إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    قائد المنطقة الجنوبية العسكرية يلتقي شيوخ وعواقل «حلايب وشلاتين»    منشآت مستثناة من تخفيف أحمال الكهرباء .. تعرف عليها    بايدن يثق بفوزه بولاية ثانية ويشكك في قبول ترامب نتائج الانتخابات    ملف يلا كورة.. حفل تأبين العامري فاروق.. غيابات الزمالك.. ومفاجأة لصالح جمعة    أحمد عيد: هنفرح جماهير المحلة في الدوري الممتاز.. وهذه كانت أصعب لحظة    احتفالات جنونية من لاعبي غزل المحلة مع الجماهير بعد الصعود للممتاز (فيديو وصور)    «الأرصاد» تُحذّر من حالة طقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    الفصائل الفلسطينية تشارك في مفاوضات القاهرة    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    سعر البصل والخيار والخضروات بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 9 مايو 2024    الأهلي يفاوض صفقة مغربية جديدة.. بديل علي معلول    ناقد رياضي يصدم الزمالك حول قرار اعتراضه على حكام نهائي الكونفدرالية    خوان ماتا: كنت أتمنى مزاملة ميسي.. وهذا موقفي من الاعتزال    الأوبرا تحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة على المسرح الصغير    ماذا طلب كريم عبد العزيز بعد ساعات من وفاة والدته؟    مصطفى خاطر يروج للحلقتين الأجدد من "البيت بيتي 2"    ما الأفضل عمرة التطوع أم الإنفاق على الفقراء؟.. الإفتاء توضح    مواد مسرطنة في القهوة منزوعة الكافيين احذرها    حقيقة تعديل جدول امتحانات الثانوية العامة 2024.. اعرفها    «المصريين الأحرار»: بيانات الأحزاب تفويض للدولة للحفاظ على الأمن القومي    شوبير يكشف مفاجأة بشأن تجديد عقد علي معلول في الأهلي.. خلاف حول الراتب.. عاجل    معلومات عن ريهام أيمن بعد تعرضها لأزمة صحية.. لماذا ابتعدت عن الفن؟    انتخاب أحمد أبو هشيمة عضوا بمجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    جريمة تهز العراق، أب يقتل 12 فردا من عائلته ثم يتخلص من حياته (صور)    مصدر: حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية منفتحون نحو إنجاح الجهود المصرية في وقف إطلاق النار    زعيمان بالكونجرس ينتقدان تعليق شحنات مساعدات عسكرية لإسرائيل    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9 مايو في محافظات مصر    الزمالك يشكر وزيرا الطيران المدني و الشباب والرياضة لدعم رحلة الفريق إلى المغرب    بعد إصدار قانون التصالح| هذه الأماكن معفاة من تلك الشروط.. فما هي؟    إعلام فلسطيني: غارة إسرائيلية على حي الصبرة جنوب مدينة غزة شمالي القطاع    6 طرق لعلاج احتباس الغازات في البطن بدون دواء    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بدولة فلسطين    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    تعرف على سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الخميس 9 مايو 2024    إنتل تتوقع تراجع إيراداتها خلال الربع الثاني    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح استرازينكا    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب الحرم المكي: صاحب الهمة العالية يصنع الفرص ولا ينتظرها
نشر في الفجر يوم 08 - 02 - 2019

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، المسلمين بتقواه سبحانه جل في علاه؛ فهي العز والفوز والنجاة، ما خاب من استمسك بها، وما أفلح من تركها؛ مستشهداً بقوله تعالى: {فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون}.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: "خلق الله تعالى بني آدم، وحثهم على عمارة الأرض وإصلاحها، {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}، وهذه العمارة، تشمل كل ما فيه نفع وفائدة، للعباد والبلاد، من الزراعة والصناعة، والتشييد والبناء، والأخذ بأسباب التحصن والقوة؛ فقد هيأ سبحانه لعباده ما يلزم لعمارة أرضه، وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة، وسخّر لهم فرص الفوز والفلاح؛ فالموفَّق مَن يبادر إليها، ويجدّ ويجتهد في اغتنامها؛ فينفع نفسه ويعمر وطنه ويُعلي شأن أمته.
وأوضح أن الفرصة قد تكون قُربة وطاعة، أو عمل خير يتعدى نفعه إلى غيره، أو مشاركة في بناء وطن وتنمية، وقد تكون منصباً رفيعاً، أو جاهاً كريماً، يسخّره صاحبه لنفع بلاده ومجتمعه، والإسلام وأهله.
وبيّن أن صاحب الهمة العالية مَن يصنع لنفسه الفرص، ولا ينتظرها تطرق بابه؛ بل يبادر في تحصيلها؛ سواء كان ذلك في أمر الدنيا أو الآخرة، وفي مصنف ابن أبي شيبة، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إني لأمقت الرجل أن أراه فارغاً، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة".
وقال "المعيقلي": لقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ورسله فقال: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين}. أي: يبادرون إلى الخيرات، ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها، إلا انتهزوا الفرصة فيها فهذا نبي الله موسى عليه السلام، لما اطمئن قلبه بكلام رب الأرباب، وأن الذي يخاطبه هو مسبب الأسباب، اغتنم عليه السلام الفرصة، قال تعالى: {قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري}؛ فاستجاب له ربه في قوله جل وعلا: {قال قد أوتيت سؤلك يا موسى}.
وتناول قصة النبي زكريا عليه السلام مع السيدة مريم عليها السلام؛ إذ دخل عليها وهي منقطعة للعبادة، لا كسب لها ولا تجارة، قال سبحانه وتعالى: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب}؛ فلما رأى آثار فضل الله ورحمته؛ اغتنم عليه السلام الفرصة، فدعا الله تعالى بأن يرزقه الولد الصالح، فالذي رزق مريم بغير سبب، قادر على أن يهب للشيخ الكبير الولد، وجاء ذلك في قوله تعالى: {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذريةً طيبةً إنك سميع الدعاء، فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين}.
وتطرّق لموقف ثالث وصفه بالعجيب، لنبي الله سليمان عليه السلام، لما ألهته الخيل الجياد، عن ذكره لربه وصلاة المساء؛ ندم على ما مضى منه، وتقرب إلى الله تعالى بما ألهاه عن ذكره، فأمر عليه السلام بعقرها، والتصدق بلحمها، واغتنم فرصة الندم والتوبة ونفحات المغفرة والرحمة، فاستغفر ربه في قوله تعالى: {قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}، فجاءت الاستجابة من الله العلي القدير، وعوّضه سبحانه خيراً مما تركه.
واستشهد بقول الله تعالى: {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب، والشياطين كل بناء وغواص، وآخرين مقرنين في الأصفاد، هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب، وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}.
وأردف "المعيقلي": أما نبينا صلوات ربي وسلامه عليه؛ فقد كان مثالاً يُحتذى، في اغتنام الفرص، وحين قَدِمَ إلى المدينة، وأتيحت له الفرصة، بادَرَ بتقسيم الأعمال، ومكّن أصحاب المواهب، وهيّأ لهم الفرص؛ فبلال لرفع الأذان، وخالد بن الوليد لنصرة الدين بالسنان، وأما نصرة الدين بالشعر والبيان فكان النصيب الأكبر فيه لحسان رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.. ومر صلى الله عليه وسلم يوماً بسوق المدينة، والناس مشغولون ببيعهم وشرائهم؛ فأراد أن يذكّرهم بقيمة الدنيا وألا تلهيهم تجارتهم عن تجارة الآخرة؛ فمر بجدي أسكّ ميت أي صغير الأذنين؛ فاغتنم صلى الله عليه وسلم الفرصة، فتناوله فأخذ بأذنه، ورفع صوته يزاود على بيعه، فقال: (أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه لأنه أسك؛ فكيف وهو ميت؟ فقال: فو الله للدنيا أهون على الله، من هذا عليكم)، رواه مسلم.. وفي مسند الإمام أحمد، لما صعد ابن مسعود رضي الله عنه على شجرة، يجتني سواكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه؛ فضحك القوم منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مم تضحكون؟) قالوا: يا نبي الله، من دقة ساقيه، فقال: والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أحد)، فاغتنم صلى الله عليه وسلم الفرصة ليبين للأمة أن الناس يوم القيامة لا يتفاضلون بأشكالهم وأحجامهم؛ وإنما بصلاح قلوبهم وأعمالهم، فالله جل جلاله، لا ينظر إلى الصور والألوان والأشكال، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرءوا: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً}).
ولفت الانتباه إلى بعض المواقف التي ينبغي الحرص على اغتنام الفرص فيها، منها ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بأن سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: (اللهم اجعله منهم)، ثم قام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: (سبقك بها عكاشة).
وقال "المعيقلي": تأمل أخي المسلم، كيف بادر عكاشة رضي الله عنه وأرضاه، واغتنم هذه الفرصة؛ ففي لحظة واحدة فاز بدخول الجنة من غير حساب ولا عذاب.
وبيّن أن كل فرصة في الخير مغنم، مهما صغر حجمها وقلّ وزنها، فاتقوا النار ولو بشق تمرة؛ فمن لم يجد، فبكلمة طيبة، ولا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة، في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس).
وأكد أن هناك فرصاً لا يمكن تعويضها؛ فمن هذه الفرص العظيمة وجود الوالدين فالوالد أوسط أبواب الجنة؛ فإن شئت فحافظ على الباب أو ضيّع، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رَغِم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة).
وأوضح أن وجود الإنسان في الحياة، هو أعظم فرصة؛ فإن كان عمل صالحاً ازداد، وإن كان غير ذلك تاب وعاد، وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)، وكلما كان المرء جاداً في حياته، مترفعاً عن نزواته وشهواته؛ اغتنم الفرصة وتقدم على غيره، {والسابقون السابقون، أولئك المقربون، في جنات النعيم}.
وألمح إلى أن من فضل الله تعالى علينا، أن جعل الفرص قائمة حتى آخر ساعة؛ ففي مسند الإمام أحمد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن قامت الساعة وبِيَد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل).
ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام إلى اغتنام الفرصة قبل فواتها، وتذكّر أن الفرص نعمة، والنعم إذا ذهبت ربما لا ترجع، قال ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه يعاقب من فتح له باب من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته، عقوبةً له". {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}؛ فمن آثر عجزه وكسله، وفوّت الفرص على نفسه، ندم في وقت لا ينفعه فيه الندم، {يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى، يقول يا ليتني قدمت لحياتي}.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.