أسعار الذهب اليوم الجمعة 23 مايو 2025    "كاسبرسكي": 9.7 مليون دولار متوسط تكلفة سرقة البيانات في القطاع الصحي    مايكروسوفت تمنع موظفيها من استخدام كلمة «فلسطين» في الرسائل الداخلية    القبض على عاطل وسيدة لقيامهما بسرقة شخص أجنبي بحلوان    لم يصل إليها منذ شهر، قفزة في أسعار الذهب بعد تراجع الدولار وتهديد إسرائيل لإيران    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| الأهلي ضد الزمالك في نهائي كأس أفريقيا لليد    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    رئيس البنك الإسلامي يعلن الدولة المستضيفة للاجتماعات العام القادم    توجيه اتهامات ب"قتل مسؤولين أجانب" لمنفذ هجوم المتحف اليهودي بواشنطن    انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي الشرقي في المنيا يُخلف 4 قتلى و9 مصابين    بصورة قديمة وتعليق مثير، كيف احتفت هالة صدقي بخروج عمر زهران من السجن    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    لجنة التقنيات بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)    انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    عودة لحراسة الزمالك؟.. تفاصيل جلسة ميدو وأبو جبل في المعادي (خاص)    مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم    ضبط مركز أشعة غير مرخص فى طهطا بسوهاج    في حضور طارق حامد وجوميز.. الفتح يضمن البقاء بالدوري السعودي    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأخلاق والسلوك عند أهل السنة
نشر في الفجر يوم 23 - 11 - 2017

لمَّا كان أهل السنة هم أكثر الناس تمسُّكاً بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأكثر الناس تطبيقاً لسنته صلى الله عليه وسلم؛ وجدناهم أحرص الناس على متابعته صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وسلوكه، وتطبيقاً لقوله: "إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا" (صحيح، رواه الترمذي).
وقد تعددت ملامح هذا التطبيق لهديه صلى الله عليه وسلم من أهل السنة، فمن أبرز ملامح منهج أهل السنة في الأخلاق والسلوك:
1- تعاملهم بالعدل والإنصاف: من أوضح الواضحات في منهج أهل السنة في الأخلاق والسلوك تعاملهم بالعدل والإنصاف؛ إذ تعاملوا مع المُخالِف معاملةً عادلة مُنْصِفة بعيداً عن الإفراط والتفريط، فلا هم يُجاملونه ويغضُّون الطرف عن أخطائه؛ ولا هم يطعنون فيه ويظلمونه؛ وإنما يعاملونه بالعدل والإنصاف.
وهذا المُخالِف إما أن يكون من داخل دائرة أهل السنة أو من خارجها؛ فإن خالف أحدٌ من أهل العلم ممَّن عُرِفَ تحرِّيه للحق، فإنهم لا يُسقطونه، بل يحفظون له مكانته العلمية، ولا يقتدون به في خطئه، ويرجون له التوبة من هذا الخطأ.
وكم من تلميذ خالفَ شيخَه في اجتهاده ورأيه، وكم من إمامٍ خالفه أتباعُه في اجتهاده، فعدلوا عن اجتهاده ورأيه إلى الدليل الشرعي الذي وَجدوا الحقَّ معه.
والأمثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة، فها هو الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- يُخالفه تلميذه محمد بن الحسن الشيباني، وأبو يوسف، في مسائل مُتعدِّدة ومتنوعة دون انتقاصٍ لمقام إمامهم.
ولقد كان شعار أهل السنة في ذلك: "فلان حبيب إلى قلوبنا، ولكن الحق أحب إلينا".
وأما إن كان المُخالِف من خارج دائرة أهل السنة، فهو ينقسم إلى قسمين:
أ- إمَّا أن يكونوا مخالفين في العقيدة؛ كالكفار.
ب- أو يكونوا مخالفين من أهل البدع والأهواء.
ولقد حَرِصَ النبي -صلى الله عليه وسلم- على العدل ولو مع الكفار؛ فالعدل قِيمةٌ أخلاقية سامية تُطلب لذاتها لا فرق في تطبيقها بين المسلم وغير المسلم؛ فها هو صلى الله عليه وسلم يأمر بإنصاف أهل الذمة والمستأمنين، وينهى عن ظلمهم في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَن ْقَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا". (رواه البخاري).
إنَّ التاريخ الإسلامي مليء بالصفحات المشرقة والمواقف الخالدة التي أعلى فيها المسلمون قيمة العدل، وقدَّموا أروع الأمثلة في إنصاف غير المسلمين، وبلغ من عدل أهلِ السنة وعدالةِ قضائهم الإسلامي أنْ فضَّل أهلُ الذمة الرجوع إلى قضاة الدولة الإسلامية دون زعمائهم؛ لأن معاملة القضاة المسلمين لهم كانت أكثر نزاهة وإنصافاً وعدلاً وأفضل من القانون المفروض عليهم في المحاكم الكنسية، وهو أمر ليس بمستغربٍ؛ إذا عَلِمْنا أنَّ أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- كان يسأل عن أحوال أهل الذمة.
بل كان يطلب من عمَّاله مراجعة السجلات والدواوين المُتعلِّقة بأهل الذمة، وأنْ يُزيلوا عنهم كلَّ ظلم وقع عليهم، ومن مراسلاته لبعض ولاته: ما جاء عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: (كتب إليَّ عمرُ بنُ عبد العزيز: أنْ استبرئ الدَّواوين فانظر إلى كلِّ جورٍ جاره مَنْ قبلي من حقِّ مسلمٍ أو معاهدٍ فردَّه عليه، فإن كان أهلُ تلك المظلمة قد ماتوا فادفعه إلى ورثتهم".
عباد الله: وأما بالنسبة لتطبيق أهل السنة العدلَ مع المبتدعة: فإنَّ من أعظمِ ما يُستدلُّ به على إنصاف أهل السنة للمخالفين من أهل البدع هو قبول روايتهم؛ فأهل الحديث قَبِلوا بعضَ رواية المبتدعة؛ إذا ثبت حِفْظُهم وضبطُهم وصِدقُهم؛ وذلك لأنَّ تديُّنَهم وصِدْقَ لَهجتِهم تمنعهم من الكذب، وهو مذهب كثير من السلف الصالح أهل الحديث؛ كالبخاري، ومسلم، وعلي بن المديني، ويحيى بن القطان، وابن خزيمة وغيرهم.
ومن أمثلة ذلك ما جاء في صحيح ابن خزيمة في قوله: "حدثنا عباد بن يعقوب، المُتَّهم في رأيه، الثِّقة في حديثه".
وفي المُقابل ردُّوا روايةَ مَنْ ينتسب إلى أهل السنة إنْ لم تثبت عدالته، وكُتب الرجال، وكُتبُ الحديث مليئةٌ بالأمثلة والنماذج الدالة على ذلك.
ومن منهج أهل السنة في الأخلاق والسلوك:
2- رحمتُهم بالناس: فقد وصَفَ اللهُ -تعالى- أصحابَ نبيِّه الكريم بالرحمة فيما بينهم والمحبَّة والتعاطف؛ كما في قوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: 29) فقوله سبحانه: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} أي: مُتحابون مُتراحمون مُتعاطفون، كالجسد الواحد، وكالوالد مع الولد، يُحِبُّ أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه.
ومن الصور المضيئة في رحمة أهل السنة: ما جاء عَنْ جسر بن أبي جعفر قال: (شهدتُ كتابَ عمرَ بنِ عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة، قُرِئَ علينا بالبصرة: أمَّا بعد: فإنَّ الله سبحانه، إنما أمر أن تؤخذ الجزية مِمَّنْ رغب عن الإسلام، واختار الكفر عتواً وخسراناً مبيناً، فضع الجزية على مَنْ أطاقَ حَمْلَها. وخلِّ بينهم وبين عمارة الأرض؛ فإنَّ في ذلك صلاحاً لمعاش المسلمين، وقوةً على عدوِّهم، وانظر مَنْ قِبَلِكَ من أهل الذمة، مَنْ قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب، فأجْرِ عليه من بيتِ مال المسلمين ما يصلحه. فلو أنَّ رجلاً من المسلمين، كان له مملوك كبرت سِنُّه، وضَعُفَتْ قُوَّتُه، وولَّت عنه المكاسب، كان من الحقِّ عليه أنْ يقوته أو يُقوِّيه، حتى يُفَرِّق بينهما موت أو عتق؛ وذلك أنه بلغني أنَّ أمير المؤمنين عمرَ -رضي الله عنه- مرَّ بشيخٍ من أهل الذمة، يسأل على أبواب الناس، فقال: "ما أنصفناك إنْ كُنَّا أخذنا مِنْكَ الجِزْيةَ في شبيبتك، ثم ضَيَّعناك في كِبرِك"، قال: ثم أجرى عليه من بيت المال ما يُصْلِحُه)أ. ه. فهذا تأصيل لنظام الضمان الاجتماعي ونظام التقاعد المعاصر.
ومن منهج أهل السنة في الأخلاق والسلوك:
3- اتِّصافُهم بالزهد: ما من إمام من أئمة أهل السنة إلاَّ وتجد في سيرته صوراً شتى من زهده في الدنيا وإقباله على الآخرة، ولا غرابة في ذلك فهم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة، وذلك عن غِنى لا فقر، وتَمكِّنٍ لا ضعف، ورغبةٍ لا رهبة.
وقد امتلأت كتب التراجم والسِّير بنماذج لا تحصى من زهدِ أهل السنة، ومن النماذج المشرقة في ذلك:
أ- عن بكرِ بنِ عبد الله المُزَني -رحمه الله- قال: "إنَّ أبا بكرٍ -رضي الله عنه- لم يَفْضُلِ الناسَ بكثرةِ صلاةٍ ولا صومٍ، وإنَّما فَضَلَهم بشيءٍ كان في قَلْبِهِ".
ب- عن الحسن -رحمه الله- قال: "واللهِ ما خُبْزٌ في بيتِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ -رضي الله عنه-، إلاَّ خُبْزٌ يُعْلَثُ بالشَّعير حتى لَحِقَ باللهِ" (العَلْثُ هو الخَلْط. أي: يُخلط بالشعير).
ج- عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- قال: "طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللهِ بِسَاطًا، وَتُرَابَهَا فِرَاشًا، وَمَاءَهَا طِيبًا، وَالْكِتَابَ شِعَارًا، وَالدُّعَاءَ دِثَارًا".
ومن منهج أهل السنة في الأخلاق والسلوك:
4- تحذيرهم من الفتن وأسبابها: الفتن لها أثر سلبي كبير على الفرد والمجتمع والأمم، وأعظمها تأثيراً ما كان في الدِّين، ثم في العقل، ثم في النفس، وظهور الفتن وانتشارها من علامات فساد الزمان والمكان التي ظهرت فيه، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة تحذِّر من الفتن وأسبابها ودواعيها، والفتن أنواع مختلفة، فتنة في الدِّين، وفي المال، وفي الولد، ونحو ذلك، ولأهمية التحذير من الفتن فإن بعض أهل العلم أفردوا "موضوع الفتن" بالدراسة والتأليف تحذيراً منها ومن شرِّها، وبعض المُحدِّثين أفردوا لها كتباً أو أبواباً في مؤلَّفاتهم.
إن أهل السنة هم أكثر الخلق بُغْضاً للفتن، وأكثرهم بياناً لأسبابها والتحذير منها؛ لعلمهم بآثارها السيئة على الفرد والأُمَّة بأسرها؛ لذا كثر تحذير السلف الصالح من الفتن وأسبابها، ومن ذلك:
أ- قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما منكم من أحدٍ إلاَّ وهو مُشْتَمِل عَلَى فِتْنَة؛ إنَّ الله -تعالى- يقول: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} (التغابن: 15) فأيُّكم استعاذَ فَلْيستعِذْ بالله من مُضِلاَّت الفتن".
ب- وعن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رضي الله عنه- قال: "وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ السَّاعَةِ، وَمَا بِي إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي، وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ -وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيهِ عَنِ الْفِتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَعُدُّ الْفِتَنَ: "مِنْهُنَّ ثَلاَثٌ لاَ يَكَدْنَ يَذَرْنَ شَيْئًا، وَمِنْهُنَّ فِتَنٌ كَرِيَاحِ الصَّيْفِ، مِنْهَا صِغَارٌ وَمِنْهَا كِبَارٌ" قَالَ حُذَيْفَةُ -رضي الله عنه-: فَذَهَبَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ كُلُّهُمْ غَيْرِي". (رواه مسلم).
ج- وعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ: قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -رضي الله عنه- فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: "اصْبِرُوا؛ فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ". سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم-. (رواه البخاري).
وقد التزم أهل السنة منهجاً واحداً في التعامل مع الفتن كما بيَّنه لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فوجدناهم يبتعدون عن مواطن الفتن ويهربون منها، ولا يتعرَّضون لها، فكم من عالمٍ تَعَرَّضَ للفتنة وهو ثابتٌ ثباتَ الجبال، راسخٌ رسوخَ الطَّود كي لا يُفتن الناس به، وعلى رأس هؤلاء إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله-.
عباد الله: إن المتأمل في التاريخ الإسلامي بأَسْرِه يجد أنَّ أهل السنة لم يكونوا طَرَفاً في فتنةٍ من الفتن التي تعرَّضت لها الأُمَّة على مدار تاريخها، وأنهم كانوا دائماً هم المظلومين أو المضطهدين، وأنهم على رغم ما عانوه من الظلم لم ينتقموا أبداً لأنفسهم، ولم يُقابلوا الظلمَ بظلمٍ، والإساءةَ بإساءةٍ، وإنما ما حدث هو العكس؛ إذْ قابلوا الظلمَ بعدل، والإساءةَ بإحسان، ولا يُجادل في هذا أحد، ولا يُنْكِرُه إلاَّ مَنْ طمَسَ الله -تعالى- على قلبه وبصيرته.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.