قال الباحث والمفكر سمير مرقس، نائب محافظ القاهرة، إن الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس الماضي أعاد ''فرز المصريين'' على أساس ديني، وتحولت حالة الحراك الوطني الذي كان في بدايات الثورة إلى ما يمكن تسميته ب ''العراك الديني''، بين جناحي الأمة المصرية. وأكد مرقس في مقابلة هو الخبير التنموي نبيل مرقص مع الدكتور عمرو حمزاوي في برنامج ''كلام مصري'' أمس الجمعة على قناة ''سي بي سي'' الفضائية، أن مصر شهدت ولديها القدرة الحقيقية على التواصل المجتمعي وخلق حالة من الحراك الوطني بانت في بداية ثورة يناير. وحذر سمير من ''التعبئة الدينية التي تعيد المسافة مرة أخرى بين المصريين المسيحيين والمصريين المسلمين''، مشيرا إلى ضرورة وأهمية ''البحث عن المشترك بين جناحي الأمة''. ووافق الخبير التنموي نبيل مرقس على ماقاله سمير، وزاد قائلا أن ''مصر تحتاج إلى مراجعة للقيم الحاكمة للشؤون السياسية، بعد أن مرت خلال العقود السابقة لما يمكن أن نسميه ''الإقطاع السياسي''. وطالب بأن يتم اقتسام السلطة في مصر بين فئات المجتمع المصري على أن يكون ذلك وفق أدوات التنافس الديمقراطي وإتاحة الفرصة الكاملة لكل الفئات المجتمعية. وقال إن ''المصريين الأقباط سوف يدخلوا في المشاركة السياسية''، مشيرا إلى أن هذا الأمر سيحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد''. وأضاف الدكتور عمرو حمزاوي أن واقع مسألة الاستبعاد والإقصاء السياسي أقوى على المواطنين والمواطنات المسيحيين، وهناك ''تهميش متعمد'' للمسحيين في جميع أجهزة الدولة. وأكد عليه نبيل مرقص على ما قاله حمزاوي، وزاد ''سياسات النظام السابق تسببت في إهدار حقوق المسيحيين وكثير من الفئات المجتمعية الأخرى التي عانت من التمييز العنصري خلال العهد البائد. وأوضح المفكر سمير مرقس أن ''الأقباط جزء من حركة بناء الدولة المصرية الحديثة، وشاركوا في الحياة العامة منذ عصر محمد علي. وأشار إلى أن السلطات الحاكمة في الدولة ''أهملت لجان تقصي الحقائق، ولجأت إلى المجالس العرفية'' لحل الأزمات والتوترات الطائفية. وذكر أن حادثة كنيسة صول في أطفيح تم التعامل معها بالطريقة العرفية، على عكس حادثة إمبابة التي تعامل معها الدولة بالقانون وتم القبض على الجناة وجرت محاكمات سريعة لكل المتهمين. ورأى الخبير التنموي نبيل مرقس أنه إعمال القانون جزء مهم لتغيير الواقع الحالي وحسم الممارسات الطائفية، مطالبا بأن تكون هناك ''تربية سياسية وثقافية وتنمية للقيم المجتمعية ''الإسلامية'' المعتدلة. وقال إن ''العهد النبوي لنصارى نجران'' كان نوعا من الحماية للأقباط، مطالبا مؤسسة الأزهر الشريف بأن تلعب دورها ''لزحزحة قيم التمييز والتعصب وتعزيز قيم التعايش والتصالح''. وأشار الدكتور عمرو حمزاوي إلى أنه يمكن تقسيم المشاركة السياسية يعد الثورة إلى ماقبل الاستفتاء وما بعده، موضحا أنه كانت هناك رغبة حقيقية لدى الجميع للمشاركة السياسية قبل الاستفتاء، وقلت هذه الرغبة بعده، بسبب ''الخوف والهواجس التي ظهرت لدى المصريين المسيحيين''. وعبر سمير مرقس عن تفاؤله من ''الخوف المسيحي''، مشير في نفس الوقت إلى ظهور ''خطاب ديني مقلق ليس هو خطاب الخبرة المصرية القادرة على قبول التعددية''. وقال إن هناك ''خطاب سلفي'' - ليس كل السلفيين – يعيدنا إلى مراحل مبكرة''، وبالرغم من ذلك أرى أن الملعب مفتوح أمام الجميع للمشاركة السياسية. ولفت نبل مرقس إلى الحاجة إلى استعادة الثقة في عملية سياسية نزيهة قادرة على المنافسة ''السلمية''، على أن يكون انحياز الكل ''لإنجاز النهضة المصرية''، موضحا أن ''التحول الديمقراطي إذا لم يصب في مشروع نهضوي سيبقى عملية تجميلية''. وخرج الدكتور عمرو حمزاوي بمجموعة من التوصيات لضمان المشاركة السياسية للمصريين المسيحيين والمصريات المسيحيات لخصها كالتالي: أولا: أن يكون هناك ''سيادة للقانون'' بما يضمن حقوق المصريين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية. ثانيا: الانتصار في المساحة العامة لقيم الوحدة الوطنية والانتماء لمصر ''مصر للجميع''، واستعادة الهوية الجامعة وقيم المواطنة. ثالثا: التعامل الجريء بالمعنى السياسي والإجرائي مع مخاوف المواطنين المسيحيين والمواطنات المسيحيات. رابعا: صياغة مجموعة من الضمانات والإجراءات مع المخاوف المسيحية تتمثل في ''تداول السلطة ومشاركة في المجتمع المدني وعدم استغلال الدين بصورة غير إيجابية''. وقال الدكتور عمرو إن ''مصر لن يتحدد مستقبلها إلا بالإصرار على المشاركة والوعي بأهميتها''، داعيا المسلمين ''مجتمع الأغلبية''