أقرَّ المجلس الأعلى للقضاء إنشاء عدد من المحاكم والدوائر العمالية في محاكم الاستئناف وعدد من المحاكم العامة، تبلغ في مجموعها 96 دائرة قضائية عمالية -كمرحلة أولى- موزعة بواقع 7 محاكم عمالية في (الرياض، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبريدة، والدمام، وأبها، وجدة)، وتأليف 27 دائرة عمالية في 21 محكمة عامة في مختلف مدن ومحافظات المملكة، وتأليف 9 دوائر عمالية ثلاثية في 6 محاكم استئناف. وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء المتحدث الرسمي للمجلس الشيخ سلمان بن محمد النشوان؛ أن تحديد هذه الدوائر جاء وفق الإحصاءات المستقاة من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للنزاعات العمالية المنظورة خلال الأعوام القريبة الماضية.
وبيَّن أن المجلس، بعد الاطلاع على المحاضر المُعَدة بهذا الخصوص، والتقدُّم المُحرَز في الإجراءات التنفيذية، والترتيبات الفنية لإطلاق القضاء العمالي المزمع مباشرته اختصاصاته مع بداية عام 1440ه؛ قرّر تخصيص عدد من أصحاب الفضيلة القضاة في مختلف الدرجات القضائية للعمل في المحاكم والدوائر العمالية المذكورة.
وبيَّن أن اختيار القضاة المخصصين للقضاء العمالي، خضع لمعايير دقيقة ترتكز على الكفاءة القضائية والعلمية اللازمة، من خلال استقطاب الحاصلين على مؤهلات أكاديمية عليا في الأنظمة، أو من سبق أن أعدوا رسائل علمية أو بحوثًا أكاديمية أو مُحكَّمة ذات صلة بالقضاء العمالي وغيره من الأنظمة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، أو ممن سبق إلحاقهم ببرامج تدريبية متخصصة بالقضاء العمالي، كما جرى مراعاة الخبرة القضائية، والأقدمية، مع مراعاة المجلس استقرارَ وانتظامَ سير عمل عموم المحاكم.
يُذكَر أن هذه القرارات تأتي عطفًا على قرارات المجلس الأعلى للقضاء السابقة في إنشاء محاكم متخصصة. وبانطلاق المحاكم العمالية يكتمل عقد منظومة القضاء المتخصص التي أرساها نظام القضاء الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/78 وتاريخ 19/9/1428ه من تكوين المحاكم في المملكة، وإنشاء محاكم متخصصة؛ حيث نصت المادة التاسعة منه على أن محاكم الدرجة الأولى هي (المحاكم العامة، والمحاكم الجزائية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم التجارية، والمحاكم العمالية).
وتختص المحاكم العمالية -حسب المادة الرّابعَة وَالثلاَثين من نظام المرافعات الشرعية- بالنظر في الدعاوى المتعلقة بنظام العمل، كالمنازعات المتعلقة بعقود العمل والأجور والحقوق وإصابات العمل والتعويض عنها، والمنازعات المتعلقة بإيقاع صاحب العمل الجزاءات التأديبية على العامل أو المتعلقة بطلب الإعفاء منها، والدعاوى المرفوعة لإيقاع العقوبات المنصوص عليها في نظام العمل، وكذا المنازعات الناشئة عن تطبيق نظام العمل ونظام التأمينات الاجتماعية.
كما قرّر المجلس الأعلى للقضاء اعتماد برنامج تدريبي متخصص بالقضاء العمالي، وإلحاق جميع القضاة المخصصين للقضاء العمالي به، يهدف إلى استمرار التأهيل والتدريب ورفع مستوى الكفاءة لدى القضاة المخصصين للقضاء العمالي في مجال التخصص من النواحي الشرعية والنظامية والمهارية والإدارية، مع تعزيز الجانب التطبيقي.
وسبق أن أعد المجلس رؤية متكاملة حيال إنشاء المحاكم العمالية، تهدف إلى تحقيق التميز القضائي العمالي، وخفض أمد القضية المستهدف في المحاكم العمالية، وتحقيق التعامل الرقمي المتكامل في عمليات المحاكم العمالية، كما عملت الفرق التنفيذية على تحقيق المتطلبات التنظيمية والقضائية والإدارية اللازمة لتحقيق هذه الرؤية.
ومن المؤمل أن يحقق إطلاق المحاكم العمالية مزيدًا من الأمان والجاذبية لسوق العمل في المملكة، من خلال ترسيخ العدالة في قطاع الأعمال، وأن يسهم في تحقيق طموحات وتطلعات القيادة الرشيدة في هذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين أيدهما الله، اللذين لا يألوان جهدًا في دعم كل ما من شأنه الرقي بمرفق القضاء وضمان استقلاليته وتميزه.