لم يعد إدمان الزوج سببًا لانفصال الزوجين أو نشوب الخلافات الأسرية التى تقود الجميع لطرق أبواب محكمة الأسرة، فعلى عكس الشائع، أصبح إدمان الزوجة دافعًا قويًا وراء زيادة حالات الطلاق وإسقاط الحضانة عن الكثيرات، بعد سقوطهن فى بئر المخدرات، وفقدهن أهلية رعاية أبنائهن. وكشف أحدث تقارير الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات "INCB"، أن ثلثى متعاطى المخدرات فى العالم من السيدات، ودعمت ذلك التقارير الصادرة عن مؤسسات حكومية مصرية، بأن عدد المتعاطيات للمخدرات قارب على ال27% من إجمالى المدمنين، بما يعادل الثلث. وأرجعت "INCB" سبب إدمان السيدات إلى إقبال الشريك على المخدرات، ما رسخ لثقافة التعاطى فى محيط الأسرة، وجعل فرصة تعاطى الأمهات أكبر، خاصة بعدما تطور معدل تعاطى النساء للحشيش أو الأقراص المخدرة بصورة أكبر من الرجل مؤخرًا، وساهمت التغييرات الجسدية التى تطرأ على المرأة فى هذا التطور. ليس ذلك فحسب، بل لعبت الضغوط النفسية والحالة المزاجية والاضطرابات دورًا بارزًا لدفع النساء على الإقبال على التعاطى فى وقت أقصر من الرجل، ومن ثم الوصول لمرحلة الإدمان، وأكد تقرير الهيئة الدولية للرقابة على المخدرات أن أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع معدلات الطلاق هو إدمان شريك الحياة، وليس المقصود الزوج فقط لكن الزوجة أيضاً. واتفق مع ذلك الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة الإدمان بمستشفى العباسية، مضيفًا أن السيدات اللاتى يتعرضن للاستغلال الجنسى سواء من الزوج أو ديلر المخدرات هن الأكثر عرضة للطلاق، خاصة أن تعاطى أحد الشريكين يجعل الآخر أكثر عصبية، فتزيد الخلافات وينتهى الأمر للطلاق، بصورة أكبر إذا كانت الزوجة هى المدمنة؛ نتيجة تخوف الزوج من العار المجتمعى، وهذا هو السبب الرئيسى وراء رفض أغلب السيدات للعلاج. وتعكس قضايا محاكم الأسرة ارتفاع نسب إسقاط حضانة الأطفال عن المطلقات بسبب إدمان المخدرات، وقابلت "الفجر" بعض الحالات لفهم أمر، تقول منى، 40 عاماً: بدأت تعاطى المخدرات عن طريق نجل شقيقى، الذى كان يتعاطى الترامادول، وتناولته للمرة الأولى على سبيل التجربة، حتى اعتدت على تعاطيه، وشيئًا فشيئًا تحول الأمر معى لإدمان دون أن أشعر، واكتشف زوجى الأمر بعدما لاحظ اختفاء أشياء من المنزل، كنت أسرقها وأبيعها لأشترى الترامادول، وذات مرة أخبره ابنى الذى يبلغ من العمر 8 سنوات أننى أرسله للصيدلية؛ ليشترى لى المخدر، فطلقنى على الفور وحصل على حكم قضائى بضم الأبناء بسبب إدمانى. أما سعاد، 22 عامًا، فأقامت ضد زوجها دعوى طلاق للضرر، وكانت دعواها سببًا كافيا لإفصاح الزوج عن إدمانها للمخدرات، وتمت إحالتها للطب الشرعى لإجراء التحاليل الطبية عليها، وبالفعل ثبت تعاطيها لمخدر الحشيش والأبتريل، وأسقطت عنها حضانة الأطفال، لتتكفل أمها بحضانتهم، وأكد الزوج محمد، أنه اكتشف إدمان زوجته بعد ملاحظة عصبيتها وضربها المستمر للأطفال، فقام بتفتيش حقيبتها ليجود أقراص مخدرة، حاول علاجها والذهاب لطبيب لكن زوجته رفضت، وباءت كل المحاولات بالفشل، ما دفعه لتطليقها وإسقاط حضانة الأبناء عنها. بينما لم يتوقع سمير الذى يعمل محاسبًا أن تقدم زوجته على بيع ابنتهما لرجل مسن تخطى الستين عاماً من أجل المخدرات، ففى الدعوى رقم 7716 إدارى مصر القديمة، طالب الزوج بضم حضانة أطفاله إليه بعدما أقدمت زوجته على بيع ابنتهما ذات الثمانية أعوام لجارها، ليغتصبها العجوز ويفض غشاء بكارتها مقابل شريط ترامادول، وبالفعل حكمت المحكمة فى هذه القضية بضم الأطفال إلى حضانة الزوج بعد ثبوت الواقعة وإثبات إدمان الأم للترامادول وفقدانها أهلية رعاية أبنائها. أما سهير، فدفعها عملها إلى دخول عالم الإدمان، بعدما اضطرت إلى تعاطى الترامادول لكى يساعدها على السهر فى "نبطشيات" المستشفى الذى تعمل به، حتى أدمنته، ودخلت على إثر ذلك فى نوبات من الصرع، وبعد فترة من التعاطى بدأت الممرضة علاجها بعيدًا عن العيون، وعندما شعرت بمن يتحسس خطواتها أوقفت العلاج؛ خوفاً من العار ونظرة المجتمع لها.