رفض الطعن المقدم ضد حامد الصويني المرشح لانتخابات مجلس النواب بالشرقية    10 رحلات عمرة مجانية لمعلمي الإسماعيلية    رئيس محكمة النقض يستقبل الرئيس التنفيذي لصندوق الإسكان الاجتماعي    اليوم، الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن القائمة النهائية لمرشحي مجلس النواب    4474 وظيفة بالأزهر.. موعد امتحانات معلمي مساعد رياض الأطفال 2025 (رابط التقديم)    السيسي: اتخذنا حزمة من الإجراءات أسفرت عن رفع التصنيف الائتماني لمصر    هيلث إنسايتس تساهم في تنفيذ مشروع ڤودافون بيزنس ومصر للطيران عبر حلول رقمية متكاملة للرعاية الصحية    خالد النجار يكتب: توطين صناعة السيارات حوافز وفوائد    رابطة مصنعي السيارات: انخفاض الأسعار مستمر حتى بداية 2026.. وحالة ركود في البيع    سعر الذهب اليوم الخميس 23-10-2025 بالصاغة.. وعيار 21 الآن بعد الانخفاض الكبير    أسعار التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025    ترامب: ألغيت لقائي مع بوتين في بودابست    القوات الروسية تنجح بإنزال على جزيرة كارنتين في خيرسون    ترامب: ألغيت لقائي مع بوتين لأني شعرت بأن لا نتيجة محتملة    هند الضاوي: هناك استنساخ إسرائيلي واضح للتجارب الأمريكية في الحروب والأزمات    الرئيس السيسي: الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لمصر    ترامب: مُربي الماشية لا يفهمون الرسوم الجمركية وعليهم خفض الأسعار    تشيلسي يكتسح أياكس بخماسية في دوري الأبطال    رياضة ½ الليل| خلل في الأهلي.. الزمالك يشكو الجماهير.. عودة ليفربول.. والملكي يهزم السيدة    رد فعل مفاجئ من محمد صلاح بعد جلوسه بديلاً في مباراة ليفربول ضد فرانكفورت    رئيس هيئة النيابة الإدارية في زيارة لمحافظ الإسكندرية    بدء غلق كوبري الأزهر السفلي أحمد ماهر 3 أيام لاستكمال تغيير الأرضية    مصرع تلميذ ابتدائي دهسه الاسانسير بمدينة السلام    أعمدة الدخان غطت سماء المنطقة، حريق هائل قرب المعهد العالي للعلوم الإدارية بالشرقية (فيديو)    «توخوا الحذر».. تحذير شديد من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم: 3 ظواهر جوية تضرب البلاد    طفل دمنهور يلحق بشقيقه.. مصرع طفلين سقطا من الطابق التاسع في البحيرة    والد المتهم تستر على الجريمة.. مفاجآت في قضية طفل الإسماعيلية يكشفها المحامي    مدحت عبدالدايم يكتب: محمود ياسين فنان متفرد يقود سيارته ويغنى للعندليب    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    «لدرجة أنها تجري وتهرب وتختبئ».. منى الشاذلي تعلق على وصف الجمهور ل حنان مطاوع ب«المغرورة»    عليك أن تفرض حدودك.. حظ برج القوس اليوم 23 أكتوبر    قرمشة من برة وطراوة من جوة.. طريقة تحضير الفراخ الأوكراني المحشية زبدة    هترم عضمك.. وصفة شوربة الدجاج المشوي التي تقاوم نزلات البرد    مش هتنشف منك تاني.. أفضل طريقة لعمل كفتة الحاتي (چوسي ولونها جميل)    دوري أبطال آسيا 2 - النحاس يخسر في المباراة الأولى مع الزوراء.. والنصر ينتصر بغياب رونالدو    ألونسو: سعيد من أجل بيلينجهام.. وصليت ألا يتعرض ميليتاو للطرد    دوللي شاهين تحقق أول مليون مشاهدة على «يوتيوب» بكليب «ترند»    ضياء رشوان: الاتحاد الأوروبي يدرك دور مصر المهم في حفظ السلام بمنطقة القرن الإفريقي    د.حماد عبدالله يكتب: " للخصام " فوائد !!    ماشوفناش بعض من ساعة، علي الحجار يمازح المايسترو أحمد عاطف بمهرجان الموسيقى العربية (فيديو وصور)    علي أبو جريشة: إدارات الإسماعيلي تعمل لمصالحها.. والنادي يدفع الثمن    أحمد ساري: الاتحاد يستحق الفوز على الأهلي.. و«جنش» تعرض لظلم كبير    عضو الإسماعيلي السابق: نصر أبو الحسن أدخل أموال لحساب النادي دون قرار إداري    جامعة فرجينيا تتوصل إلى اتفاق لوقف التحقيقات التي تجريها إدارة ترامب    داعية إسلامي: زيارة مقامات آل البيت عبادة تذكّر بالآخرة وتحتاج إلى أدب ووقار    انضمام 12 عالمًا من جامعة المنصورة إلى عضوية اللجان الوطنية بأكاديمية البحث العلمي    توجيهات بإنشاء صالة لياقة بدنية متكاملة لخدمة طلاب جامعة المنيا    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    رئيس جامعة بنها يطمئن على طلاب كلية الفنون التطبيقية المصابين في حادث أسوان    مدبولي يواصل تبرير رفع أسعار الوقود بأرقام مضللة..انخفاض البترول يفضح أكاذيب تكلفة السولار ب 20 جنيها    هل القرآن الكريم شرع ضرب الزوجة؟.. خالد الجندي يجيب    هل يجوز احتساب جزء من الإيجار من زكاة المال؟.. أمين الفتوى يجيب    صندوق استصلاح الأراضى بالوادى الجديد يوافق على جدولة ديون المشروعات الزراعية    تامر حبيب يشيد بفيلم «السادة الافاضل» بعد عرضه في مهرجان الجونة    المتروبوليتان يحتفى ب «آلهة مصر القديمة»    نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم العالى يشهدان افتتاح مؤتمر الجمعية المصرية للصدر    محافظ شمال سيناء يستقبل نائب وزير الصحة لبحث جاهزية المنشآت الصحية (صور)    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة الشهر الكريم وأحكام الرؤية الشرعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب الحرم المكي: مدافعة فتن الشبهات والشهوات ومجاهدة النفس في ردها وإنكارها أمر ضروري
نشر في الفجر يوم 08 - 09 - 2017

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي المسلمين بتقوى الله في السر والعلن، فالمتقون هم أولياء الله حقاً وصدقاً الذين لا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: حجاج بيت الله, كم لله عليكم من نعم تترى وآلاء تتوالى فهو الذي حرك قلوبكم حباً وشوقاً إلى الحج والمشاعر المقدسة وهو الذي يسر لكم الوصول إلى هذه البلاد المباركة ثم وفقكم وأعانكم على أداء مناسككم والوقوف بهذه المشاعر والشعائر التي هي إرثُ من إرث الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فأشكروا له سبحانه وأحمدوه على نعمة الحج وأداء المناسك في سابغة من الأمن والأمان واليسر والراحة.
وأضاف: من شكر الله شكر من أسهم مساهمة فاعلة في نجاح موسم الحج لهذا العام، وكان له الفضل بعد الله تعالى في تيسير مناسك الحج للحجاج والقيام على خدمتهم وراحتهم وأمنهم وسلامتهم وعلى رأسهم قيادتُنا وولاةٌ أمرنا، ورجال الأمن الأوفياء والمسؤولون في كل القطاعات، فشكر الله لهم وكتب أجرهم وأثابهم من عنده أجراً عظيماً.
وأردف: من رحمة الله بعباده المسلمين أن جعل لهم في كل عام مواسم للطاعات والخيرات يتزودون منها ويقفون فيها وقفات مع النفس والعقل والقلب للمحاسبة والتذكير والإرشاد ليصححوا المسار ويتداركوا ما فات وفرط من حياتهم ويتبصروا طريق سيرهم.
وتابع: حين تشتد الأجرةٌ وتلفح الوجوه سمومٌ التبديل والتخذيل، وتتألم النفوس من سطوة المعاصي والأهواء وينتشر غبار الفتن والمحن فيزكم الأنوف وتتغير القلوب وتنتقض عرى الأخوة والألفة ويقف الشيطان متسبباً بالتحريش بين المسلمين بعد أن يئس أن يعبده المصلون فإن الملجأ والمهرب يكون إلى الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأصول المتينة والكليات المحكمة.
وقال خطيب الحرم المكي: الري والرواءَ والمرتع الخصب والصفاء يكون في حمى الوحي الإلهي وفسطاط التسليم للكتاب وفهم الصحابة رضي الله عنهم، ولا زال المصلحون والمقسطون من العلماء والعاملين والحكام العادلين يثوبون إلى ذلك المأرز المنيع، ويحتمون بذلك الحمى الرشيد، منعاً لنظام شرر الفرقة والنزاع والتنازل عن ثوابت الدين، وإضلال الأئمة المضلين الغاوين، واستيلاء فتن الشبهات والشهوات على فئةُ من الأنام، معتقدين يقيناً أنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها وإن أعظم ما صلُحت عليه عقول وقلوب أول هذه الأمة هو التسلُيم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وعدمٌ معارضة نصوص الوحي بشبهة أو شهوة، ولن يثبت قدم الإسلام في القلب إلا على قاعدة التسليم.
وأضاف: منهج التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الذي تربى عليه الحجاج طيلة أيام حجهم، وفي كل المناسك والشعائر والمشاعر، تُسليم مطلق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، في طمأنينة وسكينة وفرح بلا اعتراض ولا ضجر ولا ملل ولا سأم.
وأردف: هذا من أعظم مقاصد تشريع الحج وغاياته حيث ظهر هذا التسليم القلبي والعملي في مناسك الحج في مواطن كثيرة منذ أن يلبس المسلم لبس الإحرام ويبتعد عن كل ما متعه الله منه حال إحرامه، ويلبي تلبية السلام والاستسلام لله، ثم يتدرج بعد ذلك في مناسك الحج وشعائره من وقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ومنى وطواف وسعي ورمي وحلق ونحر، وكلها تشهد بأن أعظم آثار الحج وثماره التي تفيض على المسلم أن يتحلى بعبوديته التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم متذللاً لربه معترفاً بعجزه وتقصيره مفتقراً إلى رحمة ربه ورضوانه الذي بيده كل شيء وإليه ترجع الأمور.
وقال "الغامدي": التسليم لله ولزوم غرز البنى هو عنوان الصديقية وقاعدة الولاية الربانية، والاختبار الحقيقي لأعمال العبد وإسلامه كما قال سبحانه [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] ولا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ] فمن سلم عقله وقلبه وجوارحه لفاطره ومولاه سبحانه رضي الله عنه وأرضاه ورزقه الحياة الطيبة وعاش في حياته بنور من الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم من الآفات والشرور والأنكاد والهموم، لأنه سلًم لله وأسلم وجهه لمولاه فسلمه الله وحفظه وسدده [وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ].
وأضاف: ليس هناك أحد خيراً وأفضل ممن سلّم لله وأسلم له [وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا] واقتران ذكر نبي الله إبراهيم عليه السلام مع إسلام الوجه لله دليل على أن هذه هي الملة التي يرضاها الله ويحبها، وخليل الله إبراهيم هو أعظمُ الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذين حققوا التسليم والاستسلام لله تعالى, فاقترن أعظمُ مطلوب بأعظم نبي بعد نبينا محمد عليه السلام، كما شهد الله له بذلك في قوله [وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ].
وأردف: التسليم لله كان شعار أبي الأنبياء إبراهيم (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] وابتلاه الله بكلمات فأتمهن فجعله الله إماماً [أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفاً ]، أمره ربه بالصدع بدعوة التوحيد فسلّم أمره لله وجهر بالتوحيد ودعا إليه أمام الملأ وحاورهم وجادلهم ثم أمره ربه بأن يحمل ولده إسماعيل وأمه هاجر عليهم السلام ليضعهما في مكة في وادٍ غير ذي زرع ولا قريب ولا أنيس فسلّم أمره لربه ونادته هاجر يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ قالت له ذلك مراراً وهو لا يلتفت إليها ثم قالت له: اللهُ أمرك بذلك؟ قال: نعم قالت: إذا لا يضيعنا الله، فهل ضيعه الله؟ كلا والله، بل أكرمهن ورفع شأنهم وأقبل إليهم بقلوب الخلق من كل مكان وجعلها تفد إليهم بالبر والرحمة وخلد ذكرهم في العالمين، ثم أمر الله خليله إبراهيم ببناء البيت فرفع القواعد وشيد المباني وأذن في الناس بالحج فأتوا من كل فج عميق، ثم كان الاختبار الأصعب والامتحان الأعظم الذي لا يكاد يتحمله أحد حين أمره ربه بذبح ابنه وفلذة كبده النبي الكريم إسماعيل بعد أن شب واستوى وبلغ معه السعي وأصبح أكثر حاجةً إليه من ذي قبل، فسلم إبراهيمُ لأمر ربه وأضجع ابنه إسماعيل وأسلما أمرهما لله مرتلة للجبين ولما كاد أن يذبحه ناداه ربه [يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين].
وتابع: نعم إنه أعظم امتحان للتسليم لأمر الله الذي يرتقي به العبد في مدارج الإحسان والكمال والدرجات العلى، ولذلك جزى الله إبراهيم الخليل أعظم الجزاء وفدى ابنه الذبح بكبش عظيم جعل ذلك سنةً للمؤمنين إلى يوم القيامة، وأقام له لسان صدق في الآخرين وجعله إماماً للعالمين [وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ].
وقال "الغامدي": من سلم لله أمره ورضي لشرعه وقدره ولزم غرز النبي صلى الله عليه وسلم وأقتفى أثره ولم يعترض ولم يتسخط فلا يخاف الصنيعة ولا يخشى، ولا خوف عليه فلن يضل ولن يشقى ، وذلك كله قبس من آثار التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو من أعظم وأجل مقاصد تشريع عبادة الحج، فيرجع الحجاج إلى ديارهم وقلوبهم مليئة بعبودية التسليم لله بعد أن تعودوا عليها وألفوها طيلة أيام الحج فيستقبلون حياتهم من جديد بصفحة بيضاء يملؤها الرضا بالله رباً ومدبراً وشرعاً وحاكماً وإلهاً والرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ويسلمون لله ويلزمون غرز نبيهم صلى الله عليه وسلم ويعبدون الله على جناحي الخوف والرجاء حباً لربهم وتسليماً لأمره حتى يأتيهم اليقين وهم على ذلك [أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ].
وأضاف: التسليم لله والرسول صلى الله عليه وسلم مقام عظيم ومنزلة جليلة، وهو دليل على صدق الإيمان وخلوص النية وطهارة القلب من أدران الشرك والوثنية ،والبدعة الرديّة، والمعصية الدنيئة وهذه الثلاثة هي أصول الشر وركائز البلاء والفساد، وحقيقة التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم أن يسعى العبد سعياً حثيثاً في تخليص قلبه من كل شبهة تعارض الخبر الإلهي، أو شهوة تخالف الأمر والنهي، أو إرادةٍ تزاحم الإخلاص لله، أو اعتراض يعارض الشرع والقدر فإذا حقق العبد ذلك فقد صفي قلبه وصار قلباً سليماً صحيحاً، طاهر من كل مرض وآفة تفسده وترديه وتضعفه، ولا ينجو في الدنيا ولا في الآخرة إلا صاحُب القلب السليم المخبت لله المطمئن لأمره ووعده [يوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ].
وأردف خطيب الحرم المكي: العبد الموفق المسدد لا يعارض خبر الله الصادق بشبهة حائرة زائفة وبدعة فاسدة ولا ينازع الله في أسمائه وصفاته وأفعاله بتأويلات وتحريفات فاسدة، ولا يخالف أوامر الله ونواهيه بشهوات وأهواء زائفة، ولا يزاحم إرادة الله والإخلاص له بمراءاة الخلق والتسميع بأعماله وأفعاله فتصبح أعماله [كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ]، ولا يعترض على الله في حكمه القدري والشرعي فلا يتسخط ولا يجزع ولا يرد شرع الله ولا ينازع الله في أمره وخلقه بل يعلم أن الله [له الأمر والخلق] وحده لا شريك له.
وتابع: التسليم على الحقيقة هو في تخلص العبد من كل هذه النازعات، وتطهير قلبه وعقله من كل هذه المعارضات وتربية العقل والقلب والجوارح على التسليم لقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً مطلقاً بلا منازعات ولا معارضات ولا شكوك ولا تأويلات ولا تحريفات، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ].
وقال "الغامدي": هذا هو القلب السليم الذي سلّم لله فسلم من فتن الشهوات، فلا يقبل الفتن وإذا عُرضت عليه فإنه يردها وينكرها لأنه قلب متجرد لله مخلص منيب عامر بالتسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وكلما رد الفتن وأنكرها نُكتت في قلبه نكتةُ بيضاء حتى يصبح قلبه أبيضً مستنيراً بسراج الإيمان المزهر، وفي مقابل هذا القلب السليم صاحب القلبُ المميتُ القاسي المطبوعٌ عليه الذي كلما عُرضت عليه فتنةٌ من فتن الشبهات والشهوات قبلها وتشربها فتنكت في قلبه نكتةٌ سوداء حتى يعود قلبه أسود منتكباً قد خٌتم عليه وطٌبع فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه.
وأضاف: بين هذين القلبين القلب السليم والقلب الميت قلبٌ مريضٌ متقلبٌ لا يثبت على حال ولم يتمكن فيه الإيمان وصدقٌ التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يتجرد قلبٌه تماماً للحق، فلذلك تراه تارةً يجاهد نفسه في التخلص من فتن الشبهات والشهوات فيكون مع أهل الإيمان، وتارةً يقبل الفتن ويضعف أمامها فيتخلق بأخلاق أهل المعاصي والنفاق، ففي هذا القلب المريض مادتان تمده مادةٌ إيمان وصلاح، ومادةٌ هوى ونفاق وهو في عاقبة أمره لما غلب عليه منهما.
وأردف: مدافعة فتن الشبهات والشهوات ومجاهدة النفس في ردها وإنكارها أمر ضروري ويتحتم من أراد النجاة وسلامة قلبه وطهارة نفسه، وليس هناك أخطر على القلب من استيلاء فتن الشبهات والشهوات عليه وامتلائه بهما وقبوله لكل فتنة تعرض عليه، وقال: إن خطورة تشرب القلوب بفتن الشبهات والشهوات تكمن في أنها تفسد على العبد تصوره للحقائق والعلوم النافعة بالشبهات والمعارضات والشكوك فتنحرف عقائده وأفكاره ويقع في البدع والشرك والإلحاد [وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ]، وكذلك هي تفسد على العبد تعبّده وإرادته فيخلد إلى الأرض ويتبع هواه وشهواته وتأسره مطامعه ويكون كما قال الله [مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ].
وتابع: عرض الفتن على القلوب لا ينجو منه أحد, متسائلاً ما هو الموقف الصحيح من ذلك وكيف النجاة من خطرها؟ وقال: ثبت في صحيح مسلم عن حذيفة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مربدًا كالكوز مُجَخِيّاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، إلا ما أشرب من هواه، وقلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض] .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.