي وردت فيها عبارة "أو ما شابه ذلك"، ما أدى عمليًا إلى اتساع نطاق الدخول دون إذن قضائي. وقد جاء مشروع القانون الجديد لغلق هذا الباب وتحديد الحالات على سبيل الحصر. التوصية الختامية خلصت اللجنة إلى الإبقاء على الصياغة المقترحة من الحكومة، باعتبارها تحقق التوازن المطلوب بين حماية الحقوق الدستورية والتدخل الإنساني في الحالات الطارئة، مؤكدة أن أي استخدام خارج هذه الحالات يعد مخالفًا للقانون ويستوجب المساءلة. كلمة المستشار الدكتور حنفي جبالي كلمة المستشار الدكتور حنفي جبالي قال رئيس مجلس النواب إن اعتراض السيد رئيس الجمهورية على بعض مواد مشروع القانون يمثل نموذجًا للديمقراطية الدستورية، ويؤكد حرص الدولة على تحقيق عدالة جنائية متطورة تراعي التوازن بين الفاعلية وحماية الحريات. وأضاف أن المجلس يمارس مسئوليته الوطنية في دراسة الاعتراضات بعين الاعتبار لتكامل السلطات، من أجل بناء منظومة قانونية حديثة تليق ب مصر الجديدة. وبذلك يكون مجلس النواب قد حسم الجدل حول المادة (48) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، مؤيدًا النص الحكومي الذي يجيز دخول المنازل فقط في حالات الاستغاثة أو الخطر الناجم عن الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك، ضمن حدود الضرورة القصوى، التزامًا بالدستور وصونًا لحرمة المساكن.