تستند معظم الصحافة الفرنسية، المتمثلة بالصحف الرئيسية (اللوموند) و(الفيغارو) و(ليبراسيون)، رغم اختلاف توجهاتها الفكرية المتباينة بين اليمين واليسار والوسط، في مناقشاتها للتحرك الفلسطيني الراهن إلى قرار سابق للجمعية العامة في الأممالمتحدة القاضي بقرار التقسيم رقم 181 الصادر يوم 29 نوفمبر 1947، على إقامة دولتين على أراضي فلسطين التاريخية، هما دولة فلسطين، ودولة إسرائيل. وكرست الصحف الفرنسية مقالات عدّة للقضية الفلسطينية التي حقّقت انتصاراً رمزياً، كما كتبت صحيفة ليبراسيون، وقالت : كما وقفت اسرائيل منذ ثلاثة وستين عاماً لتعلن قيام الدولة العبرية، ها هي فلسطين تقف في المكان ذاته لتعلن قيام دولتها، وهي بذلك تهز مشاعر العالم بين مؤيد ورافض، فيما ركزت الصحيفة ذاتها على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه وخشيته من أن يؤدي موضوع الاعتراف بدولة فلسطين إلى مواجهة دبلوماسية (عقيمة وخطرة) أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما يطرح الفلسطينيون الاعتراف بدولتهم.
دور فرنسي نشط صحيفة لوفيغارو، من جهتها، أجرت حديثاً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قال فيه إنّ إسرائيل تنعزل تدريجياً في الأممالمتحدة بعد أن اعترفت مئة وثلاثون دولة بالكيان الفلسطيني المستقل. عباس يعتمد على فرنسا في سعيها للحصول على اعتراف الأممالمتحدة بشرعية الدولة الفلسطينية حسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية. رئيس الحزب الاشتراكي فرانسوا هولند قدم دعمه لإنشاء الدولة الفلسطينية، مؤكداً إن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين لا يعني التفريط بدولة اسرائيل في الوقت نفسه. خصصت صحيفة لوموند الفرنسية ،أخيرا، ملفا كاملا حول الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة المقرر تقديمه للجمعية العامة للأمم المتحدة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري للحصول على العضوية الكاملة لفلسطينبالأممالمتحدة. وتحت عنوان (دعونا نحلم بنعم اسرائيلية في الأممالمتحدة لصالح الدولة الفلسطينية)، قالت اللوموند إنه ينبغي أن تعترف الجمعية العامة للأمم المتحدةبفلسطين كدولة. مضيفة ان هذه ليست المرة الأولى التي تقوم بذلك، وأشارت الصحيفة إلى قرار التقسيم المعروف لعام 1947. وأضافت أنه لا يوجد استخدام لحق الفيتو في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن الأمر يتوقف على نسبة تصويت الدول الأعضاء ال193 وتتطلب أغلبية الأصوات لتبني القرار بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأكدت أن هناك ما يقرب من 120 دولة على استعداد للتصويت لصالح المطلب الفلسطيني. وذكرت (لوموند) أن هناك دولا تؤيد المطلب الفلسطيني: وهى الدول العربية وروسيا والصين والهند وجنوب افريقيا والبرازيل والدول الافريقية والآسيوية وبلدان أميركا اللاتينية، في حين لا تتعدى الدول الرافضة للاعتراف بها 15 بلداً! وأكدت الصحيفة في افتتاحيتها إن المحيط الاستراتيجي لإسرائيل (غير مستقر أكثر من أي وقت مضى) حيث إن علاقاتها مع البلدين الرئيسيين في المنطقة مصر وتركيا اصبحت موضع شك. مشيرة إلى أن توصية اسرائيل بنعم بالنسبة للدولة الفلسطينية بنيويورك من شأنها أن تضع نهاية لدوامة الفشل والعزلة، لكنها مبادرة تتطلب الشجاعة السياسة الكافية.
كوشنير وموراتينوس وأبرزت صحيفة اللوموند ما كتبه وزير الشؤون الخارجية الأوروبية برنارد كوشنير والوزير الإسباني للشؤون الخارجية والتعاون ميغيل أنجيل موراتينوس، على صفحاتها، حيث أكد الأثنان على (ضرورة مساهمة أوروبا في فتح أفق سياسي حقيقي وصولا لإقامة دولة فلسطينية، وما كان تضامن المجتمع الدولي هذا ليجدي نفعا لولا عملية الإصلاح الثابتة والموثوقة التي انتهجتها السلطة الفلسطينية والتي ترتكز على الشفافية المالية ومكافحة الفساد. واستعرض المحلل السياسي الفرنسي آلان فراشون في صحيفة (اللوموند) بعض أبعاد التجاذب الدولي الراهن حول خطوة الفلسطينيين بالتوجه إلى الأممالمتحدة لنيل الاعتراف بقيام دولتهم المستقلة وما قد تغيره هذه المعادلة من موازين الشرق الأوسط المستقبلية. قدرات اقتصادية
أظهرت الإصلاحات التي نفذتها حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض منطقيا القدرات الاقتصادية للأراضي الفلسطينية، فقد أصبحت المؤسسات تشتغل بصورة أفضل، كما صار الحفاظ على أمن الممتلكات والأشخاص يجري بشكل أفضل، في الوقت الذي يشهد عودة المستثمرين من القطاع الخاص. إن إنشاء الدولة الفلسطينية أصبح اليوم هدفا يسعى إليه الجميع وقد أشادت فرنسا وإسبانيا على سبل المثال بخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجامعة بار إيلان وكذا بالإعلان عن تعليق عمليات البناء في المستوطنات، حتى وإن تعلق الأمر بقرار مؤقت ومحدود. وفي نهاية المطاف ستعترف أوروبا جماعيا كما سبق وأن تعهدت بذلك بالدولة الفلسطينية لكي تصبح فلسطين عضوا فاعلا وحقيقيا، يعيش سكانه في أمن وسلام بجانب دولة إسرائيل، سنحتفل العام المقبل بالذكرى العشرين لمؤتمر مدريد للسلام الذي كان نقطة انطلاق مفاوضات السلام، ولا داعي لتضييع المزيد من الوقت. يجب على أوروبا تمهيد الطريق).