بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    بشير التابعي: حسام حسن لن يغامر أمام غينيا بيساو    جمال عبدالحميد يكشف أسباب تراجع أداء منتخب مصر أمام بوركينا    خلاف بين كولر ولجنة التخطيط بسبب نجم الأهلي    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بصحراوي المنيا    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    الأرصاد تكشف عن حالة الطقس المتوقعة اليوم الاثنين    تحرير 36 محضرا وضبط 272.5 كيلو أغذية منتهية الصلاحية بمدينة دهب    الفنانة التونسية لطيفة في حوار خاص مع "البوابة": والدتي كانت مصدر قوتي إلهامي.. أختار أغنياتي بناءً على شعوري الشخصي    سقوط 150 شهيدا.. برلمانيون ينددون بمجزرة النصيرات    زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان: مستعدون لتولى السلطة    صافرات الإنذار تدوى فى عكا وبلدات عدة شمالى إسرائيل    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    في وداعية القائد جيرو.. فرنسا تتعادل سلبيا مع كندا    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحى ما زال يخضع للتحقيق حتى الآن    عمر جابر: أنصح رمضان صبحي بالانتقال ل الزمالك.. وجوميز جيد ويكفي أنه تعلم من فيريرا    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    مجدي عبد الغني: الفوز على غينيا لا يُقرب الفراعنة من التأهل لكأس العالم    الآن يرتفع في 8 بنوك.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 10 يونيو 2024    الحج السياحي | 1298 شركة تتنافس لتقديم خدمات مميزة للحجاج    نقيب الصحفيين: لابد من إصدار قانون حرية المعلومات والمستشار محمود فوزى: محل توافق    أمر ملكى سعودى باستضافة 1000 حاج من ذوى شهداء ومصابى غزة استثنائياً    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    خبير تربوى يقدم نصائح لطلاب الثانوية: نم مبكرا وابتعد عمن يبثون طاقات سلبية    قوات الجيش الإسرائيلي تعتقل 4 أطفال فلسطينيين من الخليل والقدس    عمرو الفقي: المؤسسات العالمية نقلت عن القاهرة الإخبارية تغطيتها لأحداث غزة    لميس الحديدي تعلن إصابتها بمرض السرطان منذ 10 سنوات.. التفاصيل    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    حلو الكلام.. إنَّني أرقص دائمًا    «بنضم للمنتخب عشان صاحب صلاح؟».. عمر جابر يخرج عن صمته بتعليق ناري    رسالة غامضة من الممثل التركي كرم بورسين لجمهوره.. وهذا ما كشفه    دعاء تيسير الامتحان.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    بعد وفاة 40 مواطن لارتفاع الحرارة.. نائبة تطالب بوقف تخفيف الأحمال في أسوان    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    انتحار مديرة مدرسة بحبة حفظ الغلال بالمنوفية    قنصلية فرنسا تطلق مشروع الاقتصاد الدائري بدعم الاتحاد الأوروبي    50 مليون جنيه سنويًا.. حوار بين خالد البلشي وضياء رشوان حول زيادة بدل الصحفيين    كوريا الجنوبية تستأنف البث الدعائي ضد حملة "بالونات القمامة" لكوريا الشمالية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    "ابدأ": 70% من المشكلات التي تواجه المصنعين تدور حول التراخيص وتقنين الأوضاع    مصرع طفل في حريق سوبر ماركت بالفيوم    دعاء وفضل العشر الأوائل من ذي الحجة    الأول على الإعدادية الأزهرية بالإسماعيلية: مثلي الأعلى عمي وأتمنى أن أصبح طبيبا للقلب (فيديو)    العاهل الأردني: صمدنا في مواجهة التحديات بالعزيمة والصبر    الكشف على 1346 مواطنا بقافلة طبية مجانية بقراقص في دمنهور    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم التاسع من ذي الحجة "الوقوف بعرفة"    الطالبات يتصدرن.. «أزهر المنيا» تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية 2024    زيادة أكثر من 200 جنيه، ارتفاع سعر دواء شهير لعلاج مرضى الصرع    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبيا والسلام الصعب... مخاطر الحرب والانقسام
نشر في الفجر يوم 06 - 09 - 2011

لاشك ان ثوار ليبيا يواجهون اخطار كبيرة من اهها مخاطر الانقسام بين عناصر المعارضة، و إن سقوط الديكتاتور ليس نهايةاللعبة، كما كان واضحا في حالة العراق.
فهناك خلافات وانقسامات قبلية، فان اغتيال قائد قوات المعارضة عبدالفتاح يونس كان بمثابة مؤشر لذلك. الثوار اليوم مدعوون الى التحول إلى بناء الدولة، فأن سلوكيات الثوار في الأيام الأخيرة أفقدتها شيئا من مصداقيتها لتضاربها عقب إعلان السيطرة على طرابلس بشكل أكبر مما كان حقيقيا والاعلان عن أسر سيف الإسلام القذافي وظهوره أمام الكاميرات حرا .
واعتبر محللون سياسيون انه حين يكتمل سقوط القذافي ستجد المعارضة نفسها أمام تحد كبير لفرض سلطة القانون ومنع عمليات النهب والسرقة التي سادت العراق عقب سقوط نظام صدام حسين، وإعادة عمل مقومات الحياة في البلاد مثل المياه والكهرباء وضمان استمرار توريد النفط، واخيرا إجراء إصلاحات دستورية.
أن المرحلة النهائية للثورة يجب أن تكون انتقالا لحكم جيد وإقامة العدالة الاجتماعية وتحقيق النمو الاقتصادي الذي ينتفع منه الشعب الليبي.
حيث يقول الكاتب البريطانى روبرت فيسك إن حرب العصابات التى يقودها الموالين لمعمر القذافى تهدد تآكل القوى الجديدة، محذرا الغرب من تكرار أخطاء العراق.ويؤكد فيسك على ضرورةسرعة القبض على القذافى كى لا يتكرر السيناريو العراقى حينما استطاع صدام حسين الهروب، حيث عانت القوات الأمريكية من خسائر كبيرة فى الأرواح على يد جماعات التمرد العراقى الموالية لصدام.
أن القذافى لا يزال يشكل تهديدا جديرا بالاعتبار. فمازالت مدينة سرت تقع تحت سيطرة أعوان القذافى، فيما تشير صواريخ سكود التى أطلقت من هناك إلى احتمالات بأعمال مقاومة يائسة من قبل الموالين للنظام.
تحقيق السلام هو الأصعب
من جهتها قالت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية ضمن تقرير لمراسلها في طرابلس باتريك كوبيرن إن سيطرة الثوار العسكرية الفعالة ظاهرة بوضوح اكثر من الاستقرار السياسي. هناك حواجز في كل مكان في طرابلس وعلى طول الطريق الساحلي شرقا وغربا. الأمن جيد بشكل يبعث على الدهشة، إذا أخذنا في الاعتبار أن الحرب في هذه المناطق المأهولة انتهت منذ وقت قصير فقط. بل إن لعلعة الرصاص من الثوار المبتهجين في الهواء أخذت في الخفوت.
غير أن أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بطيئون في الوصول إلى طرابلس، وأكثر بطئا في تولي المسؤولية عندما يصلون إليها. وأخبرني عبد الرحمن الكعيب، أحد أعضاء المجلس أنه اعتقد بأن السياسيين من الثوار، رغم كل ثقتهم التي عبروا عنها بالنصر كانوا "غير منظمين الا انه لم يكن يخطر على بالهم أن انهيار القذافي سيتم بهذه السرعة. ثم ان قواته ليست بالقوة التي اعتقدناها".
والانقسامات التي لم تؤثر كثيرا في بنغازي أصبح لها اهمية عندما يتعلق الأمر بمن يتولى المناصب العليا في طرابلس. وهناك بالفعل صراع حول من سيتولى المسؤولية عن مليارات الدولارات التي سيتم الإفراج عنها. وانتهى بالأمس الموعد النهائي الذي حددته قبيلة العبيدي للمجلس الانتقالي للتعامل مع أعضائه المسؤولين عن قتل قائد جيش الثوار عبد الفتاح يونس يوم 29 تموز (يوليو). وكانوا قد هددوا بأنهم سينتقمون بأنفسهم إذا لم يقم المجلس بأي عمل.
والهدوء الحالي قد يكون خادعا إلى حد ما. لأن عددا كبيرا من الليبيين قابعون في بيوتهم بسبب اعتقادهم أن هناك خطرا كبيرا عليهم إذا خرجوا منها. وفوق ذلك كله، هناك أزمة نقص خانقة في الوقود. وحتى محطات الوقود المغلقة توجد أمامها طوابير من السيارات تنتظر ليلا ونهارا على أمل وصول الإمدادات. وأعادت متاجر قليلة فتح ابوابها، لكن معظمها موجود وسط المدينة في الأحياء التي يتوفر فيها الأمن مثل سوق الجمعة. ولا يزال كثير من الليبيين، وخصوصا في الأحياء الثرية مثل حي الأندلس، في تونس أو الدول الأخرى التي لجأوا إليها.
ومع ذلك، فإن تهديدات القذافي بخوض "حرب طويلة" تبدو جوفاء، رغم انها تجعل المجلس الانتقالي، المسيطر على كل الميليشيات يشعر بالعصبية. وأخبرني عبد الحكيم بلحاج أنه لن يفاجأ بوقوع بعض أعمال القنص والتفجيرات من جانب بعض الخلايا المؤيدة للقذافي. ووسط الحالة المتوترة الراهنة في طرابلس، فإن الهجمات الصغيرة تظهر بأن النظام القديم الذي لم يُستأصل بالكامل ربما سيكون له تأثير غير متناسب على الثقة. واصبح أفراد الميليشيات عصبيون تجاه أي عربة تقترب من الفندقين اللذين يقيم فيهما كثير من أعضاء المجلس الانتقالي ورجال الإعلام.
سكان طرابلس في حالة اندهاش، وكأنهم لا يصدقون تماما حظهم بانتهاء الحرب التي استمرت ستة شهور بسرعة وحسم. كما ان قادة الميليشيات مندهشون أيضا من ذلك. وحتى في منطقة مثل أبو سليم، التي كان من المفروض أنها مليئة بأنصار القذافي، لم يحدث فيها قتال يذكر. وقال خالد، وهو محاسب في بنك محلي يحمل بندقية: "اعتقدنا أنهم أقوياء، لكن القتال استمر ساعتين فقط. كثير من الناس غيروا ولاءهم في اللحظة الأخيرة". ويظن خالد والميليشيات الاخرى أن المقاتلين المؤيدين للقذافي انسحبوا إلى المزارع عند أطراف أبو سليم. وهم يخططون لاجتثاثهم من تلك المواقع.
ويدعي الجميع تقريبا في طرابلس أنهم كانوا يعملون سرا أو علنا لصالح الثوار. ومثل هذه المزاعم غير الواقعية يمكن الإدلاء بها في كل مدينة يتم احتلالها في كل العصور. لكن كل الدلائل تشير أإلى أنه في الوقت الذي اقتحم فيه الثوار مدينة الزاوية في شهر آب (أغسطس)، وفوجئوا بأن الطريق نحو طرابلس مفتوحة دون مقاومة، فإن معنويات قوات القذافي انهارت تماما.
ووصف جندي سابق كيف أنه تخلى عن دبابته في الزاوية عندما طلب منه التراجع أمام هجوم ثوار قادمين من جبل نفوسة، وأمام انتفاضة في الزاوية نفسها، بينما كانت طائرات الناتو تقصف مواقع القذافي الدفاعية بلا هوادة. وقرر ببساطة أنه لا جدوى من الانتظار إلى أن يحترق داخل دبابته فخلع زيه العسكري وركض هاربا.
أما في داخل طرابلس فإن أنصار النظام استخلصوا أنه لا يوجد سبب للموت من أجل قضية خاسرة. عصام، وهو إسلامي يمتلك شاحنة ومسؤول عن منطقة في سوق الجمعة، قال إن رجاله كانت لديهم أسلحة قليلة في البداية، لكنهم حصلوا عليها من خلال "التجوال بيتا بعد بيت مطالبين أنصار القذافي بتسليم أسلحتهم والبقاء في بيوتهم". ولم يرفض أحد منهم ذلك. وقال خالد من أبو سليم إنه اعتقد أن نقطة التحول في الحرب حدثت عندما فشل القذافي في احتلال مصراتة في أوائل الصيف وبعد تكثيف ال "ناتو" لغاراته الجوية. بعد ذلك بدأ رجال القذافي في التقهقر، وكان من السهل معرفة الطرف المنتصر.
القذافي هُزم من جانب تحالف عريض من اعدائه بدءا من المحامين في منظمات حقوق الإنسان والمقاتلين الجهاديين وأشخاص أمضوا سنوات في السجون ومسؤولين في النظام وضعهم في السجون. ووجد رجال من أمثال بلحاج، مؤسس الجماعة الليبية المقاتلة الذي قال إن المخابرات المركزية الأميركية عذبته في تايلاند عام 2004 ثم سلمته للقذافي حيث تم تعذيبه أيضا، أنفسهم يقاتلون متحالفين مع ال "ناتو".
والسؤال الملح الآن في ليبيا هو ما إذا كان هذا الائتلاف سيتماسك عندما يتعلق الأمر بإقامة المؤسسات الديموقراطية للدولة الجديدة. وهناك احتمال لحدوث صراع على السلطة، لكن ذلك لا يهم إذا تم الاتفاق على قواعد اللعبة أولا. وكان أحد معالم الطريق نحو الحرب الأهلية في العراق عام 2005 هو إجراء انتخابات، رغم أن المجتمع السني لم يوافق على تلك القواعد. وهناك عامل آخر لعدم الاستقرار في الصراع على السلطة داخل الدول النفطية مثل العراق وليبيا وهو أن كل من يصل الحكم، حتى لفترة قصيرة، مؤهل لكسب ثروات مالية كبيرة.
وإذا قُتل القذافي أو أسر فسيزيح ذلك بؤرة لتجميع أنصار النظام القديم، لكنه سيزيل كذلك سببا آخر لتكاتف المعارضة. فقد كان من مناح عديدة عدوا جاهزا في ساحة القتال. وكان يخسر دائما عندما كانت طائرات ال"ناتو" تقصف قواته، لأن فرنسا وبريطانيا لم يكن ممكنا أن تسمحا لنفسيهما بتلقي إهانة استمراره في الحكم. واستخدم هو وقادته تكتيكات ضعيفة الابتكار خلال الحرب، مثل وضع ألغام يتم تفجيرها عن بعد بجانب الطرق. وسيكون استخدام القنابل المحلية التي كانت قاتلة للقوات الأميركية في العراق مدمرا لقوافل الثوار من الشاحنات غير المصفحة.
ويبدو المجلس الانتقالي من الناحية السياسية هشا وغير موحد وغير مستعد لتولي الحكم. وفي المقابل، فإن اللجان المحلية التي تحمي شوارع طرابلس لديها قدرات عالية. ومع أن هناك نقصا في الماء والطعام والوقود وكل شيء تقريبا في المتاجر، فإن هذه اللجان تقول إنها كدست مخزونات كافية خلال الشهور الماضية للحليولة دون وقوع أزمة إنسانية. لكن القيادة السياسية تبدو ضعيفة، وليس من المحتمل أن تحل الميليشيات نفسها طواعية. وربما لن تتمكن الدولة الليبية الجديدة من الصمود أمام الكثير من الضغوط، ولكن، وعلى العكس من العراق وأفغانستان، فان من المحتمل أن لا تضطر ليبيا لمواجهة مثل تلك الضغوط.
ثوار ينهبون طرابلس
كما نشرت صحيفة "ذي اندبندت" تحقيقا من مراسلتها في طرابلس بورشيا ووكر تورد فيه شهادات أشخاص من العاصمة الليبية يصفون فيها قيام ثوار مسلحين بنهب محتويات منازل في بعض الأحياء الراقية من المدينة. وفي ما يأتي نص التحقيق:
"عندما دخلت في سيارة أحمد الحامدي قال لي إن المدينة آمنة. وبعد ساعتين من ذلك، سحب مسدسا محشوا بالرصاص من صندوق قفازات السيارة وأقر بأنه ينام واضعا بندقية "كلاشنيكوف" على سريره. ويمكن أن تكون طرابلس الآن في أيدي قوات الثوار، لكن ثمة تيارا خفيا من الخوف والريبة ما زال يخيم على المدينة.
كان الحامدي قد هرب أخيرا من سجن عين زهرة حيث كان محبوسا منذ 2009 وقضى ستة اشهر من تلك الفترة في الحبس الانفرادي. واتهم الحامدي الذي كان في السابق مدير العلاقات العامة في أحد مستفيات بنغازي بتنظيم جماعة سياسة مناوئة للنظام لكنه لم يقدم للمحاكمة.
أراد أن يأخذني ليريني بيوت القادة السابقين في نظام حكم القذافي. وفي منطقة كانت راقية ذات يوم، شكلت سيارات محروقة متاريس تسد الطرق عليها نقاط تفتيش عشوائية. كانت هناك ملابس وفرشات مبعثرة في الشارع وكانت بوابات فيللات واسعة محطمة ومفتوحة. كانت جميع العائلات التي عاشت من قبل في هذه المنطقة الموسرة قد فرت وانتقل الثوار إلى منازلها بعد أن قضوا على القناصة الموالين للنظام ونهبوا محتويات بيوت كثيرة.
ضمن حديقة منزل محترق، كان هناك شاب مسترخيا مستندا إلى جدار. كان يلف علم الاستقلال في شكل عصبة على رأسه وكان مسدس مدلى من حزامه فوق بنطاله القصير المزركش بأزهار. قال إن اسمه محمد شكري (26 عاما) وأن عددا قليلا من أنصار النظام السابق الأثرياء قد عادوا إلى منازلهم في الليلة السابقة لكن الثوار اعتقلوهم. واضاف: "قلنا لهم أنهم إذا عادوا فسنحرق بيوته".
واعترض السيد الحامدي ونشب جدل بينهما. قال الحامدي إنه يشعر بأن سكان هذه المنازل يجب تركهم وشأنهم أو محاكمتهم محاكة عادلة. وأضاف "إذا لم يفعل (احدهم) شيئا سيئا فإن هذا (اعتقاله)خطأ، وإذا فعل فإن هناك القانون". أما شكري فقال: "لنا حق. لقد أطلقوا الرصاص علينا من قبل".
وتبنى آخرون بوضوح وجهة نظر شكري. وعلى مسافة أبعد داخل المنطقة، بدا المنزل السابق لهنيبال القذافي منهوبا. كانت هناك سيرة "بي أم دبيلو" مانعة للرصاص مهجورة في الكاراج وكانت رائحة العفن تفوح من غزال نافق ملقى على العشب الطويل. وكانت بطاقات زيارة هنيبال المطبوعة بحروف سوداء نافرة ملقاة على أرضية غرفة النوم.
مع اقترابنا من منزل عبد الله السنوسي، عديل العقيد القاذفي والرئيس السابق للاستخبارات الذي هو أحد ثلاثة رجال وردت أسماؤهم في مذكرة الاعتقال الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية في أيار (مايو)، ركض رجل في منتصف العمر كان مرتديا جلبابا أبيض نحونا وقال "هذه سيارتي وهذا بيتي" . وأشار الى سيارة "همفي" سوداء جديدة واقفة على مقربة كانت جميع إطاراتها ممزقة. واضاف: "لم أفعل شيئا. إنني أدعم الثورة".
وأعرب الحامدي عن شكه في الأمر لكن الرجل ذا الرداء الأبيض واسمه يوسف شاكر (50 عاما) أصر على أنه رجل أعمال ولا علاقة له بالعقيد القذافي ونظام حكمه. أخذنا ليرينا بيته المحروق. وكان رجال قد أتوا قبل يومين من ذلك وأخذوا ثلاث سيارت و11 جهاز تلفزيون وهواتف نقالة.
كان الزجاج المهشم منثورا على الأرض في مجمع واسع، وكان ماء بركة السباحة قد أصبح اخضر اللون ولكن الاضرار في داخلية المنزل الأنيقة كانت طفيفةً نسبياً. وفي إحدى غرف النوم كانت هناك ثلاث من بناته الأربع جميعهن طالبات يدرسن الطب وكذلك زوجته وأحد أبناء أخيه. كانت أكبر بناته هيلين (23 عاما) مرتدية بنطلون جينز ضيقا وقمصيا قصير الكمين. أرتني خزائنها الفارغة وقالت "لم يبق لي شيء، حتى فستان عرسي سرقوه". كان عرسها قد أجل ونهب الذهب الذي أرادت ان يكون صيغتها، كما سرقت لها مجموعة من الفساتين لمصممين مرموقين. وقالت: "إنني أبكي، وأنا خائفة لكن لا يمكنني أن افعل شيئا".
قال إبن أخ شاكر واسمه صلاح عمرو غصبة (23 عاما) إنه شاهد الرجال الذين داهموا البيت واضاف: "رأيت ثوارا من مصراتة يدخلون بيتنا. وبعد ذلك دخل أناس آخرون البيت تحت حماية الثوار".
قالت فاطمة زوجة السيد شاكر: "في السابق ما كان بوسع أحد أن يدخل الباب الأمامي هنا لأن القذافي كان يحمي المنطقة. الآن لا يوجد أمان. بوسعهم أن يسرقوا بيتك وأنت تتفرجين. لا يمكنك عمل شيء لأنهم يحملون أسلحة".
انهيار محادثات دخول بني وليد
في السياق متصل تأهبت قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي لشن هجوم على بلدة بني وليد الصحراوية بعد فشل المفاوضين في اقناع الموالين لمعمر القذافي بتسليم احد اخر معاقلهم المتبقية.
والبلدة هي واحدة من بضع مناطق فقط في ليبيا لا تزال خاضعة لسيطرة الموالين للقذافي بعد انتفاضة تفجرت قبل ستة أشهر ونجحت في خلع الزعيم الليبي من سدة الحكم في طرابلس الشهر الماضي. وخارج البلدة قال مفاوض عن قوات المجلس الوطني الحاكم ان المحادثات انتهت.
وقال عبد الله كنشيل عند نقطة تفتيش على بعد نحو 60 كيلومترا من البلدة انه بصفته كبيرا للمفاوضين ليس لديه ما يقدمه في الوقت الراهن. وأضاف ان المفاوضات انتهت من جانبهم.
واضاف كنشيل ان شيوخ القبائل قالوا انهم لا يريدون المحادثات ويهددون أي شخص يتحرك. وتابع انهم ينشرون قناصة فوق المباني العالية وفي بساتين الزيتون وان لديهم قوة نيران كبيرة. واضاف ان مفاوضي المجلس الوطني قدموا تنازلات كثيرة في اللحظة الاخيرة. وقال ان الامر متروك للمجلس الوطني ليقرر الخطوة القادمة وحث انصار القذافي على ان يتركوا البلدة.
وكان شيوخ قبائل من بلدة بني وليد قد وصلوا الى نقطة التفتيش لاجراء المحادثات بعد ان قال المتحدث باسم المجلس عدة مرات خلال اليوم السابق ان المحادثات انتهت وانهم على وشك الهجوم على البلدة. بحسب رويترز.
وهناك تكهنات من مسؤولين بالمجلس الوطني الانتقالي بأن اعضاء من عائلة القذافي بل وحتى الزعيم الليبي السابق نفسه ربما يكونون مختبئين في البلدة. ولم يتسن الحصول على تعليق من الجانب الاخر. كما اقترتب القوات المناهضة للقذافي من مدينة سرت الساحلية مسقط رأس العقيد الليبي.
وقال احمد باني المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني في تصريح من بنغازي انه تجري حاليا مفاوضات بخصوص سرت بين شيوخها وعدة قبائل وقوات المجلس المحاصرة للمدينة.
واضاف ان الوقت الذي ستنتهي فيه المفاوضات ات وان قوات المجلس ستفرض ارادتها لتحرير سرت. وإلى الشرق من سرت اقترب المقاتلون كذلك وقالوا انهم مستعدون للتقدم. وقال باني ان المقاتلين في انتظار الضوء الاخضر من المجلس
وقال ناجي المغربي قائد كتيبة عمر المختار انهم في انتظار الضوء الاخضر من المجلس الانتقالي. واضاف انهم سيقتحمون سرت على الفور اذا طلب منهم ذلك. وقال مقاتل يدعى بلقاسم سليمان "ما من مخرج سوى الاستسلام او الموت."
وليس من المتاح الحصول على روايات مستقلة من داخل سرت وبني وليد وسبها حيث ان الاتصالات تبدو مقطوعة الى حد كبير.
وقال اكبر مسؤول في الامم المتحدة عن الشؤون الانسانية في ليبيا انه قلق بشأن مشكلات انسانية في الجيوب القليلة التي لا تزال خاضعة لانصار القذافي.
وقال بانوس مومتيزيس منسق الشؤون الانسانية لليبيا في الامم المتحدة "اننا نراقب عن كثب الموقف في سرت." واضاف "اننا منشغلون بحماية المدنيين في هذه المنطقة. اننا نفهم ان هناك حوارا يجري. نريد حقيقة ان نرى حلا سلميا في اسرع وقت ممكن."
وفي وقت سابق يوم الاحد قال مفاوض من المجلس الوطني الانتقالي ان قوات تابعة للمجلس تدعمها قوات حلف شمال الاطلسي تتمركز على بعد عشرة كيلومترات فقط من بني وليد وتواصل تقدمها وانها مستعدة لمهاجمة ما قال انهم ما يقدر بمئة من المقاتلين المناصرين للقذافي هناك.
وقال في الوقت الذي كانت طائرات الحلف الحربية تحلق في السماء انهم ينتظرون صدور الاوامر للقادة لدخول المدينة موضحا انهم ابلغوا سكانها انهم قادمون وانه ينبغي على كل فرد ان يبقى داخل منزله. كما اعرب عن امله في انجاز المهمة دون إراقة دماء.
وفي طرابلس بدأت الحياة تعود لطبيعتها بعد القتال الذي شهدته المدينة في الشهر الماضي واجازة عيد الفطر الاسبوع الماضي. وكثرت حركة المرور مع تحسن امدادات الوقود واستأنفت المقاهي انشطتها وفتحت المكاتب ابوابها.
وأعلن مسؤولون في المجلس الوطني عن خطط لدمج الاف المقاتلين المسلحين في الشرطة وتوفير وظائف للباقين. وقال مسؤولون انهم سينظمون برامج اعادة تدريب واندماج للذين قاتلوا في صفوف القذافي ايضا. وتسبب التفسخ الذي لحق بحكم القذافي بعد ستة اشهر من الحرب في حدوث فراغ امني تمثل في عدم وجود قوات امن حاليا. ولا تنتمي اعداد كبيرة من المقاتلين السابقين المناهضين للقذافي لاي هيكل رسمي علاوة على وجود كميات كبيرة الاسلحة.
ولكن وفي علامة مبكرة على حدوث انقسامات دعا اسماعيل الصلابي القائد العسكري الاسلامي الذي ساعد في الدفاع عن بنغازي ضد قوات معمر القذافي الحكومة الانتقالية الى الاستقالة قائلا انها من بقايا النظام القديم.
ونفى متحدث باسم القذافي يختبيء منذ سيطر خصومه على طرابلس في 23 اغسطس اب وجود محادثات للاستسلام وقال ان زعماء القبائل الاقوياء لا يزالون يؤيدون القذافي. وقال المتحدث موسى ابراهيم من مكان لم يكشف عنه ان القذافي "داخل البلاد مضيفا انه "في مكان امن يحيطه العديد من الناس المستعدين لحمايته."
الطوارق
في حين يحث زعماء الطوارق في النيجر ومالي مواطنيهم الذين قاتلوا في جيش معمر القذافي على البقاء في ليبيا والالتفاف حول زعمائها الجدد بدلا من أن يتجهوا جنوبا عائدين الى بلادهم. ويخشى زعماء الطوارق من احتمال أن تؤدي عودة الاف المقاتلين المسلحين الى اثار مدمرة في منطقة عانت لسنوات من التمرد وتسعى الان جاهدة للتصدي لحلفاء محليين للقاعدة يتكسبون من خطف الرهائن الاجانب.
وقال زعماء الطوارق أنهم حصلوا في أوائل الشهر الماضي على تأكيد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي لعدم استهداف الطوارق من افراد الجيش النظامي لكنهم أشاروا الى أنهم وأفارقة اخرين في ليبيا ما زالوا عرضة لخطر الاعمال الانتقامية.
وقال ابراهيم أج محمد الصالح عضو البرلمان في مالي عن بلدة بوريم في شمال البلاد "نحن لا نشك في شركائنا في المجلس الوطني الانتقالي ولا في استعدادهم للمضي قدما. لكن الحرب هي الحرب... هناك دائما عناصر منفلتة." وأضاف الصالح الذي يرأس "مجموعة اتصال" مع المجلس الوطني الانتقالي تضم 13 من زعماء الطوارق في مالي والنيجر متحدثا الى رويترز في نيامي عاصمة النيجر "يجب أن يكون المجلس الوطني الانتقالي على قدر المهمة وأن يحول قبل كل شيء دون تصفية الحسابات."
وذكر الصالح أن مجموعته تستخدم اتصالاتها في ليبيا لحث مقاتلي الطوارق في المعاقل القليلة الباقية الموالية للقذافي مثل سبها في الجنوب الغربي على القاء السلاح ومساندة المجلس الوطني الانتقالي "دون اراقة للدماء".
والطوارق من أكبر جماعات البدو الرحل في الصحراء الكبرى وهم منتشرون في أنحاء شمال وغرب أفريقيا. واستقر عشرات الالاف من الطوارق من مالي والنيجر منذ عقود في ليبيا في عهد القذافي تاركين في ديارهم موارد طبيعية مثل اليورانيوم والذهب لم تساعد حتى الان الشعبين اللذين يعيش الكثير من أفرادهما على أقل من دولار في اليوم للفرد.
وبعد انهيار نظام القذافي تعرض الطوارق وغيرهم من المهاجرين الافارقة الذين يعملون في ليبيا لهجمات عنيفة ترجع دوافعها فيما يبدو اما الى العنصرية المباشرة واما الى الاعتقاد السائد بين كثير من الليبيين أنهم مرتزقة موالون للقذافي.
وهون زعماء الطوارق من شأن تقارير اعلامية ذكرت أن كثيرا من الافارقة هرعوا الى ليبيا في وقت سابق هذا العام للقتال كمرتزفة لحساب القذافي قائلين ان المشكلة الاهم هي عشرات الالاف من الطوارق الذين يخدمون منذ سنوات في صفوف الجيش النظامي.
وقال محمد أناكو رئيس المجلس المحلي في أجاديز بشمال النيجر "كان علينا... أن نقيم اتصالات بين المجلس الوطني الانتقالي والطوارق القادمين من مالي والنيجر من أجل خلق الثقة حتى لا يرحلوا (الطوارق من افراد الجيش النظامي) غدا بأسلحتهم ويعودوا الى النيجر ومالي."
وأضاف "النيجر ومالي دولتان هشتان جدا.. لا تتحملان استقبال مثل هذا التدفق لاننا نتحدث عن مئات الالاف من الاشخاص" بما في ذلك أفراد عائلات الجنود الطوارق في الجيش الليبي الذين سيعودون معهم.
وتعاني منطقة أجاديز من انهيار السياحة التي كانت مزدهرة بسبب موجة من حوادث خطف الاجانب المرتبطة بالقاعدة في منطقة الساحل ومع ذلك فقد استقبلت بالفعل 80 ألف مهاجر عائد من ليبيا.
لكن الصالح ذكر أن زهاء 100 من هؤلاء فقط كانوا جنودا في جيش القذافي. وقال "نقول لهم طوال الوقت أن يعودوا الى ثكناتهم" في ليبيا. بحسب رويترز.
وأكد فتحي بن خليفة عضو مجموعة العمل الليبية المناهضة للقذافي المقيم في هولندا أنه يعمل مع المجلس الوطني الانتقالي وزعماء الطوارق خارج ليبيا لحماية الطوارق في الداخل. وقال "كثير من الطوارق كانوا ضمن جيش القذافي وأصدقاؤنا في مالي والنيجر يساعدوننا على حل المشكلة." وتابع "كثير من الشبان كانوا ضالعين مع القذافي. تلقوا بعض الاوامر من الضباط وأطاعوا" مضيفا أن كثيرين منهم انشقوا منذ ذللك الحين وأن أقل من 100 من الطوارق يعتقد أنهم ما زالوا يقاتلون من أجل القذافي.
وتوقع الصالح أن يستغرق الامر ما بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لعودة سلطة القانون والامن بدرجة أكبر في ليبيا ولتوقف الهجمات التي يتعرض لها الطوارق وغيرهم من الافارقة.
لكن العائدين الى ديارهم من ليبيا قالوا ان المئات يختبئون هناك حاليا ويخشون الخروج لئلا يتعرضوا لهجمات من القوات المناهضة للقذافي. وقال سومايلا مامان (35 عاما) الذي عاد يوم الجمعة الى بلده النيجر عن طريق سبها "كل ما أعرفه هو أن مئات النيجريين سواء الذين قاتلوا من أجل القذافي أو العمال العاديين مختبئون في بلدات هناك ويخافون الخروج." وأضاف "المعارضون يعتبرون كل السود والطوارق موالين للقذافي ولا يترددون في اطلاق النار عليهم."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.