في مثل هذا اليوم من كل عام، يتجدد الحديث عن أحد رواد الإخراج في السينما المصرية، المخرج الكبير حسام الدين مصطفى، الذي نجح في رسم ملامح مميزة للأفلام المصرية، خاصة في مجال الأكشن والدراما الاجتماعية، لم يكن مجرد مخرج عابر في تاريخ السينما، بل كان صانعًا للملاحم البصرية وقائدًا لتجارب إخراجية متميزة لازال صداها مستمرًا حتى اليوم.
و تنوعت مسيرته بين أفلام تُعد علامات في السينما، ومسلسلات تركت بصمة، وحياة شخصية شهدت زيجات متعددة من بينها زواجه من النجمة نيللي.
وفي السطور التالية نرصد محطات من حياة هذا المبدع الذي غادر عالمنا منذ سنوات، لكنه لا يزال حاضرًا بفنه.
البدايات.. من حي السيدة زينب إلى هوليوود وُلد حسام الدين مصطفى في حي السيدة زينب بالقاهرة في 5 مايو عام 1926، وبرز منذ صغره شغفه بالفن والإبداع.
بعد إنهاء دراسته في المعهد العالي للسينما، سافر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لصقل موهبته، وهناك تتلمذ على أيدي كبار مخرجي هوليوود، ما أكسبه نظرة إخراجية مختلفة ساعدته لاحقًا في تقديم أعمال ذات طابع بصري مميز عند عودته إلى مصر عام 1956.
مسيرة سينمائية غزيرة وأسلوب خاص في الإخراج انطلق حسام الدين مصطفى في مشواره الفني بسرعة وثبات، وتميز بإخراج أكثر من 100 عمل بين أفلام ومسلسلات. عرف بقدرته الفائقة على إدارة المجاميع وتصوير مشاهد الأكشن والاشتباكات الجماعية بحرفية عالية، وهو ما جعله من أوائل المخرجين المتخصصين في هذا اللون الفني في مصر. من أبرز أفلامه: "الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"الباطنية"، و"وكالة البلح"، و"العفاريت"، و"الحرافيش"، وكلها أفلام تحمل مزيجًا بين التوتر الدرامي والقضايا الاجتماعية. أما في الدراما التلفزيونية، فكانت له بصمات واضحة في مسلسلات مثل "الفرسان"، و"الإمام أبو حنيفة النعمان"، و"نسر الشرق"، وغيرها من الأعمال التاريخية والدينية التي عُرضت في مواسم رمضانية مميزة. زيجات متعددة وزواج شهير من نيللي لم تكن حياة حسام الدين مصطفى الشخصية أقل إثارة من أفلامه، فقد تزوج أربع مرات، وكان أشهرها زواجه من النجمة نيللي في أوائل السبعينيات. استمرت علاقتهما لثلاث سنوات، ثم انفصلا بهدوء كما تزوج من السيدة نادية الطوبجي، وأنجب منها ابنته الوحيدة "جيهان"، ثم دخل في زواج آخر مع السيدة ليلى الشافعي، ليعود بعد ذلك إلى زوجته الأولى. وقد ظل يحافظ على خصوصية حياته رغم شهرته، وفضّل دومًا أن يترك الحديث لفنه لا لحياته الخاصة. نهاية الرحلة ووداع هادئ في 22 فبراير من عام 2000، رحل حسام الدين مصطفى عن عالمنا إثر أزمة قلبية مفاجئة داخل منزله بالقاهرة، عن عمر ناهز 74 عامًا. وقد ودّعته السينما المصرية في صمت، لكنه لا يزال حيًا في ذاكرة محبيه وعشاق أفلامه، حيث تستمر أعماله في الحضور على الشاشات وتُدرّس كأمثلة ناجحة على الإخراج الاحترافي. إرث فني لا يُنسى يُعد حسام الدين مصطفى واحدًا من صناع السينما الذين غيّروا شكل الإنتاج البصري في مصر. لم يقتصر دوره على الإخراج فقط، بل ساهم أحيانًا في الإنتاج والتصوير وحتى التمثيل في بداياته، ما يؤكد أنه فنان شامل وموهوب من طراز رفيع. ستظل أفلامه مرجعًا ومصدر إلهام لكل من يسعى لفهم تطور السينما المصرية وأسرار نجاحها.