عام واحد هي مدة قليلة في عالم كرة القدم، وعن هذا التصور يستطيع أن يتكلم اللاعب الإسباني، إيسكو، الذي استطاع في هذه الفترة القصيرة، أن يتحول من لاعب يحتاج إلى صقل مهاراته، واكتساب المزيد من الخبرات، إلى قائد لريال مدريد، والمنتخب الإسباني. ومر عام تحديدا منذ أن تعرض الويلزي جاريث بيل، لإصابة بالغة الخطورة في الكاحل، ليغيب على إثرها في بداية الأمر، أربعة أشهر كاملة عن الملاعب. ولكن هذه المدة طالت فيما بعد، على خلفية المشكلات العضلية التي تعرض لها اللاعب، وفي تلك الأثناء ظهر وبزغ نجم إيسكو. وحتى ذلك التوقيت، بدى اللاعب الصاعد محبوبا بشكل أكبر من جماهير النادي الملكي، مقارنةً بمدربيه. وحصل إيسكو على دور مهم في ريال مدريد آنذاك، ولكنه لم يكن أساسيا، فقد كان لاعبا فارقا في لحظات معينة، ولم يكن ذلك اللاعب الذي لا يغيب عن التشكيلة الأساسية. وأحدثت إصابة بيل فجوة داخل القوام الأساسي لريال مدريد، ليتخلى الفرنسي زين الدين زيدان، المدير الفني للفريق، عن فكرته باللعب بثلاثة مهاجمين، وقرر الانتقال إلى خطة بديلة، تعتمد على أربعة لاعبين في وسط الملعب، من بينهم إيسكو. وبدأ دور إيسكو في التنامي، حتى أصبح لاعبا محوريا في نجاحات الفريق المدريدي، بالموسم الماضي، الذي انتهى بتتويج هذا الفريق بلقبي دوري أبطال أوروبا، والدوري الإسباني. ولا يزال إيسكو يسير بخطى ثابتة على طريق النجومية والتألق، حيث كان هو الوحيد الذي لم يطله الجدل خلال الفترة غير المستقرة، التي مر بها ريال مدريد مؤخرا. وأضاف إيسكو لقدراته الفنية شيئين في غاية الأهمية: زيادة المجهود المبذول، وقراءة المباريات بشكل صحيح، ليتحول إلى لاعب أكثر صلابة وخطورة بالنسبة للمنافسين. وبطبيعة الحال، استفاد المنتخب الوطني الإسباني من هذه الخصائص، التي يتمتع بها اللاعب الشاب، حتى في اللحظات التي لم يكن فيها لاعبا أساسيا في ريال مدريد، حيث كان يستعين به مدرب إسبانيا، جولين لوبيتيجي، ويدرجه في قائمة الفريق، حتى جاء الوقت الذي منحه فيه دورا بارزا في المباريات. وتعرف لوبيتيجي على إيسكو، عندما كان الأخير يلعب ضمن صفوف منتخبات الشباب والناشئين، وآمن به كثيرا. ورد إيسكو الجميل للوبيتيجي وتألق بشكل لافت، في الثاني من أيلول/سبتمبر الماضي، في مباراة دولية للمنتخب الإسباني على ملعب سانتياجو بيرنابيو، معقل ريال مدريد. وكان ذلك اللقاء أمام إيطاليا، وسجل إيسكو هدفين رائعين، وساهم في فوز منتخب بلاده بثلاثية نظيفة، ليخرج من الملعب محمولا على الأعناق، بعد أن قدم أداءً مذهلًا. وفي الوقت الذي يسعى فيه المنتخب الإسباني، لاستعادة هويته القديمة، وفي ظل حاجة أندرياس إنييستا للمعاونة الصادقة، في منتصف الملعب، أصبح إيسكو أحد أهم قادة الفريق، الذي يسافر إلى روسيا في العام المقبل، للمشاركة في نهائيات كأس العالم 2018. وقال إيسكو، في مقابلة تليفزيونية: "اللعب في المونديال يجب أن يكون أجمل شيء، نحن نصنع فريقا جيدا، السر هو الخليط الذي يمزج بين الشباب، الذين لديهم شغف كبير، واللاعبين المخضرمين". واعترف إيسكو، الذي لم يشارك في أي بطولة كبيرة مع إسبانيا حتى الآن، بأن الاستمرارية في اللعب، والمشاركة في المباريات، أفادته في تحسين وضعه مع ريال مدريد والمنتخب. وأكمل قائلا: "أشعر بأنني مهم داخل الفريق، أسجل أهدافا وأصنع تمريرات حاسمة، الثقة تدفعك لعمل أشياء، لم تكن تحاول أن تفعلها قبل ذلك". وتأمل جماهير المنتخب الإسباني في أن يتمكن إيسكو، من المحافظة على مستواه الفني، حتى انطلاق المونديال في الصيف القادم، حيث أن جانبا كبيرا من حظوظ المنتخب الإسباني في الفوز باللقب، يتعلق بقدميه. وبطريقة أو بأخرى، يعتبر إيسكو امتداد لجيل لاعبي الوسط قصيري القامة، من أصحاب المهارات العالية، كما كان الحال مع الدولي السابق، تشافي هيرنانديز، وإنييستا الذي لا يزال أساسيا داخل منتخب "الماتادور"، ليكون بكل تأكيد ضمانة لاستمرار الأسلوب المميز لإسبانيا.