قال الدكتور محمد عبد اللاه، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، إن الرئيس السابق، حسني مبارك، لم يستطع مقاومة مخطط التوريث، نظرا لضعفه وعدم قدرته في أيامه الأخيرة، على خوض غمار "حرب عائلية"، مشيرا إلى أن تآكل الطبقة المتوسطة على مدار 30 عاما، كان العامل الرئيسي للقيام بثورة 25 يناير، التي أطاحت بنظام مبارك في 11 فبراير الماضي. وقال عبد اللاه في حوار نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية اليوم السبت، إن "مبارك ضعفت قوته في الفترة الأخيرة، وهذا الضعف كان صحيا ونفسيا أيضا بعد وفاة حفيده محمد علاء في عام 2009، ولم يكن لديه القدرة على الدخول في معارك كبيرة في المنزل، فالضغط عليه كان كبيرا، لهذا فضل أن تسير الأمور من منطلق "لما أموت يبقى يحصل اللي يحصل"، حتى وإن حدث صراع على خلافته. وأعرب عبد اللاه عن اعتقاده بأن الدكتور زكريا عزمي، الرئيس السابق لديوان رئيس الجمهورية، كان الأب الروحي لملف التوريث في مصر، وإنه كان طامعا في رئاسة مجلس الشعب القادم في مرحلة مبارك الابن، وان أحمد عز كان يستهدف منصب رئيس وزراء مصر. وأوضح عبد اللاه ان كلمة السر وراء ما آل إليه مبارك اليوم بعد 30 عاما من الحكم هي "عزل" مبارك، بداية من تولي حكومة عاطف عبيد عام 1999، ثم دخول المجموعة الجديدة بقيادة جمال مبارك إلى الحزب الوطني عام 2000، وتأكد ذلك أكثر في عام 2005. مبينا ان هذا العزل جرى بشكل ممنهج ومرتب، وعلى جرعات متتالية حتى يتقبلها مبارك، لأنه كان بطبيعته حريصا في اتخاذ القرارات، وقد يؤخذ عليه أيضا البطء والتردد، لكنه كان يعمل بمبدأ تعلمه في الطيران وهو "السلامة أولا". ومشيرا إلى زكريا عزمي كان يقود عملية "العزل"، وقد اتخذ في السنوات الأخيرة شعارا شهيرا يعرفه الكثيرون في الدوائر السياسية هو "ما تقولوش أي حاجة تزعل الريس". وبمرور الوقت تحول عزمي إلى مركز المعلومات الوحيد لأذن الرئيس السابق، ومن كان لا ينصاع لهذا الأمر المباشر في أي اجتماع مع الرئيس كان يتم التنكيل به. وأوضح عبد اللاه ان عزمي كان يعد نفسه لكي يتولى منصب رئيس مجلس الشعب إذا غاب مبارك عن الساحة في أي لحظة، على أساس أنه لن يستطيع أن يقوم بنفس الدور (رئيس الديوان) مع أي رئيس قادم آخر، حتى إن كان جمال مبارك نفسه، وكان يسانده في إدارة هذا الملف أنس الفقي ،وزير الإعلام السابق، وحبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، وأعضاء أمانة المجلس الأعلى للسياسات هم مجموعة إدارة مخطط التوريث؛ لهذا لم يستغرب، أي عبد اللاه، ذلك التضارب الذي حدث قبيل إعلان التنحي؛ لأن نهاية الرئيس تعني نهايتهم، ولاقتناعهم أنه لو تم حساب الرئيس فإنهم سيحاسبون قبله. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، إن مبارك لم يكن مقتنعا بفكرة مجيء جمال لرئاسة الجمهورية من منطلق موقعه ك"أب" وليس من منطلق الزهد، الأب الذي يدرك تماما أن كثيرين في البلد لن يقبلوا بجمال كرئيس، وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية. وحاول كثيرا أن يقاوم هذا التوجه، لكن السيدة سوزان مبارك كانت ترى ضرورة الاستمرار في هذا التوجه كحصان رابح لتأمين الاستمرار في الحكم، ولم يقاوم مبارك هذا التوجه بسبب ان قوته ضعفت في الفترة الأخيرة، ولم يكن لديه القدرة على الدخول في معارك كبيرة في المنزل، فالضغط عليه كان كبيرا؛ لهذا فضل أن تسير الأمور من منطلق "لما أموت يبقى يحصل اللي يحصل"، حتى إن حدث صراع على خلافته. ووصف عبد اللاه العلاقة بين جمال مبارك وأحمد عز بالقول: "أحمد عز ينطبق عليه المثل الشعبي الدبة اللي قتلت صاحبها بتزويره الكامل لنتائج انتخابات 2010 من أجل خاطر جمال مبارك، وقد أقنع عز جمال لاحقا بأنه استطاع تكوين تنظيم جديد قوي داخل الحزب الوطني يعمل تحت شعار "الفكر الجديد"، وأن هذا التنظيم استطاع أن يكتسح الانتخابات البرلمانية تمهيدا لدور أكبر سيسند له لاحقا في انتخابات الرئاسة ويمكنه أن يقوم به.