في أوقات كثيرة يكون الحماس ليس أكثر من غمامة تغطي أعين البعض فلا يتمكنون من رؤية حقائق قد تكون واضحة وضوح المحفظة في جيب النشّال، يحدث هذا غالباً مع الشباب المتحمس، ملناش دعوة بالجماعة اللي دماغهم فيها بلاي ستيشن وبس، ونادراً ما يحدث مع رجل تتخطى تورتة عيد ميلاده الخمسين شمعة، حتى لو كان أكثر حماساً من الشاب، ملناش دعوة بالجماعة اللي بيرجعوا مراهقين على كبر، السبب هنا هو عنصر الخبرة الذي يكون مقداره قليلاً لدى الشباب بصفة عامة.
إذا أراد شخص ما القيام بعمل ما -أي كان نوع العمل- لابد وأن تتوافر به عدة صفات، ومادمنا قد ذكرنا عملية النشل في البداية دعونا نكمل ما بدأناه، النشّال يجب أن تتوافر به عدة صفات، أولها الجرأة، فلا يجوز أن يذهب إلى جيب الزبون وهو خائف، سوف ترتعش يده وينقبض عليه، وأحلى علقة لأحلى نشّال من أحلى ركاب في أحلى أتوبيس.
بعد الجرأة التي قد يليها دعاء تيسير الرزق -عند بعض النشالين- يأتي دور صفتي الإصرار والمثابرة، فلا يجوز أبداً أن تكون يد النشال في جيب الزبون ثم يفكر عقله في التوبة، أو يفكر في الحالة الإقتصادية للمأسوف على أمره، ومدى تأثرها بالسرقة، مع أول ضغطة فرامل من سواق الأتوبيس سيكون مصير النشال نسخة بالكاربون من نفس العلقة إياها
بعد ذلك يأتي دور الصبر على الغنيمة، أو الصبر على النتائج كما يقولون، وأصبر تنول، فلا يجوز أبداً فتح المحفظة أمام الجميع، وإلا كان ذلك النشال في "كي جي وان" نشل ولا يعلم قواعد وأصول اللعبة، يجب أن يصبر حتى ينزل من الأتوبيس، والنزول هنا يجب أن يكون سريعاً، بعد ذلك يمكنه إستكشاف مدى الخير الذي حل به، وهل المحفظة عمرانة، أم تحتوي فقط على بعض الكارينهات
هنا يتضح أن عنصر الخبرة يكون مؤثراً أكثر في مرحلة جني الثمار، أو مرحلة تحقيق النتائج، أو مرحلة تحقيق المكسب، سمّوها زي ما تسمّوها، المهم معرفة هل نتائج ذلك العمل ستتحقق مباشرة أم ستظهر بعد ذلك على المدى البعيد؟؟؟
الشاب المتحمس بطبعه يريد نتائج فورية، أما صاحب الفكر الناضج فقد ينتظر ظهورها في الوقت المناسب، وهنا يظهر الخلاف إذا ما إشترك شاب ذو حماس و رجل ذو خبرة في القيام بعمل واحد، الحماس سيتهم الخبرة بأنه قد باع القضية، والخبرة ستتهم الحماس بأن حمقاء، وهنا تضيع القضية نفسها، وينشغل الطرفان في الهجوم كل على الآخر، النتيجة أن طرف ثالث ليس له في الطور ولا في الطحين هو من سيجني ثمار الثورة... وكان الله بالسر عليم.