في زحام المشهد الإعلامي والمسلسلات والبرامج والمقالب "والذي منه"، حيث الأضواء تسرق الحقيقة والكاميرات تُلون الواقع، يبرز صوت مختلف، صوت يحمل بين نبراته صدى الشارع المصري، بوجعه وأمله، بحكايته الصادقة وملامحه البسيطة.. إنه أحمد رأفت، مذيع الشارع الذي لم يحتم بجدران الاستوديوهات الفاخرة، بل اختار أن يكون حيث الكلمة الحقيقية تُقال، وحيث العيون تبوح قبل الألسنة. "الملعب السري".. مؤمن الجندي يقدم أول بودكاست جريمة رياضية في رمضان 2025 مؤمن الجندي يكتب: بين العرق والذهب وصمت الكادحين وما بين التصنع والحقيقة، ليس الإعلام في جوهره منصة للنجوم ولا ساحة للمزايدات، بل هو نافذة تُفتح على الناس، تُنصتُ لأنينهم وتضيء دروبهم، في زمن تحول فيه بعض الإعلام إلى "باكبورت طافح"، ظهر أحمد رأفت بوجهه المتعب من السير بين الناس، بحنجرته التي لا تحتاج إلى ميكروفون فاخر لتصل، بل يكفيها أن تكون قريبة من آذان البسطاء. الحقيقة أنني أتابع رأفت على مدار سنوات في صمت، فهو لم يكن مجرد ناقلٍ للأخبار، بل كان مرآة تعكس الواقع دون تزييف، صوتًا يعلو في وجه التجاهل، ويدًا تمتد لمن يحتاج، جابرًا الخواطر بمنتهى البساطة والرقي والأدب "بتاع ولاد الأصول". رأفت كسر "أكلشية" المذيع التقليدي الذي يروي القصة من خلف مكتبٍ زجاجي، يلتقط كلمات من ورق صُنع بعناية، أما مذيع الشارع، فهو الذي يخلق الحكاية من نبض الطريق، يلتقطها من وجوه العابرين، يسمعها من أفواه المتعبين. أحمد رأفت لم يكن مجرد ناقل لشكوى، بل كان جزءًا من الحل، لم يكتف بأن يكون صوتًا، بل صار صدى للأمل.. كان يسأل، لا ليملأ فراغ الهواء، بل ليُشعل شرارة التغيير.. كان يمد يده، لا ليصافح المشاهير، بل ليحتضن المهمشين. وجه الإعلام المصري الحقيقي الإعلام المصري الحقيقي ليس من يجلس تحت الأضواء، بل من يسير تحت شمس النهار، يواجه العرق، والغبار، والتعب، ولكنه يخرج بصورةٍ نقية لا غبار عليها.. الإعلام الحقيقي هو من يرى الناس كما هم، بلا أقنعة ولا زوايا تجميل، من يعكس نبض الوطن لا صدى السلطة.. الإعلام الحقيقي هو من يكتب الحقيقة بعرق الناس، لا بحبر المصالح. أحمد رأفت لم يكن مجرد مذيع عابر، بل كان مدرسة لمن أراد أن يفهم أن الإعلام ليس شاشة، بل موقف، ليس مكسبًا، بل رسالة، ليس مجرد مهنة، بل حياة تُعاش وسط الناس، لا بعيدًا عنهم.. هو الوجه الذي لا يختبئ خلف المساحيق، الصوت الذي لا ينخفض أمام الضجيج، والظل الذي لا يزول مع تبدل المصالح. في النهاية، شاهدت مقطعًا لرأفت اليوم دفعني لكتابة هذه الكلمات في حقه، عندما التقى بسيدة مصرية أصيلة، سألها سؤال ديني وهي مسيحية لكنه لا يعلم، فجاوبت بل والأدهى أنها قرأت عليه سورتي الفاتحة والفلق، في دقائق نقل لقاء رأفت مع الأستاذة دولت صورة مصر للعالم.. كلنا مصر لا فرق بيننا أبدًا مهما حاولوا! الإعلام ليس ما تقوله الشاشات، بل ما يصدقه الناس.. وأحمد رأفت، بلا شك، صدقه الناس.. شكرًا يا أحمد! للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا