يتناول محللان سياسيان في موقع "برافدا.رو" اتهام واشنطنموسكو بانتهاك معاهدة تدمير الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى الأمريكية-السوفياتية. جاء في المقال: صرح السفير الأمريكي لدى الاتحاد الروسي جون تيفت بأن موسكو تنتهك معاهدة تدمير الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، التي وقعها الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة في عام 1987؛ مؤكدا أن روسيا تصنع صواريخ قصيرة المدى، تستطيع تجاوز مسافة 500 كيلومتر. هذا، ومنذ عام 2014 تتهم واشنطنموسكو بانتهاك معاهدة تدمير الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى، وترد موسكو على هذه الاتهامات الأمريكية بالمثل. وفي الوقت نفسه يبحث كل من مجلسي الكونغرس مشروعا يمكن بموجبه إلغاء هذه المعاهدة. فما هي حجج واشنطن لاتهام موسكو؟ وهل أن الجانب الروسي ينتهك حقا شروط معاهدة تدمير الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى؟ ولماذا لا تنشر روسيا صواريخها بالقرب من الحدود الأمريكية، على سبيل المثال في فنزويلا؟ هذه القضايا وغيرها نوقشت في برنامج "حوار" على الهواء، مع معلقي موقع "برافدا.رو" أيضين مهدييف ودميتري نيرسيسوف، وتتلخص إجابتهم في التالي: ظهرت معاهدة تدمير الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى (السوفياتية–الأمريكية) في ظل ظروف معينة لحل قضية محددة، كانت قائمة في فترة زمنية واضحة المعالم. وحتى قبل أن تتحول أزمة الكاريبي إلى قضية مبدئية بالغة الأهمية، كانت الصواريخ الأمريكية المتوسطة المدى – أقل من 3000 كم منصوبة على الأراضي التركية. وفي ذلك الوقت كانت الصواريخ البالستية العابرة للقارات أيضا موجودة. أي كان من الممكن تبادل الضربات النووية بشكل مباشر بين الاتحاد السوفياتي والولاياتالمتحدة. ولو أطلقت الولاياتالمتحدة صواريخها الكبيرة العابرة للقارات، لرد الاتحاد السوفياتي على ذلك بالمثل، والمعادلة هنا كانت بسيطة جدا. لقد نشرت الولاياتالمتحدة آنذاك صواريخها متوسطة المدى على الأراضي التركية بجوار الاتحاد السوفياتي، بما معناه كان على الاتحاد السوفياتي في حال الاعتداء عليه، أن يرد بتوجيه ضربة إلى تركيا، أو بشكل مباشر إلى الولاياتالمتحدة. ومن أجل الحفاظ على التوازن آنذاك، نشر الاتحاد السوفياتي صواريخه متوسطة المدى في كوبا بجوار الولاياتالمتحدة؛ ما أدى إلى نشوء أزمة الكاريبي، التي كادت أن تؤدي إلى حرب نووية. ولكن تم حل هذه المسألة عبر الاتفاق على إزالة الصواريخ متوسطة المدى في كل من تركياوكوبا. ثم برزت هذه القضية في السبعينيات، ثم في الثمانينيات خاصة، عندما عادت إدارة ريغان لنشر الصواريخ الموجهة ضد الاتحاد السوفياتي نفسها في أوروبا الغربية. وحتى ذلك الحين كانت بريطانيا وفرنسا قد صنعت هذه الصواريخ. وبصفة عامة انتهت عملية التفاوض المعقدة بين ريغان وغورباتشوف بالاتفاق على تدمير هذه الصواريخ من قبل الجانبين. بيد أن الأمريكيين بعد ذلك، وكبديل عن الصواريخ البالستية المتوسطة المدى، التي جرى تدميرها بموجب الاتفاق بين الطرفين، عملوا على تطوير صواريخ مجنحة، يتراوح مداها بين 300 كم وعدة آلاف من الكيلومترات. والسؤال هنا هو: هل ينطبق الحظر الذي فرضته المعاهدة الأمريكية–السوفياتية على هذه الصواريخ متوسطة المدى؟لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال بدقة تامة. هذا، إضافة إلى أن هذه الصواريخ البالستية متوسطة المدى أصبحت لدى دول لم تكن تملك أي صواريخ أو سلاح نووي في لحظة توقيع المعاهدة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي، مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية القريبة جدا من روسيا. إن تكرار تجربة أزمة الكاريبي في الوقت الراهن ونشر الصواريخ الروسية على أراضي دولة فنزويلا، التي سمحت بذلك، تعدُّ خطوة غير صحيحة، هذا إضافة إلى أنها عملية مكلفة ماديا بشكل لا يصدق. والمهمة الحقة الآن، - هي إعادة الوضع إلى حالته الطبيعية، وإذا كان الأمريكيون يسمحون لأنفسهم بارتكاب فعل استفزاز أو حماقة، فهذا لا يعني أنه يجب علينا أن نرد عليهم الحماقة نفسها أو بما هو أسوأ منها.