بسبب المصالح وانعدام الإمكانات والرؤى الموحدة طالبت مصر كثيرًا بتفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين الدول العربية، وأصبح تفعيلها الآن ضرورة ملحة فى ظل معاناة أغلب دول الشرق الأوسط من الفكر المتطرف والإرهاب، الذى تنامى خلال الخمسة أعوام السابقة، واستفحل الآن. وقال اللواء أحمد يوسف، الخبير العسكرى، مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا الأسبق: إن مثل هذه الاتفاقيات تحتاج إلى نوع من التوافق العسكرى والسياسى إلى جانب التوافق فى الرؤى، ولا يمكننا القول إن اختلاف الرؤى عند بعض الدول العربية كان السبب الوحيد فى تأجيل تفعيل تلك الاتفاقيات على أرض الواقع. وهناك بلا شك العديد من القوى الإقليمية والعالمية التى تسعى إلى هدم أى مخطط لتكوين القوة العربية المشتركة أو التحالف الإسلامى العربى فى بدايته؛ لأن ذلك سيضعف من تكتلات تلك القوى الخارجية، وسيشكل خطرًا على مصالحها الموجودة فى منطقة الشرق الأوسط، الغريب أن بعض القوى الإقليمية تتحالف لتعطيل تلك الاتفاقيات، ولتدعيم وجود بعض الجماعات الإرهابية. واعترف اللواء أركان حرب على حفظى، الخبير الاستراتيجى، المستشار العسكرى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، بأن التفاصيل سهلة إذا كان الهدف واضحًا، وبالتالى فإن غياب الرؤى بين الدول العربية لوضع استراتيجية أمن قومى واضحة هو السبب الرئيسى فى تأخير إقامة تلك التحالفات العسكرية المشتركة، بالإضافة إلى أنه لا يمكن تنفيذ أى اتفاقيات دون وجود الإمكانات اللازمة لذلك، سياسيًا وماديًا واقتصاديًا وعسكريًا. وقال اللواء أركان حرب هشام الحلبى، المستشار العسكرى لأكاديمية ناصر، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية ل«الفجر»، إن تحالف القوة الإسلامية موجود بالفعل على أرض الواقع، وتم الاتفاق على إنشاء هذا الكيان ومبادئه ومركز قيادته فى المملكة العربية السعودية، كما نصت اتفاقية التحالف، وهو مكون من عدد من القوات المشتركة بين الدول العربية والإسلامية، والمجال مفتوح للدول التى ترغب فى المشاركة والتى تعانى من الإرهاب والتطرف. وتم عمل تدريب مشترك لتلك القوات فى «رعد الشمال»، حيث اشترك فيه جزء من قوات التحالف الإسلامى، وكان أول نتاج لها فى حرب اليمن، وساهمت بشكل كبير فى ضبط خطى الحرب والسيطرة عليها، قبل تنامى النفوذ الإيرانى هناك، كما أن مكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى قوات كبرى، بل تحتاج إلى قوات صغيرة على قدر كبير من التدريب، ما يتيح لها التعامل مع الميليشيات الإرهابية، وبالتالى نجحت التدريبات المشتركة فى نقل خبرات مصر إلى الدول العربية والإسلامية الأخرى. ومكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى قوات عسكرية فقط، بل تشمل عدة محاور قد تكون غير معلنة لأسباب تتعلق بالأمن القومى وللحفاظ على السرية، مثل التبادل الاستخباراتى، الذى قد يكون بصورة غير مثالية بين الدول الأعضاء، لكنه يكون قويًا بين عدد من الدول التى تعانى من الإرهاب، بالإضافة إلى النطاق الإقليمى لبعض الدول، والذى يحتم عليها تعاوناً استخباراتياً من نوع خاص، وبالتالى فإن الجانب العسكرى ليس سوى جزء صغير فى مكافحة الإرهاب. وساهمت التدريبات المشتركة بنجاح فى تبادل الخبرات والتكتيكات العسكرية بين دول الساحل والصحراء، خلال المؤتمر الذى استضافته مصر هذا العام، على الرغم من صبغه بالبعد الاقتصادى، واقتنعت الدول التى شاركت فى المؤتمر بضرورة وجود تعاون عسكرى للتصدى للإرهاب، وتأسيس مركز لمكافحته، على أن يكون مركز قيادته فى القاهرة، ولا ينبغى أن نستعجل نتائج تلك التحالفات، ويجب أن نمهلها الوقت اللازم حتى تظهر بصورة كاملة وفعالة ومؤثرة.