في خطوة لاقت دهشة كبيرة للمتابع العربي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن السودان خصصت جزيرة "سواكن" الواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان لتركيا، كي تتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يحددها. طلب "أردوغاني" وأوضح أردوغان خلال ختام ملتقى اقتصادي بين رجال أعمال سودانيين وأتراك قائلا: "طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم والرئيس البشير قال نعم"، حسب تعبيره.
ولفت الرئيس التركي إلى أن الأتراك الذين يريدون الذهاب للعمرة (في السعودية) سيأتون إلى سواكن ومنها يذهبون إلى العمرة في سياحة مبرمجة"، حسب قوله،
زيارة للجزيرة وكان أردوغان والرئيس السوداني عمر البشير، قاما بزيارة جزيرة "سواكن"، وتفقد الرئيسان خلالها مبنى الجمارك، ومسجدي الحنفي والشافعي التاريخيين في الجزيرة، فيما تنفذ وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" مشروعا لترميم الآثار العثمانية.
إشادة وامتداح من جانبه أكد الرئيس السوداني، عمر البشير، أن هناك تأكيد من الأطراف التركية السودانية على اهتمام مشترك بتطوير علاقات البلدين، مشيرا إلى أن هذه الزيارة هي أول زيارة لرئيس تركي للسودان، معربا عن سعادة الشعب السوداني بالزيارة التي تؤكد وحدة قضايا وهموم الشعبين.
وأعرب عن امتنانه الشديد لمواقف أردوغان المشرفة والداعمة للقدس والأمة الإسلامية، مذكرا بقمة إسطنبول التي وحدت مواقف الأمة الإسلامية والعربية، وكان لها دورها البارز في عزل القرار الأمريكي بنقل سفارة الولاياتالمتحدة إلى القدس، ورفضه في مجلس الأمن والأمم المتحدة.
توقيع اتفاقيات ولم يقف الأمر عند هذا، بل وقَّعت اتفاقيات ثنائية، بلغت تسعة اتفاقيات لإقامة مشاريع زراعية وصناعية، تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب، ومستحضرات التجميل، بجانب بناء مطار في العاصمة السودانية الخرطوم.
ويشير مراقبون إلى أنه بتلك الخطوات، ارتفعت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين خلال زيارة الرئيس التركي إلى 21 اتفاقية، بعد أن وقع الجانبان 12 اتفاقية، لتبلغ قيمة جملة الاتفاقيات 650 مليون دولار.
زيارة تاريخية وكان السفير يوسف الكردفاني سفير السودان لدي تركيا، وصف زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان بأنها تاريخية وتؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن الاتفاقيات التي وقعها البشير وارودغان تشكل نقلة وخطوة في سبيل تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية.
قطر من وراء الستار ولسبب أن جزيرة سواكن، تمتلك موقعا استراتيجيا بصورة كبيرة على البحر الأحمر، كانت قطر ضمن السباقين للحصول عليها، وهو ما كشفته تقارير في نوفمبر 2017، أن قطر تقدمت بطلب إلى الحكومة السودانية لإدارة "سواكن"، ووعدت الدوحة بإنشاء ميناء جديد بها وتجعله منافس لبورت سودان، وكافة الموانئ على البحر الأحمر، إلا أن الحكومة السودانية لم توافق على الطلب القطري.
ويتسائل مراقبون حاليا، عن ماهية تلك الخطوات التركية السودانية، وما وراء تنازل السودان عن جزيرة سواكن، ولماذا يتم هذا في ذلك التوقيت؟
أهمية استراتيجية كبرى وفي سياق التساؤلات السابقة، أكد محمد حامد، خبير العلاقات الدولية، والباحث في الشأن التركي، أن جزيرة سواكن لها أهمية كبرى استراتيجية، ويسجل هذا التاريخ منذ أن كانت واقعة تحت النفوذ العثماني، مشيرًا إلى أن إعطاء تلك الجزيرة لتركيا، تعتبر تتويج لدور التركي في المنطقة، ومن جهة أخرى إعجاب شديد وقوي، وإرادة قوية في تعميق العلاقات من قبل السودان مع الجانب التركي.
وأضاف حامد في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن هذا يدلل أن هناك ترحيب قوي من قبل السودان بالدور التركي في المنطقة، بجانب أن هذا يشير إلى تطور الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، وأن هناك تعميق قوي للنفوذ التركي والإيراني والإسرائيلي في المنطقة.
وعن الرسائل التي تحملها تلك الخطوات، أوضح خبير العلاقات الدولية، قائلاً: "يبدو أن السودان ترسل رسائل كثيرة بهذا الاتفاق إلى العديد من الدول، ومنها مصر ودول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية التي اعترفت بمصرية حلايب وشلاتين.
وعن رفض السودان لقطر، أكد "حامد" أن الثقل التركي أكبر بكثير، بجانب أن قطر لا تستثمر في الجزر، بل في أمور أخري، قائلاً: "لا يجب أن ننسى أن الجزيرة كانت استراتيجية للدولة العثمانية وهذا سر الاهتمام التركي بها".
ليست ضد مصر من جانبه، يرى الدكتور، مختار غباشي، نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هذا الاتفاق الحاصل بين السودان وتركيا، لا يؤخذ على محمل أنها خطوات ضد مصر، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من المؤشرات أكدت أن هناك تسوية في الطريق ستحصل بين تركيا ومصر.
وأَضاف في تصريحات خاصة ل "الفجر"، أن هناك حديث متواتر خارج من مصر، ومن تركيا، يشير بأن هناك تقارب بين الجهتين، وبالتالي لا يمكن القول بأن تلك الخطوات لا تعني توافق سوداني تركي، ضد مصر.