بعد دعوة رونيه الطرابلسي، وزير السياحة التونسي لمنح جواز سفر للإسرائيليين لتسهيل دخول تونس، ثارت ضجة في البلاد، تطالب الوزير بالاستقالة، متهمة إياه بالتطبيع مع دولة الاحتلال، ورغم أن مهمته ستنتهي قريبا عند تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن دعوته بالتطبيع مع الكيان الصهيوني سارعت بالأمر. حملة مناهضة التطبيع بتونس سارعت لإصدار بيان ضد اقتراح الطرابلسي بمنح جوازات سفر تونسية للإسرائيليين من أصل تونسي، واصفة وزير السياحة بالمتصهين، وأكدت أنه كان له دور بالفعل في التطبيع مع دولة الاحتلال عام 2012، ويعارض موقف الرئيس التونسي قيس سعيد بشأن القضية الفلسطينية ودعت لإقالته على الفور. المحامي والنائب التونسي خالد الكريشي دعا هو الآخر إلى إقالة الطرابلسي، واتهم رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد بالمشاركة في "جريمة الخيانة العظمى" إذا لم يتخذ موقفا واضحا بشأن وزيره، وحمل المسؤولية كاملة لأحزاب الائتلاف الحاكم من حركتي النهضة وتحيا تونس التي قبلت به وزيرا للسياحة، رغم تشكيك العديد من النواب في امكانية حمله لجنسية الكيان الصهيوني. الفجر تواصلت مع عدد من الكتاب والسياسيين من تونس للتعليق على الأمر، وبينوا أن الطرابلسي وإن كان معروف دوره في تنشيط السياحة التونسية، إلا أن تصريحه ظهر تطبيعا صريحا مع الكيان الصهيوني، مبينين أن البعض استغل التصريحات للتقارب مع الريس الجديد، فيما اعتبرها آخرون أمر عادي. ولاء للكيان الصهيوني الإعلامية والكاتبة التونسية، ضحي طليق قالت إن تصريحات وزير السياحة مثلت استفزازا ليس فقط الشعب الفلسطيني بل وكذلك التونسيين الداعمين للقضية الفلسطينية، مبينة أن الطرابلسي أتى بهذه التصريحات يوم 29 نوفمبر الماضي، وهو اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني في تناقض تام مع سياسة تونس الخارجية ومواقفها الثابتة والمبدؤية الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني من أجل استرداد حقوقه المشروعة، وأوضحت أن الطرابلسي أكد بهذه التصريحات ولائه للكيان الصهيوني بدل الولاء لتونس، كما كشف عن جهله بقوانين تونس التي تجرم وتعاقب بالسجن كل مواطن تونسي يضع نفسه زمن السلم على ذمة دولة أخرى أو جيشها أو منظمة إرهابية. محاولة كسب تأييد دولي وبينت طليق أنه من الواضح أن الطرابلسي استبق إمكانية إقالته لفشله في مهمته كوزير للسياحة بالخروج بهذه التصريحات لكسب تأييد دولي من الدول الداعمة لاسرائيل بنية الضغط على الحكومة التونسية للابقاء عليه. استحالة تنفيذ طلب التطبيع وأكدت طليق أن تونس بها أحزاب ومنظمات قوية لن تسمح بتجاوز القانون التونسي أو بالتطبيع مع إسرائيل، ورغم أنها بلد متسامح يقبل التنوع واختلاف المعتقد لكن لا تتسامح مع الاحتلال والظلم بشتى أنواعه. حركة النهضة "الإخوان" وتطبيعها مع إسرائيل القيادي بحزب تحيا تونس مهدي عبد الجواد، أوضح أن تصريح الطرابلسي أعاد مسألة التطبيع مع إسرائيل إلى واجهة الأحداث السياسية، مبينا أن القضية الفلسطينية تبقى مجالا واسعا للمزايدة السياسية، وأوضح أن مسألة تجريم التطبيع محور جدل كبير منذ سنوات، وتم رفض التنصيص على ذلك في الدستور، فالجميع يعلم الارتباط القوي لجماعات الاسلام السياسي والإخوان بدوائر النفوذ المالي والمخابراتي الذي تهيمن عليه لوبيات صهيونية أو قريبة من اسرائيل وصلاتها بها غير خفية، فقد سبق واستقبل اخوان تونس جون ماكين وحاضر زعيمهم أمام منظمة الأيباك، لذلك بدت أصواتهم خافتة في التعليق على تصريحات السيد الطرابلسي. وبينت طليق أن حركة النهضة وإن كانت الحزب الأول في المجلس فليس لديها الأغلبية التي تؤهلها للدفع باتجاه هذا الخيار، علما أنها أول من وقف ومنع تمرير قانون تجريم التطبيع في الفترة النيابية السابقة،إلا أنها تبقى هذه المرة ضعيفة ولن تحظى بالتأييد فهي أمام عدد هائل من القضايا والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ستجعلها تفكر مليا قبل الإقدام على اتخاذ أي خطوة قد تثير غضب شريحة هامة من الشعب التونسي أراء مختلفة وذكر المهدي أن المعارضة الكبيرة التي وصلت حد المطالبة بإقالة الوزير أو دفعه على الاستقالة صدرت من بعض الأحزاب القومية واليسارية أو بعض النقابات، فحركة الشعب وهي تيار ناصري استغلت الفرصة لتطلب إقالة الطرابلسي، مضيفا أنها يبدو أنها استغلت تصريح الوزير لمزيد التقارب مع الرئيس الجديد سعيد الذي بادر بإطلاق تصريحات حول "الحرب" مع إسرائيل. وأوضح المهدي أن جزءا كبيرا من النخب والإعلاميين لم يروا عيبا في تصريح الوزير، بل اعتبر زياد الهاني وأحد الصحفيين المرموقين أن ما طالب به الوزير وجيه، واستند 0خرون الى الدستور الجديد الذي يمنع سحب الجنسية التونسية من أي تونسي تحت أي مبررفيما ذهب 0خرون الى المقارنة بين استقبال العائدين من الحرب مع داعش بهؤلاء، أما الاكثر تحررا من "النضال" فبعتبرون أن الأهم هي تونس، وكل ما يخدم مصالحها مقدم على غيره.