وهي "ميا واشيفاسكا"، بطلة رواية "مدام بوفاري" للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير. هذا العمل الذي أثار جدلاً كبيراً في الأوساط الأدبية وقتها والذي أدّى بدوره إلى اتهام چوستاڤ بخدش الحياء العام والتعاليم الدينية، وذلك لحديث القصة عن الزنا الذي كانت تقوم به مدام بو بوڤاري هي متزوجة من الطبيب شارل بوڤاري. شخصية إيما بوڤاري، شخصية معقدّة على الرغم من وضوح معالمها وعلى الرغم أيضاً من علم القارئ لما تحب إيما ولما تكرهه. التعقيد الذي تحتويه شخصية إيما يكمن في أن فلوبير صنع إيما وقدّمها من وجهة نظره هو، وتشارك معها في العديد من الصفات، فبعد إنهائه لهذه الرواية قال فلوبير "إيما بوڤاري هي أنا". إيما كانت تعيش طفولة غير سعيدة، لذلك كانت تجد في الروايات الرومانتيكية والخيالية مهرباً لها، لعالمٍ يلائمها أكثر. إلّا أن هوس إيما بهذه الكتب جعلها تفقد فيما بعد الإحساس بالواقع، فأصبحت تبحث عن الحب، والثروة والوضع الإجتماعي الجيد بكل الوسائل غير المشروعة؛ حيث تدخل إيما في علاقاتٍ محرمةٍ مع الرجال من أجل الحصول على المال أو على الحب. وصول إيما إلى هذه المرحلة من تقديس كل ما هو خيالي والسعي وراء تحقيقه، دون الإدراك بأن الخيال يبقى خيالاً والواقع يبقى واقعاً، جعل إيما ضحيةٍ لأمرين مهمين وهما: 1- الحركة الأدبية الرومانتيكية التي كانت تُسيطر على فرنسا وأوروبا حينها، والتي كان يُحبها فلوبير؛ إلّا أن فلوبير قام باستخدام إيما لينتقد تأثير خيالية هذه الحركة وعدم واقعيتها على الأشخاص في المجتمع. 2- المجتمع الذكوري الذي كانت تعيش فيه إيما؛ فلو كانت المرأة حينها يُسمح لها بالعمل وتحقيق ذاتها بعيداً عن الزواج بشخصٍ لا تحبه، لما اضطرت إيما لاستخدام جمالها وجسدها في جني الأموال وفي البحث عن حب حياتها. شخصية إيما لم يكن لها أثرٌ على المجال الأدبي فقط، وإنما على المجال الطبي أيضاً، فهنالك اضطراب نفسي يُعرف طبيّاً ال"Bovarysme" -مُشتّقاً من مدام بوڤاري- وهي حالة يحلم فيها المريض أحلام يقظةٍ عن المجد والبطولة والثروة، رافضاً كل الظروف الواقعية المحاط به.