خاضت قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي في سرت أمس معارك ضارية مع القوات التابعة للديكتاتور الفار معمر القذافي التي تبدي مقاومة شرسة، فيما أعلنت فرنسا أنها شنت الأسبوع الماضي 150 طلعة جوية و «تعاملت مع حوالى خمسين هدفاً»، غداة نداءات وجهها المجلس الانتقالي إلى حلف شمال الأطلسي لتكثيف ضرباته. وبعد أكثر من شهر على دخولها طرابلس، تواجه قوات المجلس الوطني الانتقالي منذ أيام مقاومة شرسة في سرت وبني وليد. ودارت معارك ضارية مساء أول من أمس في سرت (360 كلم شرق طرابلس) التي يحاول مقاتلو المجلس الانتقالي السيطرة عليها منذ منتصف الشهر الجاري. وسمعت صباح أمس على بعد كلم من خط الجبهة في الجهة الشرقية من المدينة رشقات متقطعة من رشاشات ثقيلة. وقال قائد عسكري في قوات المجلس إن «معارك عنيفة دارت مساء الأربعاء. وتعرض رجالنا لهجمات شرسة. كانت المعارك عنيفة في محيط ميناء سرت وفي شرق المدينة». وأوضح أن «الوضع يتغير من يوم لآخر. يكون النصر لنا يوماً وفي اليوم التالي يكون لهم». وأضاف: «لقد خسروا كل شيء، إنها معركتهم الأخيرة ولهذا يقاتلون بشراسة. قواتنا تتلقى ضربات قاسية. تراجعنا مسافة ثلاثة كيلومترات» أول من أمس. وتابع: «لم يكن هناك تنسيق وأصيبت مجموعة من عناصرنا بصاروخ أطلقته إحدى دباباتنا التي كانت وراءهم. وقتل ثلاثة رجال».
وفي حادث آخر مرتبط بسوء التنظيم في صفوف قوات المجلس الانتقالي، قُتل عنصران وأصيب 18 في صاروخ أطلق عرضاً من مستودع للأسلحة وسقط على غرفتهما، بحسب مصادر طبية في مستشفى ميداني على بعد حوالى 50 كلم غرب سرت.
وفي بني وليد (170 كلم جنوب شرقي طرابلس)، يواجه مقاتلو المجلس الانتقالي مقاومة شرسة ولم يتقدموا منذ أيام. وطلب أحد قادة قوات المجلس الوطني الانتقالي على جبهة بني وليد «مساعدة أكبر من حلف شمال الأطلسي». وأكد الحلف أنه «لم يخفض نشاطه في ليبيا»، مذكراً بأن «هدف الحلف ليس دعم قوات المجلس الوطني الانتقالي على الأرض».
وأعلنت فرنسا أمس أنها تتابع عملياتها في ليبيا. وقال الناطق باسم رئاسة أركان الجيوش الفرنسية الكولونيل تييري بوركار في تصريح صحافي: «ليس ثمة تغيير للتدابير المتخذة في ليبيا». وأضاف أنه «في إطار قرار مجلس الأمن الرقم 1973، قام الجيش الفرنسي ب 142 طلعة الأسبوع الماضي منها 88 ساعدت في شن هجمات برية». وأوضح أن «عشرين بناية، مراكز قيادة ومستودعات ذخيرة، وآليات عسكرية هي من بين هذه الأهداف الخمسين». وأضاف أن الطلعات الاستطلاعية والمراقبة تسجل ارتفاعاً نسبياً.
وفي طرابلس، قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين أمس إن سقوط حكم معمر القذافي في ليبيا يلهم شعوباً في أنحاء العالم، بمن فيهم شعوب سورية وإيران والصين وروسيا. وأضاف في مؤتمر صحافي عقد خلال زيارته طرابلس أن المستثمرين الأميركيين يرغبون في العمل في ليبيا لكن هذا سيكون صعباً ما دام القتال دائراً. وتابع: «نعتقد في شدة أن شعب ليبيا يلهم اليوم الشعوب في طهران وفي دمشق وحتى في بكين وموسكو. ما زال مصدر إلهام للعالم».
أما في جنيف، فتبنى مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان أمس قراراً يطالب الجمعية العمومية بإنهاء تعليق عضوية ليبيا فيه. واعتمد القرار الذي اقترحه المغرب ودعمه عدد كبير من البلدان العربية وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، بالتوافق بين أعضاء المجلس في جنيف. ولاحظ القرار «بارتياح تعهد ليبيا الإيفاء بواجباتها المترتبة عليها بموجب القانون الدولي المتعلق بحقوق الانسان ورفع شأن وحماية حقوق الانسان والديموقراطية وسيادة القانون والتعاون مع الآليات الدولية المختصة لحقوق الإنسان».
وهنأ القرار أيضاً ليبيا التي تعهدت التعاون مع «لجنة التحقيق الدولية» التي انشأها مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان للتحقيق في الادعاءات حول الانتهاكات المرتكبة في ليبيا منذ بدء الانتفاضة الشعبية ضد نظام القذافي. وكان المجلس أعلن تعليق عضوية ليبيا في شباط (فبراير) الماضي. ووافقت الجمعية العمومية على هذا التعليق في آذار (مارس) الماضي.