أدى انتشار تطبيقات البث المباشر إلى قيام عدد كبير من الحجيج، بنقل كل ما يجري في المشاعر المقدسة إلى ذويهم، عبر شاشات الهواتف الذكية. وسلطت وكالة فرانس برس، الضوء على هذه الظاهرة، كما تحدثت إلى بعض الحجيج الذين يحرصون على البث المباشر؛ حيث كان يقف في باحة المسجد الحرام حاج يدعى عبدالرحمن، مادًّا ذراعه إلى أقصى ما يستطيع، وفي يده هاتفه ينقل عبره إلى نجله في تنزانيا مباشرةً، مشاهد الحجاج وهم يطوفون حول الكعبة المشرفة.
وقال "عبدالرحمن" إن نجله نبيل (18 عامًا)، في قارة أخرى، على بعد آلاف الكيلومترات، يتابع عبر شاشة صغيرة رحلة والده الاستثنائية في أقدس الأماكن لدى المسلمين، فيشاهد ما يشاهده ويشاركه لحظة بلحظة، تأدية مناسك الحج.
وعبر هاتف والده قال نبيل: "أتمنى أن أحج يومًا".
أما عبدالرحمن فيشرح بحماسة وبابتسامة عريضة أنه ما دخل إلى المسجد حتى أحس أنه يريد أن يشارك نجله رحلته هذه، وأن يريه إلى "أي حد نحن سعداء ومحظوظون".
ومنذ وصوله إلى المملكة، التقط محمد (26 عامًا) كثيرًا من الصور، ونشرها على تطبيقي إنستجرام، وفيسبوك، مشيرًا إلى أنه يتطلع إلى أن يذكره الموقع برحلته هذه، في اليوم ذاته من كل عام.
ويقول محمد: "أصدقائي شاهدوا كثيرًا من الصور على التلفزيون، لكن صوري تقدم لهم فرصة مشاهدة مكة من زاوية مختلفة"، مشددًا على أنه يلتقط الصور "لإبقاء هذه الرحلة في ذاكرتي؛ فأنا لم أفكر يومًا أنني سآتي إلى هنا. لا أزال شابًّا. وكثير من المسلمين يودون المجيء، لكنهم لا يملكون الإمكانات".
ويلتقط عبدالرحمن ومحمد الصور باستمرار، لكن صورهما وتحركاتهما تلتقط وتسجل أيضًا من دون انقطاع من خلال 17 ألف كاميرا مراقبة ثبتتها الحكومة السعودية في مواقع مختلفة بحسب مسؤول في الدفاع المدني.
بالنسبة إلى عبدالعزيز (20 عامًا)، وزهران وقريبه محمد (19 عامًا)، فإن المساء هو الوقت المفضل لالتقاط الصور في باحة المسجد الحرام، والتحدث إلى الحجاج الآخرين، ومشاركة رحلتهم مع أصدقائهم وعائلتهم عبر هاتفيهما.
يقول عبدالعزيز: "نلتقي أشخاصًا من كل الجنسيات هنا. ونختلط بهم، ونحاول أن نتحدث معهم".
وفي زمن الصورة المباشرة، دخلت مكةالمكرمة عصر تكنولوجيا الهواتف الذكية، لتصبح شعائر الحج من أكثر المواضيع متابعةً على وسائل التواصل الاجتماعي، وبين الأفراد والعائلات من داخل المسجد الحرام، إلى كل بقاع الأرض.
وتدرك الشركات المنظمة لرحلات الحج الأهمية التي يوليها الحجاج للاتصال في العالم الخارجي عبر الصورة؛ لذا تقترح على زبائنها تعرفة محددة للإنترنت الخاص في الهاتف النقال بدل تعرفة المكالمات العادية الأكثر كلفةً.
ومع توافر خدمة الإنترنت في كل مكان، يمضي كثير من الحجاج أوقاتًا طويلة وهم يحملون هواتفهم ويصورون كل ما يمكن تصويره، بأذرعهم الممدودة إلى الإمام حتى يكونوا هم أيضًا ضمن الصورة.
وحتى عند الاستعداد لتأدية الصلاة، فإن الهواتف الذكية حاضرة دائمًا، كما هو الحال في أحد المراكز التجارية؛ إذ يقوم زبائن بمقاطعة جولتهم الشرائية لمد السجادة بين السلالم الكهربائية، تحضيرًا للصلاة أمام أبواب المتاجر التي تسدل ستائرها نقلًا عن صحيفة عاجل.