«ماى» تسرب إلى الصحف ملفاً عن خطايا ومخالفات منافسها على رئاسة الوزراء تنفجر الانقسامات الداخلية فى حزب المحافظين البريطانى، فى نزاع علنى مرير بين وزير الخارجية السابق، بوريس جونسون، ورئيسة الوزراء تيريزا ماى، فى تمهيد لصراع علنى قريب على رئاسة الوزراء، وهى حرب استخدمت فيها ماى أساليب الضرب تحت الحزام بمحاولة فضح خصمها ونشر تفاصيل حياته لأعضاء الحزب والصحف على السواء. فى لعبة السياسة كل شيء متاح، وفى هذا الإطار لم تتردد رئيسة الوزراء البريطانية فى التحرك السريع لحماية كرسيها فى ظل تكهنات بأن مستقبلها السياسى مهدد، ولم يكن أمام تيريزا ماى سوى استخدام أسلوب قديم فى أروقة السلطة حيث يحتفظ اللاعبون السياسيون بملفات ضد بعضهم البعض، وتخرج عند الضرورة فقط، لأن عالم السياسة فى نهاية الأمر له جانب غير أخلاقى يرفع فيه اللاعبون شعار «كل شىء متاح من أجل الحفاظ على المنصب». وتشير المؤشرات فى ظل تعثر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وعدم الرضا عما أنجزته ماى، إلى احتمالية تغيير القيادة فى حزب المحافظين الحاكم، وقبل أن تتحول التكهنات إلى واقع، فوجئ الشارع البريطانى بنشر تفاصيل ملف «غير أخلاقي» عن بوريس جونسون، قام مستشارو تيريزا ماى، بإعداده. الوثيقة، التى تم حفظها فى نظام الكمبيوتر لحزب المحافظين تحت اسم «كتاب الحرب 2»، تم جمعها خلال الأيام المضطربة التالية للاستفتاء البريطانى على الخروج من الاتحاد الأوروبى فى عام 2016، وتم تبادله بين أعضاء الحزب مرة أخرى فى الأسابيع الأخيرة، رغم أن قيادة الحزب الحالية نفت بشدة أى دور لها فى تحديث أو توزيع الملف، الذى حصلت عليه جريدة «ديلى ميل»، الأحد الماضى. وأشعلت هذه الوثيقة توتراً فى أجواء مقر الحكومة فى قلب لندن، وسط تكهنات حادة بين نواب حزب المحافظين حول ما إذا كانت تيريزا ماى ستواجه تحركاً للإطاحة بها فى الأسابيع المقبلة فى ظل الغضب من صفقة الداما الخاصة برئيسة الوزراء من أجل إنهاء الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى. إن صفقة الداما لعبة تعتمد على «سياسة كل.. ونأكل» الخاصة بماى، تعرضت لانتقادات شديدة، ويشار إلى أن جونسون كان ترك منصبه كوزير للخارجية، فى يوليو الماضى، بعد أن وافق مجلس الوزراء على خطة ماى التى دافعت فى مقال لها نشرته فى جريدة «ديلى تلجراف» الأسبوع الماضى عن «الصفقة» بقولها إنها ستؤدى للمحافظة على بعض العلاقات مع الاتحاد الأوروبى. واتهم وزير الخارجية السابق، رئيسة الوزراء بأنها وضعت «حزاماً ناسفا « حول بريطانيا، فى المقابل اشتعل حزب المحافظين بين مؤيدين ومعارضين لكلا الجانبين. 1- كتاب الحرب.. ضرب تحت الحزام يحتوى الملف على تفاصيل شاملة حول حياة جونسون الخاصة مثل تعاطيه المخدرات وزلاته السياسية وعلاقاته العاطفية المتعددة، وتفاصيل شخصية أخرى، وتاريخه السياسى ونقاط ضعفه والتى يمكن استخدامها ضده، وحكايات من كواليس عمله الصحفى يمكن أن تلقى بظلال على مسيرته المهنية. تم جمع «كتاب الحرب 2» لأول مرة فى 28 يونيو 2016، أى قبل يومين من طرح السيدة ماى عرضها لقيادة المحافظين، والتى كان من المتوقع أن يكون جونسون منافسها الرئيسى، لكنه انسحب عندما سحب مايكل جوف، دعمه له وأطلق عرضه الخاص. وفى ذلك الوقت، تم العمل على جمع ملف بكل خطايا جونسون من قبل مستشاريها ماى، وهما نيك تيموثى وفيونا هيل، رغم عدم وجود أى أمر مباشر بهذا التصرف ثم أدى تداول هذا الملف فى الأسابيع الأخيرة إلى ادعاءات بين حلفاء جونسون بأن رئيسة الوزراء كانت تخطط لهجوم وصفته صحيفة «الديلى ميل» ب»القذائف السوداء القذرة». 2- مخدرات ونساء فى ملف منافس تريزا ماى تزعم الوثيقة أن بوريس تعرف على زوجته الثانى مارينا وأقام معها بشكل كامل منذ عام 1990 أى قبل عدة أعوام من طلاقه الرسمى من زوجته الأولى اليجرا. كما تشير الوثيقة إلى علاقات جونسون النسائية المتعددة مع العديد من النساء. على سبيل المثال تتضمن الوثيقة إشارة إلى علاقته مع سيدة المجتمع بيترونيلا ويات والتى تتضمن تفاصيل متعلقة بنزاهة جونسون وأخلاقياته. ونشرت الصنداى ميرور قصة عن حمل بيترونيلا، ثم إجهاضها لطفل من بوريس، وتتضمن القصة مزاعم بأن بوريس قال إنه لن ينفق على طفله منها فى حال قررت الحفاظ على الجنين، كما أنه يرفض أيضاً دفع الفواتير الطبية لعملية الإجهاض. وتم اتهام بوريس بالكذب فى هذه القضية على الصحفيين وتعين عليه الاستقالة من منصبه كوزير للثقافة فى حكومة الظل، وبشكل عام كان لجونسون العديد من العلاقات العاطفية مع العديد من النساء بما فى ذلك الصحفية آنا فازاكيرلى ومستشارة الفن هيلين ماكنتاير، وتزعم تقارير صحفية أنه أنجب طفلا منها.وتضمن «كتاب الحرب 2» إدعاءات بأنه عندما كان جونسون رئيساً لتحرير «ذا سبكتاتور»، اصطحب إحدى كاتبات الأعمدة لتناول الغذاء ولكنه بدلاً من ذلك أقام معها علاقة جنسية وكذلك تقارير عما يسمى بالصداقة الخاصة بين جونسون وروزوانا بشير، الرئيسة «رائعة الجمال « لاتحاد أكسفورد فى عام 2004. كما تضمنت الوثيقة تجميع اعترافاته حول تعاطى الكوكايين، منها ما ذكره فى لقاء مع مجلة جى كيو، بقوله: «لقد جربته فى الجامعة وأذكره بشكل واضح.. ولم يكن له أى تأثير دوائى أو عقلى أو أى تأثير آخر» وفى حوار آخر مع البى بى سى عام 2005 قال:»أعتقد أننى أخذت مرة واحدة الكوكايين لكننى عطست». كما تلقى الوثيقة بظلال على عمل جونسون السياسى بما فى ذلك سجله الضعيف فى التصويت كعضو فى البرلمان حيث يأتى فى المرتبة 525 من أصل 659 من أعضاء البرلمان فى الحضور أثناء التصويت، وكذلك فشله فى أول محاولة ليصبح رئيس اتحاد أكسفورد وقيامه بتوزيع زجاجات النبيذ الأحمر على الأعضاء فى محاولة لشراء أصواتهم. كما يتضمن الملف تفاصيل عن سمعة المنافس الافتراضى لرئيسة الوزراء البريطانية فى التلاعب والتعامل غير الأمين مع الحقائق كصحفى، مثل زلاته السياسية العديدة، بما فى ذلك الدعوة باستخدام مصطلح «piccaninny» أو الطفل الصغير الأسود وهو أحد التعبيرات العنصرية الهجومية. ويغطى الملف تفاصيل حياة جونسون وبشكل شبه كلى، بما فى ذلك طلاق والديه، وإقالته من صحيفة التايمز كمراسل متدرب لفبركته جزءا من قصة حول قصر إدوارد الثانى المفقود، وكتابة مقالات ساخطة حول الاتحاد الأوروبى كمراسل فى بروكسل لصحيفة ديلى تلجراف. 3- ضربة موجعة وتزامن خبر انفصال بوريس جونسون عن زوجته الثانية مارينا ويلر مع نشر هذه الوثيقة وسط شائعات حول إمكانية أن يحل جونسون محل تريزا ماى كرئيس للوزراء. ظهر الصدع بين بوريس جونسون ومارينا ويلر بعد أن صاحت ابنتهما لارا فى وجه أبيها بشكل علنى وأصرت على أن والدتها لن ترجع إليه، ما أدى إلى إصدار الزوجين لبيان مشترك، قالا فيه: «قبل عدة أشهر، بعد 25 سنة من الزواج، قررنا أنه من مصلحتنا أن ننفصل.. لقد وافقنا بعد ذلك على الطلاق وهذه العملية جارية.. وكأصدقاء، سنواصل دعم أطفالنا الأربعة فى السنوات المقبلة». وحسب جريدة الدايلى ميل فإن مارينا شعرت بعدم القدرة على استكمال حياتها مع جونسون، بسبب علاقاته العاطفية المتعددة ومغامراته التى لا تنتهى. وحسب «كتاب الحرب 2» يبدو أن المرشح القوى لمنصب رئيس وزراء بريطانيا يرفع شعار «امرأة واحدة لا تكفي»، فهو يحرص على إقامة علاقات متعددة فى نفس الوقت، وسبق وطردت مارينا زوجها جونسون من المنزل فى عام 2009 بعد أن كشفت الصحافة عن علاقته مع المستشارة الفنية هيلين ماكنتاير وإنجابه طفلا منها. فى المقابل يؤكد المقربون من جونسون أنه لا يشعر بالقلق على مستقبله السياسى بسبب «كتاب الحرب 2»، لكنه على العكس يشعر بالسعادة للكشف عن كل الحقائق المخزية فى حياته على نحو يمنع أعداءه من استخدامها ضده فى المستقبل.