- عبد الرحمن: نتخوف على الصوفيين بالأقصر من المتطرفين.. وحادث مسجد الروضة لم يضعفنا - أوقاف الأقصر: عدد الأئمة غير كافي.. ولدينا من لهم ميول سياسية يعتلون المنابر "من الغريب أن نرى الكيان الصهيوني المعتدي المغتصب الذي ينتهك حرمة المقدسات الإسلامية، في القدس على بعد كيلو مترات قليلة، من مسجد الروضة الذي شهد حادثًا أليمًا، الأسبوع الماضي، أسفر عن استشهاد مئات من الآمنين، بينهم أطفال صغار، ولم نجد أحدًا يطلق رصاصة واحدة على هذا الكيان، فإن كنتم تدعون الغيرة على الإسلام فأين أنتم من بيت المقدس المحتل ولو بكملة واحدة".. بهذه الكلمات بدأ الشيخ محمد صالح عبد الرحمن وكيل وزارة الأوقاف بالأقصر، حواره مع "بوابة الفجر"، موجهًا تساؤله للجماعات التي تدعوا إلى الأفكار المتطرفة، وإلى نص الحوار.. س – ما الذي يعنيه هذا التساؤل للجماعات المتطرفة التي تقتل الأبرياء؟ ج – هذا إن دل، فإنما يدل على أنهم بعيدين كل البعد عن الإسلام، وبريء منهم كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب، لأن الإسلام حرم القتل، ولم يفرق في ذلك بين مسلم أو ذمي أو كافر، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الآدمي بنيان الرب، ملعون من هدمه"، ولم يقل المسلم أو المؤمن، وإنا قال الآدمي، أيا كانت عقيدته أو انتمائه. كما أن هناك حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم يقول " من أعان على قتل آدمي ولو بشطر كلمة، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله"، بمعنى أنه لو أخذ رأيه وقال "أق" فقط، لا تنزل عليه رحمة الله يوم القيامة. س- صرح الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، بأن مؤسسة الأزهر لا يمكنها تكفير مرتكبي حادث الروضة، كيف ترى ذلك؟ ج- إن سادتنا علماء الأزهر وعلى رأسهم الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، لهم وجهة نظر تحترم، بعدم فتح باب التكفير، وحدوث قتال بين الطوائف، فسيدنا علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه، حين سئل عن الخوارج، لم يكفرهم، وإنما قال هؤلاء قوم من جلدتنا بغو علينا. س- أثير الحديث عن بعض الكتب التي تطالب الأوقاف بتجريمها، ما هذه الكتب؟ ولماذا تتخذون هذا الموقف منها؟ ج – نعم هناك بعض الكتب ما زالت تطبع، وتنشر بالمكتبات وتتداول في أيدي عدد كبير من الناس، نطالب بتجريمها، ويجب على الدولة منعها تمامًا، لأنها تدعوا إلى إباحة القتل، كتب سيد قطب، فغالبية كتاباته بها نوع من العنف، وتكفر المجتمع، وجواز القتل، حيث قام بكتابة هذه الكتب، بغضًا في مجلس قيادة الثورة لانهم لم يمكنوه من مناصب قياديه، وليس تدينًا، فضلل بها عقول الكثيرون، وقد تكون وقعت تلك الكتب في أيدي هؤلاء المتطرفين الذين يقومون بتلك الأفعال الإجرامية. ولنكن واضحين أكثر هناك كتبٌ لبعض السلفيين، يذكر فيها القتل، ومحاربة التصوف، وهدم المساجد التي يوجد بها قبور، سواءً كانت لأحد الصالحين أو غير ذلك، ويستندوا في ذلك لأحاديث لا يفهمونها، وتلك الكتب لا يستطيعون انكارها، وان انكروها أمام وسائل الإعلام فهذا نكران ظاهري، كنوع من التبرأة فقط، ولكن بالضغط عليهم سيعترفون بصحة مفاهيم الأحاديث كما يفسرونها. ومن بعض الأحاديث التي يحرضون فيها على هدم المساجد بتفسير خاطئ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ففهمهم لهذا الحديث بأنهم بنوا على القبور مساجد، ويصلون بها، وفي عقيدتهم بأنه إن كان هناك قبرًا أو ضريحًا لأحد الأولياء أو شخص آخر بداخل المسجد، فينظرون إن كان القبر متواجد أولًا وبنى المسجد بعده، فيهدم المسجد، وإن كان العكس، فينبشون القبر ويخرجون الجثمان لدفنه بعيدًا، ولكن الصحيح المقصود من الحديث، السجود للقبور، بدليل أن اليهود والنصارى لا ينشئون مساجد، وهناك دليل أوضح بأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينةالمنورة، والصلاة فيه تعدل ألف صلاة، يوجد به مقام رسول الله، وسيدنا أبو بكر، وسيدنا عمر رضي الله عنهما، ولم يعترض على ذلك الصحابة أو التابعين أو من تبعهم بعد ذلك، لأن المسلم لا يسجد لقبر اطلاقًا. س- ما هو الرد على الرافضين لتجريم تلك الكتب، بدعوى حرية الرأي والفكر؟ ج- كيف يكون هناك كلمات تضلل عقول الناس تحرض على القتل والتخريب، وتفسر أحاديث دون فهمها، ونقول أنها حرية رأي وفكر؟، إذًا فهيا بنا لنهاجم غير المسلمين مستدلًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"، فسماعك لهذا الحديث دون عن معناه، وسبب قوله، يعني أن نعلن الحرب على البشرية جمعاء، ولكن الصحيح، أن مجموعة من المشركين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، اعترضوا الدعوة، ومنعوا الناس من دخول الإسلام، اعتراضًا كليًا، وأمهلهم الله في أول سورة التوبة 4 أشهر، وان انتهت فيقاتلهم، وإن عدنا إلى اللغة العربية سنعرف جيدًا أن المقصود بالناس هذه المجموعة، فالألف واللام تطلق على الكل ويراد بها الجزء، ولذا فهذه الكتب يجب أن يقوم بكتابها علماء، يبحثون عن المعاني وأسباب الورود، وليس بدون دراسة. س- على ذكر تكفير المتطرفين للصوفيين ومحاربتهم، الأقصر بها العديد من العائلات التي تنتمي للطرق الصوفية، منهم شيخ الأزهر، كما يوجد مساجد بداخلها أضرحة، فهل هناك مخاوف عليهم؟ ج- ليس هناك مخاوف على شيخ الأزهر، لأنه مؤمن بفضل الله تعالى، ومكانته العظيمة بين المسلمين، وجهود الدولة في حمايته كرجل علامة ومصدر نشر معتدل للدين، ولكن لا شك بأن هناك مخاوف على الطرق الصوفية عامةً، وأماكن الصالحين، ومساجد آل البيت. س- ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها لتأمين تلك الأماكن؟ ج- لقد قمنا باتخاذ اجراءات احترازية، للمساجد التي يوجد بها أضرحة، بتكثيف المبيت بها، كما أخطرنا الجهات الأمنية بجميع تلك الأماكن على مستوى المحافظة، بعد حصرها، بالإضافة إلى مقامات أولياء الله الصالحين البعيدة عن المساجد، لتأمينها. س- هل حادث مسجد الروضة أثر على البعض بعدم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة بالأقصر؟ ج – هذه الحوادث الإرهابية لم ولن تنال من عزيمة أحد، فجميعنا رأينا المساجد التي بها أضرحة ممتلئة عن آخرها بالمصلين، وخارجها أيضًا لعدم وجود أماكن بالداخل، فنحن أقوى من أن تضعفنا مثل تلك الأحداث. س- بطبيعة الأقصر، كمحافظة سياحية، يتميز شعبها بالتفتح، ولها حسابات خاصة من قبل الجهات الأمنية، ولكن رغم ذلك هل من الممكن وصول أصحاب هذا الفكر لها واختراقهم لعقول شريحة من أبناءها؟ ج- أصحاب الفكر المتطرف أيًا كانوا، فهم ليسوا بالحجم الخطير على الدولة، فهم قلة مضللة لا يفقهون شيئًا في الدين، ومبادئ الإسلام، ولكن الغالبية العظمى من الشعب، واعيين تمامًا. وإن وصلوا إلى صعيد مصر وخاصة محافظة الأقصر، سيتم افتراسهم من قبل المواطنين، وهناك مثل واضح على ذلك، حين قام الأهالي بالقبض على أحد الارهابيين بمركز اسنا، في أغسطس الماضي، وأكرر في قولي دائمًا أن الأقصر آمنة لأنها محاطة من جميع الجهات بساحات "آل الطيب، الرضوانية، والجيلانية، والأدارسة، وغيرهم، فالقائمين عليها علماء دارسين بالأزهر ومتفقهين بالدين. س- هل جميع الساحات بالمحافظة تعمل على خدمة الدين والمجتمع؟ ج- هناك بعض القائمين على الساحات مرتزقة، فيقومون بإنشائها وجمع بعض الناس حولهم، من أجل كسب الأموال، وهؤلاء يعرفون، بأنهم لا يفقهون شيئًا في التصوف، لأن التصوف علم، وليس بارتداء العمامة الخضراء، أو جلباب ممزق، فالتصوف عزة وكرامة، وله معاني عظيمة جدًا، ويمنع التسول منعًا باتًا. س- وجود مثل تلك النوعية من الساحات، هل تسيئ للتصوف؟ ج- ووجود مثل تلك النوعية من الساحات، لا تسيئ للتصوف أو علماءه، على الإطلاق، لأنها محدودة، ونحن لا نلقي لها بالًا، لأنها كالفقاعات تزدهر فترة وتنتهي بعد ذلك، فليس لها قيمة، لأن القائمين عليها لا يعلمون معنى التصوف، فالصوفي يعطي ولا يأخذ، والتصوف دعوة فيها نوع من الروحانيات، وليس عبادة جافة. س- ما هي الاجراءات التي تتخذ من قبل الأوقاف ضد القائمين على الساحات التي تعمل من أجل كسب الأموال، ويدعون التصوف؟ ج- نحن لسنا جهات تنفيذية، لنقوم بغلقها، ولكن للأمانة هم تحت أنظار الأمن، ولا يغفلون عنهم. س- هناك تشديدات من قبل وزارة الأوقاف بعدم اعتلاء أئمة لهم ميول سياسية للمنابر، فهل بين أئمة الأقصر من هذه العينة؟ ج- لا استطيع نكران ذلك، فهم من الأئمة القدامى ويعدون على أصابع اليد، وألقي القبض على بعضهم قبل قوات الأمن، أما من هم خارج السجون، فنسيطر عليهم سيطرة كاملة بكل قوة ونراقبهم جيدًا، ونشدد عليهم بالالتزام بتعليمات الأوقاف، والخطب والدروس الواردة عن الوزارة، ونحذرهم بأنه إن سمع منهم ولو كلمة واحدة خارجة، لن تكون هناك معهم رحمة. س- عدد الأئمة غير كافي للمساجد، فتتم الاستعانة بخطباء المكافئة، فكيف تفرض السيطرة عليهم تحسبًًا لخروج البعض عن النص أثناء الخطب؟ ج-بالفعل إن عدد الأئمة غير كافي، حيث أن الأقصر بها 1291 مسجد تابعين للأوقاف، و258 زاوية، تابعة لنا أيضًا، وهناك 410 مسجد أهلي لم يتم ضمهم حتى الآن، و13 آخرين تم ضمهم دعويًا دون عمالة، فيكون الناتج النهائي 1972، وعدد الأئمة 934، لذلك نستعين بخطباء المكافئة ويتقاضون أجرًا على خطبة الجمعة، وسياسة الوزارة الحالية تحت قيادة الدكتور محمد مختار جمعة، توجب خضوع الخطباء لاختبارات، وجمع تحريات عنهم قبل الموافقة عن التصريح لهم، بالإضافة إلى متابعتهم من قبل المفتشين ب10 إدارات على مستوى المحافظة. س- شهدنا زيارة وزيرة الأوقاف للأقصر عدة مرات منذ توليه منصبه، ما هي النتائج الإيجابية التي عادت على المحافظة من زياراته؟ ج- قطعًا هناك مردود جيد، ونتائج ايجابية لزيارات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف للأقصر، وكان من بينها، استئذان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في وقف عمل الأئمة الذين ينتمون لأفكار متطرفة، أو تحويلهم لأعمال إدارية، وإلغاء تراخيص من هم على شاكلتهم من خطباء المكافئة، كما وجه بتكثيف القوافل والدروس في القرى والنجوع، والإطاحة بأحد مديرين الإدارات لورود بعض الشكاوى بعدم سيطرته على بعض المساجد. كما أن لقاءه المتكرر مع عدد من الأئمة والدعاة، وتوجيهه لهم أدى نتائج جيدة في التوعية، بالإضافة إلى تركيزه على منع انتشار مكبرات الصوت في المساجد الملاصقة للمنازل، إلا في خطبة الجمعة والآذان، خاصة من يقوموا بإذاعة التواشيح، والاقتصار على السماعات الداخلية. س- ما هو دور القوافل الدعوية التي تجوب القرى والنجوع بمحافظة الأقصر، ومدى تأثيرها على الأهالي؟ ج- هناك ما لا يقل عن 25 قافلة دعوية تجوب القرى والنجوع التي لا يوجد بها عدد كافي من الأئمة، حيث يتجهون كل يوم اثنين إلى منطقة معينة، ويتم تقسيمهم إلى مجموعات بكل مجموعة 3 أئمة، وينتشرون بالمساجد، لتناول بعض المفاهيم التي يجب أن تصحح، وكل ما به شبهات، ونشر سماحة الدين الاسلامي الوسطي، كما أن تشهد استجابة كبيرة لدى الأهالي، في حضور الدروس، كما يطالبون بزيادتها، للحد من التطرف، وتوصيل المفهوم الصحيح عن الدين. س- نرى أن هناك مساجد قديمة وأغلقت لاحتياجها لتجديد في الأقصر، ما الذي تقوم به الأوقاف حيال ذلك؟ ج – خلال هذا العام حتى الآن بعمل احلال وتجديد ل15 مسجد، أي هدمهم وإنشائهم مجددًا، على نفقة الوزارة، و7 آخرين على نفقة الأهالي، وفرش ما يزيد عن 400 آخرين، كما قمنا بإرسال خطابات لوزير الأوقاف، الأسبوع الماضي، بشأن جميع المساجد المغلقة ويبلغ عددها 40 مسجدًا في أمس الحاجة إلى التجديد، وتقوم الوزارة بدورها في ارسال الرد بالعمل على أعداد منها، كل فترة بحسب الخطة الموضوعة على مستوى الجمهورية. س- ما هي الرسالة التي تريد توجيهها لأبناء الأقصر؟ ج- يجب على أبنائنا الالتزام بتعاليم الدين الإسلام الوسطي المعتدل السمح، ونبذ العنف، لمحاربة الارهاب بكل قوة، حيث أننا في محافظة تستقبل ضيوفًا من جميع أنحاء العالم، للسياحة لدينا، ويجب احترامهم، حتى تكون الأقصر نموذجًا وصورة مشرفة راقية متعلمة تظهر أمام العالم، ولا نتلفت للأفكار المتطرفة التي من دورها هدم الدولة، ويصل بنا الحال لهجرها والعمل في بلاد أخرى بالمقاهي والمطاعم لمسح الأطباق.