مع بدء موسم حصاد محصول القصب، يعيش أهالي مدينة نجع حمادي شمال محافظة قنا، حالة من المعاناة بسبب الأدخنة التي تنبعث من فوهات مصنع السكر، والذي تتسبب أدخنته بالأمراض المختلفة مثل الربو، والتهابات الجهاز التنفسي، وسرطانات الرئة، تلوث التربة بالمطر الحمضي الناتج عن ارتباط جزيئات الماء مع العناصر السامة، مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت. وعلى الرغم من التقدم الصناعي في مصر، والزيادة المستمرة في المصانع وآلية تشغيلها، ما زال مصنع السكر بنجع حمادي، حتى في موسم العصير رقم 124 وصلت مسببات التلوث فيه إلى أعلى درجاتها، بسبب السحابات السوداء والأمراض التي يبثها عبر مداخنه، بالإضافة إلى الأصوات الناتج عنه، مما يتسبب في تنغيص حيات القرية والمنطقة بأكملها. بيات شتوي للأهالي: فيما يقول عادل شهدي، 67 عامًا، بالمعاش إنه مع بدء موسم العصير، يبدأ بغلق نوافذ وأبواب منزله، ويدخل في مرحلة "بيات شتوي"، حتى لا تدخل الأتربة والرماد المتطاير من الشركة إلى منزله، مشيرًا إلى أن اغلب أهل القرية أصيبوا بالربو والأمراض الصدرية، خاصة وأن ذلك الموسم يعد رقم 121 أي أن القرية تعيش قرن و20 عامًا، في تلك الأزمة دون وجود حل من المسؤولين لإدخال التطورات على تلك الصناعة الحديثة، بدلا من استخدام مخلفات القصب في عملية صناعة السكر، لاستخدام الغاز الطبيعي الصديق للبيئة في تلك الصناعة لعدم إنتاج الأدخنة والمخلفات. ضرره على الحياة النباتية: حسب دراسة ميدانية نشرتها جامعة ترينت بيتربورو بكندا، عندما يحترق الخشب فإن غازات النيتروجين والكبريت تتطاير وتبقى عناصر مثل الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم وعناصر أخرى تبقى على هيئة كربونات. هذه المركبات عندما تستقبلها التربة، تؤدي إلى رفع قلويتها التربة، لذا فإن الرماد يستخدم في التربة الحمضية، حيث يتكون السماد من جزيئات صغيرة الحجم وتتفاعل بسرعة وبصورة تامة مع التربة. ومع أن الرماد يحتوي على قليل من النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم، إلا أن استخدامه كسماد يرجع إلى أنه العامل الأساسي لمعادلة وتحسين صفات التربة الحامضية، وهذه النوعية من الأراضي غير موجودة في مصر. لكن على أية حال، ورغم تلك المساوئ فإن استخدام الرماد بكميات قليلة سيكون مفيد للتربة، أما الأفراط في استخدامه سينعكس سلبا على النبات والتربة، لأن الرماد يرفع من قلوية التربة، ما يؤثر على امتصاص النبات للكثير من العناصر مثل الفسفور المنجنيز والنحاس. وقد يحتوي الرماد في بعض الأحيان على بعض المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكاديميوم والنيكل، ومع أنها توجد بنسب قليلة جدًا إلا أنها تؤثر على التربة مع الوقت. ضرره على الإنسان: يشير الدكتور بدوي المعاون، مسؤول القطاع الصحي بشمال قنا، أن الأدخنة والأتربة تتسبب في العديد من الأمراض الصدرية التي يصاحبها ضيق في التنفس، بالإضافة إلى إصابة من يتعرض لها بأمراض العيون المختلفة، مناشدًا الأهالي ضرورة اتخاذ الحيطة والحذر من تلك المخلفات الناتجة عن المصنع. ويوضح الدكتور عبدالرازق محمد، معيد بقسم الكيمياء بكلية العلوم بجامعة الأزهر، أن المركبات الكيميائية المحملة بالأدخنة والأنبعاثات نتيجة حرق مخلفات القصب، من أخطر المركبات على صحة الإنسان، حيث تحتوي على أكاسيد النيتروجين، ثاني أكسيد الكبريت، الجسيمات العالقة أقل من 10 ميكرو متر، وأول أكسيد الكربون. وأشار إلى أنه حسب الدراسات فإن غاز ثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، يعتبر واحد من أهم أكاسيد النيتروجين الموجودة في الجو ويكون مع أول أكسيد النيتروجين (NO) ما يعرف بالمجموع الكلي لأكاسيد النيتروجين (Nox) وهما أكثر أكاسيد النيتروجين وفرة، والتي يتم توليدها بواسطة الإنسان في المناطق العمرانية والحضرية، وتتكون أكاسيد النيتروجين كناتج لجميع عمليات الاحتراق التي تتم في درجات الحرارة العالية، وعلي الرغم من أن أول أكسيد النيتروجين يكون الناتج الأساسي، إلا أنه لا يعتبر ذو تأثير سيء علي صحة الإنسان نتيجة لصغر التركيزات التي يوجد بها في الهواء المحيط. تهيج الرئتين: وتابع أن الدراسة أوضحت أن غاز ثاني أكسيد النيتروجين والذي يؤدي استنشاقه بالمستويات السائدة في معظم مدن العالم إلى تهيج الرئتين، له آثار سلبية كبيرة على النبات والحيوان والمسطحات المائية والممتلكات، وتركيزه يجب أن لا يتعدى في العام خلال أي فترة طولها 12 شهرا، 050.0 جزء في المليون أو مائة مايكرو جرام على المتر المكعب في أي موقع. فيما يتكون ثاني أكسيد الكبريت (SO2) كناتج لعمليات أكسدة البقايا الكبريتية الموجودة في بعض أنواع الوقود وذلك أثناء عملية الاحتراق، والذي يؤثر التركيز الكبير للغاز على النباتات والمسطحات المائية والمباني والآليات، ولمعرفة درجة الخطورة وقياس الغاز يجب ألا يتعدى متوسط تركيز ثاني أكسيد الكبريت في الساعة الواحدة خلال أي فترة طولها 30 يوما، 169.0 جزءًا في المليون أو 441 مايكرو جرام على المتر المكعب، كما يجب أن لا يتعدى متوسط تركيز ثاني أكسيد الكبريت في العام خلال أي فترة طولها 12 شهرًا 067.0 جزء في المليون أي 65 مايكرو جرامًا على المتر المكعب في أي موقع. وتمثل حرائق مخلفات قصب السكر أحد المصادر الأساسية للأتربة العالقة في الجو والتي تتم استثارتها عن طريق الرياح كما يمثل الحرق المكشوف للمخلفات بأنواعها مصدرًا هامًا من مصادر الأتربة الصدرية.