"النجاح ليس وليد الصدفة" ربما قرأت تلك الجملة في إحدى مواضيع التعبير خلال دراستك الثانوية، لكن يبدو أنها ليست مجرد حبر على ورق بل قصة لحياة كاملة ما زالت فصولها الأولي تُكتب ويحمل الغلاف عنوان "محمد عبدالغني، قصة الكفاح" فتعالوا نتعرف سويًا علي فصول تلك الحكاية المثيرة ونحاول أن نستقرأ أحداث المستقبل. الداخلية من بداية الحلم إلى خيبة الأمل في البداية كان محمد عبدالغني فتي في سن الثانية عشر يمارس اللعبة بإحدى مدارس الكرة في القاهرة وأثناء لعب فريقه مباراة ودية ضد الداخلية اعجب المسؤولين بمستوي عبدالغني ليقرروا ضمه إلي النادي، واستمر معهم طيلة 8 سنوات لعب خلالها في مراحل الناشئين المختلفة حتي وصل إلي سن العشرين وانضم إلي معسكر المنتخب الأوليمبي رفقة الكابتن حسام البدري. وتم تصعيده للتدريب مع الفريق الأول للداخلية الذي كان صعد إلي الدوري الممتاز لكنه لم يكن يتقاضى أي مرتب وكان يذهب إلي التدريب علي نفقته الخاصة وأحيانًا يصحبه والده، وقبل بداية الموسم الجديد وعده المدير الفني علاء عبدالعال بقيده مع الفريق الأول وعمل عقد مناسب له حيث كانت تنص اللائحة علي السماح بإضافة خمس لاعبين ناشئين إلي قائمة الفريق، لكن بشكل مفاجئ قرر نادي الداخلية عدم قيد أيًا من الناشئين وتم توجيه الشكر لعبدالغني علي الفترة التي لعبها مع النادي قبل غلق باب القيد بأسبوع واحد. رحلة سوهاج استعادة الحلم والكفاح المرير "حسيت الدنيا قفلت فوشي، كنت هقعد في البيت واسيب الكورة" هكذا وصف عبدالغني شعوره بعد سماع خبر استغناء نادي الداخلية عنه بعد كل تلك السنوات التي قضاها مع النادي لا يعرف غيره ولا يفعل شيء في حياته سوي دراسته وإتباع شغفه بكرة القدم، بعدها بأيام اتصل أحد الوكلاء بعبدالغني ليتوجه إلي حرس الحدود لكنه فشل في الانضمام للفريق، وقبل غلق باب الانتقالات بأيام قليلة اتصل به أحد مدربيه السابقين في ناشئين الداخلية ليخبره بالتوجه إلي سوهاج حيث تم ترشيحه للانضمام للفريق وبالفعل شارك معهم في تمرينه ليقرر نادي سوهاج التعاقد مع عبدالغني بعقد لمدة 3 سنوات بمرتب 20 ألف جنية في السنه، وبالرغم من هذا المبلغ الهزيل لكن والده حين علم قال له "متبصش للفلوس دلوقتي، المهم تلعب" ليقرر عبدالغني التوقيع مع النادي. ليسكن في مدينة سوهاج في شقة مع 6 لاعبين آخرين وبدون اي وسيلة ترفيه ويتغرب للمرة الأولي عن أسرته ولزيارتهم كان يضطر لركوب القطار لمدة 10 ساعات كاملة، ويحكي اللاعب أنه في بعض الأوقات كان ينهي المباراة ويتوجه لزيارة أسرته فلا يجد تذاكر متاحة فكان يضطر إلي الوقوف كل تلك الساعات في القطار وأحيانًا يفرش البشكير أمام حمام القطار ويجلس عليه، ومع منحه وجبة واحدة فقط خلال اليوم وعدم مشاركته بشكل مستمر مع الفريق في بدايته قرر عبدالغني حزم حقائبه في 8 مرات وأخبر والدته أنه سيعود ولن يستمر لكنها طالبته بالبقاء والصبر. إف سي مصر البداية الحقيقية بعد قصة كفاح عبدالغني في سوهاج لعب موسمين مع الفريق وكانت مباريات الفريق بدأت تذاع علي التلفاز فطلب الألمونيوم ضم اللاعب بعد السنة الأولي مع وعد بمنحه مرتب جيد لكن سوهاج طالبه بدفع 500 ألف جنية للاستغناء عنه وهو مبلغ خيالي بالنسبة لمرتبة مع الفريق ففشلت خطوة انتقاله لكن بعد نهاية الموسم الثاني نجح عبدالغني في الانتقال إلي إف سي مصر بعدما دفع اللاعب أموال من جيبه الشخصي، حيث كانت بداية الانطلاقة الحقيقية للغاية. مفاوضات الأهلي وتفضيل الزمالك لعب عبدالغني في بطولة الكأس ضد أنبي والإسماعيلي وقدم مستويات رائعة لتطالب أندية الممتاز بالتعاقد معه حيث تلقي عروض من أنبي وطلائع الجيش ونادي سموحه الذي أرسل فاكس رسمي للتعاقد معه، وفي ظل انتظار اللاعب إتمام انتقاله لسموحه تفاجئ باتصال من الكابتن ناجي خليل عضو اللجنة الفنية بالنادي الأهلي تبعه اتصال من الكابتن سيد عبد الحفيظ ليعلنوا لعبة الأهلي في التعاقد مع اللاعب، وحين علم الكابتن خالد جلال والذي كان المدير الفني لإف سي مصر وقتها رشح اللاعب لإدارة الزمالك، ومع رحيل علي جبر للاحتراف قرر الزمالك حسم الصفقة بتزكية من إيهاب جلال المدير الفني للزمالك حينها والذي اعجب باللاعب خلال تدريبة لنادي أنبي وكان طالب النادي البترولي بالتعاقد معه، ليحسم الزمالك الصفقة رسميًا ويصبح محمد عبدالغني لاعبًا في القلعة البيضاء. رجل البطولات في خلال موسم ونصف لعبهم عبدالغني مع الزمالك استطاع أن يقدم مستويات كبيرة للغاية واكتسب حب واحترام جماهير النادي بعدما ساهم في تحقيق بطولتي كأس مصر والكونفدرالية في الموسم الأخير حيث كان له دور كبير مع الفريق وكان من نجوم الفريق بطولة الكونفدرالية وشارك في المباراة النهائية ضد نهضة بركان واستطاع إيقاف خطورة المهاجم الخطير لابا كودجو كما لعب جميع مباريات الكأس وقدم أداء فريد من نوعه استحق عليه أن يكون من رجالات تلك البطولة ويكلل مجهوده بتحقيق اللقب بعد الفوز في النهائي علي بيراميدز بثلاثية نظيفة. مستقبل عبدالغني والمنتخب القومي لا شك أن محمد عبدالغني مدافع من طراز فريد وتدعيم قوي لدفاع نادي الزمالك وكذا الحال مع المنتخب القومي الذي يقترب عبدالغني من الانضمام لصفوفه في المعسكرات القادمة، وإذا استمر علي نفس الأداء واستطاع التطور قد يكون أحد أعمدة المنتخب القومي في السنوات القادمة خاصةً أن اللاعب ما زال في سن السادسة والعشرين وأمامه مستقبل كبير.. تلك كانت حكاية محمد عبدالغني، المدافع الأنيق الذي قلما أنجبت الكرة المصرية مثله.