أجرت صحيفة "لو بوان" الفرنسية، تحقيقاً خاصاً وساخراً حول النائب العام القطرى على بن فطيس المرى، المُكلّف بمكافحة الفساد، والذى يمتلك قصوراً فى جنيف وشركة تجارية، دون أن يجيب على سؤال "من أين لك هذا؟". وعرضت الصحيفة المشهد: فى الثامن من ديسمبر، أمام قصر الأممبجنيف، يداً فضية طولها بين 5 إلى 6 أمتار استغرقت بضع دقائق تحت سماء سويسرا، لكن المشهد ينتهى بعد توزيع "المرى"، جوائر مكافحة الفساد لشخصيات بارزة من الصين وأمريكا والأردن وإيطاليا، حيث يتولى منصب رئيس مركز حكم القانون ومكافحة الفساد القطرية.
وأنشا مركز حكم القانون ومكافحة الفساد القطرية، مكتباً فى جنيف مارس 2017 فى جراند ساكونيكس، التى لم تُولى أمانتها العامة سوى عضواً أخر بالعائلة الملكية بالدوحة "عبد المحسن حامد فطيس" 32 عامً، وهو لا يزال طالباً فى السوربون!.
وبالمناسبة، فإنّ الأممالمتحدة لم تدع فقط إمارة الغاز تستخدم أحد غرفها، بل إنّ كلّ من مدير عام الأممالمتحدة فى جنيف "ميشيل مولر، ورئيس مجلس الدولة فى جنيف "فرنسوا لونج شامب"، وعمدة مدينة كالفن "رومى باجانى"، كانوا سعداء جميعاً بمشاركتهم فى الاحتفالية.
وتجيد الدوحة كيفية إنفاق أموالها بسخاء، فقد وقعّت شيكاً ب18 مليون يورو لتجديد مبنى الأممالمتحدة، وتلقّى حفل توزيع جوائز مكافحة الإرهاب مباركة مكتب الأممالمتحدة حول المخدرات والجريمة.
وفى هذا الإطار، تسائلت صحيفة "لو تمبس" السويسرية، إذا كان ذلك المشهد هو محاولة مقصودة للتغطية على شبهات الرشوة وشراء الأصوات فى عالم كرة القدم.
وفى المقابل، استدعى صراحةً موقع "وورلد نيوز ميدياس" المخصّص لقطر، تقرير منظمة الشفافية الدولية، بتدهور تصنيف قطر فى الحرب ضد الفساد إلى حد ما، من المرتبة ال25 فى عام 2015 إلى ال31 فى 2016.
وفى العدد الصادر يوم 9 ديسمبر 2017، تحدّث ذلك الموقع المخصص حول قطر، بشكل صريح أنّ تلك الجوائز هى محاولة لمحو لائحة الاتصالات السحرية، تلك الصورة الكريهة المرتبطة بفساد قطر حول منحها حق استضافة بطولة كأس العالم 2022.
فوق كل الشبهات
ويعتبر النائب العام القطرى، الذى يشغل منصباً بدرجة وزير، رجلاً فوقاً الشبهات، وهو رئيس الرابطة الدولية لسلطات مكافحة الفساد، وتمّ تعيينه محامى إقليمى خاص للكسب غير المشروع، وحائز على دكتوراة فى القانون من جامعة السوبورن عام 1997.
كما يعتبر الدكتور على بن فطيس، صديقاً كبيراً لفرنسا، بكونه أحد القنوات الرئيسية للحوار بين باريسوالدوحة، إلاّ أنّه من الطريف كونه مشتبهاً بأنّه- على نحو غير عادل- بالإنجاب من رشيدة داتى، ابنتها زُهرة.
وفى وقت ما، اضطر حارس الأختام للقيام برحلات تربط باريسوالدوحة عدة مرات فى الشهر، حيث جنّدت رشيدة داتى، شقيقتها نجاة داتى، للعمل فى مكتب النائب العام كمحامية على الأرجح.
ولم يتمكن المرى، من الوصول للتسلسل الهرمى للسلطة بقطر، حيث أنّ قبيلة المرى، نادراً ما يتقلّد أبنائها مناصب عليا فى الجيش، حيث يعدّ سلطة دنيا داخل هرم السلطة بالدوحة، وهو مُكلّف بٌناءً على طلب القصر الملكى، بالحكم قضائياً ضد الشخصيات المثيرة لإزعاج الأمير واتهامهم بالفساد، رغم أنّه يدافع عن سلطته فى باريسوجنيف، بالفصل بين السللطات التنفيذية والقضائية.
قصر ب9,6 مليون يورو وتتسائل الصحيفة الفرنسية، أنّ المرى ينحدر من عائلة ليست ثرية بما يكفى، فكيف لرئيس مركز مكافحة الفساد أن يقتنى قصراً من 3 طوابق على بعد خطوات من قوس النصر بفرنسا، ب9,6 مليون يورو عام 2013؟.
ووفقاً لصحفى الفرنسى "إيمانويل رضاوى" الذى قضى عددة سنوات باالدوحة، أنّه بخلاف الأساطير الشعبية، فإنّ رواتب الخدمة العامة ليست بهظة جداً فى قطر، ولا تتجاوز 12 ألف دولار شهرياً، رغم تميّز النائب العام قليلاً، بامتلاك شقة وسيارة عمل وسائق، "فمن أين أتى المسؤول القطرى الرفيع بتلك الثروة؟".
وفى مناسبتين، رفض دكتور على المرى، الإجابة على سؤال الصحيفة الفرنسية عبر البريد الإليكترونى، كما رفض سكرتيره عبد المحسن فطيس، الردّ.
المنطق القِبلى
وأضافت الصحيفة أنّ تسائلاتهم لا تتعلق فقط بقصر الدكتور المرى، بل أيضً شركة عقارية فى جنيف تم إنشائها فى أكتوبر عام 2015، وكان من بين المؤسسين "على بن فطيس المرى" الذى امتلك 99 ألف سهماًن والسيدة مها على فطيس التى امتلكت 1000 سهماً، حيث يبدو أنّ النائبب العام القطرى يُفضّل إقامة علاقاته التجارية مع أفرد الأسرة.
وبعد أيام من إنشاء الشركة، اقتنى الدكتور المرى، فى نوفمبر 2015، ملكية خاصة فى جراند ساكسون "سويسرا" ب3690 مليون فرنك سويسرى، كما اقتنى منزلاً أخر فى بلدة "كولونيا" على بعد خطوات من "ليك جنيف" فى أغسطس 2013، بقيمة 6,5 مليون يورو.
وتتسائل الصحيفة: كم هو مدهشاً تكريس منظمة قطرية لمكافحة الفساد، ليست لها مقراً فى الإمارة؟، بل إنّ ما يثير العجب أيضاً هو اختيار عضواً من أسرته لتولّى منصب الأمين العام لسلطة مكافحة الفساد، وهو ما يؤكد سيطرة المنطق القبلى بتعيين الأقارب حتى فى الخدمة العامة.
وختمت الصحيفة تقريرها، متسائلة: على أى أساس تتقلدون مناصب بالأممالمتحدة لمكافحة الفساد وتنصحون بقية دول العالم بقبول نصائحكم؟".