في ظل الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم بالوقت الحالي، واتخاذ قرارات صارمة لمكافحة تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، وما تبنته الدولة من إجراءات للحد من تأثيرات الفيروس على الاقتصاد، ومبادرة البنك المركزي وجهاز تنمية المشروعات، بتأجيل أقساط قروض الشركات والأفراد، إلا أن شركات وجمعيات التمويل متناهي الصغر، أصبحت شبحًا يطارد البسطاء، بتحميلهم ما لا طاقة لهم به لمطالبتهم بانتظام السداد وإلا الحبس أو الغرامة. وقرر البنك المركزي الأسبوع الماضي، تأجيل سداد أقساط قروض الأشخاص الطبيعيين والشركات المنتظمين في السداد وغير المنتظمين، بدون غرامات تأخير أو رسوم لمدة 6 شهور، وذلك في إطار تدابير وإجراءات مواجهة تداعيات تفشى فيروس كورونا، كما أعلن جهاز تنمية المشروعات، أمس السبت، تأجيل أقساط المقترضين من مالكي المشروعات الصغيرة بمختلف أنواعها، إلا أن تستقر الأوضاع وتعاود تلك المشروعات نشاطها الاقتصادي، دون أن يتحملوا الفائدة المتفق عليها، مع اضافة تكلفة مد وثائق التأمين وخدمات الدين. أما عن جمعيات وشركات التمويل متناهي الصغر، التي تخدم نحو 3.5 مليون عميل في القطاع غير الرسمي، من خلال أكثر من 200 ألف موظف يعملون لدى 964 جمعية ومؤسسة أهلية و11 شركة للتمويل متناهي الصغر، بخلاف البنوك التى تقدم الخدمة بطريق مباشر، ما زالت حتى الآن تطالب المقترضين بالانتظام في سداد أقساطهم الشهرية، وإما الغرامة أو الحبس. وفي هذا الصدد، أوضح " شعبان أبو الحسن"، من محافظة الأقصر، أنه اقترض نحو 15 ألف جنيه من إحدى شركات التمويل متناهي الصغر، بما يعادل دفع 860 جنيه قيمة أقساط شهرية، مشيرًا إلى أنه تمكن من سداد 5 آلاف جنيه خلال الأشهر الماضية، من خلال عمله في المجال السياحي، حتى توقف العمل تمامًا، وتم الاستغناء عن الكثيرون من العمالة. وأضاف ل" الفجر"،: " أنا رب أسرة مكونة من 5 أشخاص، واقتراضي للمبلغ كان بسبب الظروف المعيشية وولادة زوجتي التي تكلفت الكثير، وفي الوقت الحالي ليس لدي عمل، ومُطالب بتوفير دخل لأسرتي، والشركة تطالبني بالسداد. ولفت عمر الطاهر، تاجر أحذية، إلى أنه قام باقتراض مبلغ مالي بقيمة 38 ألف جنيه، لتوسعة نشاطه التجاري، ودفع أقساط بقيمة ألفان و365 جنيه شهريًا، مشيرًا إلى أنه يتبقى عليه 9 أقساط خلال الفترة المقبلة. وتابع الطاهر، نظرًا للظروف الحالية التي تعيشها الدولة من مخاوف تفشي وباء كورونا، وما فرضته من اجراءات احترازية لمواجهة الفيروس، وغلق الأنشطة التجارية يومي الجمعة والسبت كليًا، مع فرض حظر التجول في الفترة المسائية، وتخوف المواطنين من الخروج من منازلهم، تضرر المشروع بشكل كلي لعدم وجود مبيعات، ولم أستطع توفير مصاريف لأسرتي، ورغم ذلك تطالبني الشركة بسداد قيمة القسط أنا والكثيرون من التجار. وأشارت إيمان مختار، محاسبة مصرفية، إلى أن مشروعات وجمعيات التمويل متناهي الصغر، تتقاضى أرباحًا من المقترضين تتراوح قيمتها ما بين 24% حتى 34 %، ويلجأ لها كثيرًا من البسطاء لسهولة اجراءات الاقتراض، ولم تقم بتأجيل السداد للمقترضين، رغم أن البنوك التي لا تزيد قيمة أرباحها عن 11 % قامت بهذه الخطوة، مطالبة الهيئة العامة للرقابة المالية بوضع آليات للمتضررين من المقترضين من تلك المؤسسات الغير رسمية، لعدم تمكنهم من السداد في الفترة الحالية بسبب الظروف الاقتصادية، مؤكدة أن غالبية المقترضين من هذه الشركات والجمعيات، هم من العاملة الغير منتظمة، أو أصحاب مشروعات صغيرة تضررت اقتصاديًا في ظل اجراءات مكافحة فيروس كورونا. فيما ناشد العديد من المقترضين من مشروعات وجمعيات التمويل المتناهي الصغر، هيئة الرقابة المالية، بضرورة توفير حلول عاجلة مع تلك المؤسسات، بداية شهر أبريل الجاري، حتى لا يتم تطبيق غرامات مالية عليهم، تحملهم ما لا طاقة لهم به، أو تؤدي بهم في النهاية للسجن، لعدم تمكنهم من السداد نظرًا للظروف المعيشية التي يمرون بها في الوقت الحالي، ولا يعلمون ماذا سيحدث مستقبلًا لما يحط به الفيروس من غموض قد يؤدي إلى اتخاذ اجراءات أكثر صرامة مما يحدث حاليًا.