يبكي يغني يقرأ القرآن يكتب الشعر، لكن الأهم أنه يلبي احتياجا شعبيا جارفا للقائد الملهم أي المنقذ أو المخلص أحدثكم عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ، الذي طرد السفير الإسرائيلي من تركيا، بينما وقفت مصر تحمي السفارة الإسرائيلية من بركان الغضب الشعبي النازف بدماء شهودنا علي الحدود وعلي الحدود بين الكاريزما و الدعاية يقف أردوغان ، أو بالأحري يغازل مشاعر شعب راهن علي زعماء تحولوا مع الوقت إلي أصنام، عركتنا بقوة المخابرات والأمن، وصادرت أحلامنا، وسرقت أوطاننا، وجعلتنا نبحث عن زعيم علي الشاطئ الآخر أردوغان الذي خرج من عباءة المؤسسة الدينية في تركيا، وكان تلميذا ل نجم الدين أربكان ، حاول منذ فوزه بالحكومة في عام 2002 التأكيد علي أنه لا يمثل حزبا دينيا، لكنه يريد بناء دولة ديمقراطية، تفصل بين الدين والدولة كما في أوروبا، ولا تسيطر فيها الدولة علي الدين كما هي حال العلمانية التركية ويمكن اعتباره نموذجا للمناضل الذي تفضله الجماهير، فقد تعرض للسجن بتهمة التحريض علي الكراهية الدينية، ومُنع من العمل في الوظائف الحكومية والترشيح للانتخابات العامة والسبب أبيات من الشعر التركي تقول مآذننا رماحنا والمصلون جنودنا ، قالها أردوغان في خطاب جماهيري ببراجماتية واضحة اغتنم أردوغان فرصة حظر حزب الفضيلة ، لينشق عنه مع عدد من الأعضاء ويشكلون حزب العدالة والتنمية في عام 2001 لقد تعلم الدرس وقرر أن يمسك العصا من المنتصف، ليعلن أن حزبه ليس حزبا دينيا بل حزب أوروبي محافظ ، وينتقد استغلال الدين وتوظيفه في السياسة ، ويؤكد أنه لا ينوي الدخول في مواجهة مع العلمانيين المتشددين ولا حتي استفزازهم هذا الموقف السياسي الذي قد يراه البعض ميوعة أصبح هو الموديل المثالي للحركات الدينية، التي تحترف السياسة فبعضها يطلق شعارات لمجرد الطمأنة، والبعض الآخر يعتبرها منهج عمل بالفعل أردوغان ألقي بثقله تجاه قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي، ليس فقط لإقناع العلمانيين، أنه ليس نسخة من أربكان ، بل لاستثمار الديمقراطية الأوروبية في رفض أي دور للعسكر وضرب النظام العلماني التركي الذي يمنح الجيش صلاحيات واسعة ويسيطر علي التدين وأشكاله الأمر الذي أدي إلي اتهام أردوغان بالرجعية، لدرجة أن الرئيس التركي السابق أحمد نجدت سيزر اتهم حكومة أردوغان بمحاولة أسلمة كوادر الدولة العلمانية قائلا إن التهديد الأصولي بلغ حدا مقلقا أعلم تماما أن تركيا من الداخل لا تعني الشعب العربي العاطفي ، وان مواقف أردوغان من الجيش التركي أو التيار العلماني لا تعنينا بقدر ما تشجينا مواقفه العنترية لقد لفت انتباهنا اسمه في مؤتمر دافوس عندما أخذ أردوغان الميكروفون من الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ووجه له أقسي العبارات ردا علي الجرائم الإسرائيلية في غزة، ثم ترك المنصة وأعلن أنه لن يعود إلي دافوس مجددا وكأنما وجدنا أخيرا الفارس المنتظر ، توجهت أنظارنا إلي أسطمبول وتعلقت برد فعلها مع كل مجزرة إسرائيلية في الأراضي المحتلة، هللنا وصفقنا حين سحبت تركيا سفيرها من إسرائيل، بعد عملية مداهمة أسطول الحرية العام الماضي وتابعنا بشغف دموع أردوغان علي جرحي غزة في تركيا، وتأملنا تفاصيل رحلته هو وعائلته إلي الصومال، ودعوته لإنقاذ الجياع ثم توجناه بطلا قوميا علي قلوبنا حين طرد السفير الإسرائيلي من بلاده الأسبوع الماضي، علي خلفية رفض إسرائيل تقديم اعتذارها لتركيا، لتسببها في مقتل 9 مدنيين أتراك ممن كانوا علي متن سفينة الإغاثة التركية مرمرة العام الماضي المواطن العربي الذي تكسرت أحلامه علي صخرة فساد الحكام، لا يهمه أن أردوغان ساند نظام القذافي في البداية ثم قال إنه فهم خطأ أو أنه أخذ موقفا حماسيا ضد النظام السوري بلغ مرحلة التهديد، لرفع شعبيته قبيل الانتخابات البرلمانية التركية، ثم تبدل موقفه وأعلنت حكومته صراحة أنها ضد التدخل الدولي، وأنها ضد حتي بيان دعوة الرئيس بشار الأسد للتنحي المواطن العربي يبحث عن قائد يواجه المشروع الصهيوني ويقدم وسطية الإسلام وهو ما يوفره لهم أردوغان ولو نظرياً لقد أصبح معبود الجماهير العربية تماما مثل مهند بطل المسلسل التركي الأشهر العشق الممنوع ، خاصة بعد أن أعلن تعليقًا كاملا للعلاقات العسكرية والتجارية مع إسرائيل، عن بدء إجراء قضائي للاعتراض علي الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة وعن زيارة محتملة لغزة علي هامش زيارته إلي مصر الكاتب الإسرائيلي بيتسلال لفي شبه رجب طيب أردوغان بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر لكن التوصيف الأدق له أنه مهند السياسة العربية