حضر أحمد مسعود إلى اتحاد جدة المثقل بالديون والفراغ الإداري وأمامه مستقبل مظلم بعد سنوات عانى خلالها جوف النادي الثمانيني من الاعتلال، وحينها قرر الرئيس الذهبي التضحية بالإرث الذي صنعه قبل 15 عاماً، ورتب أوراق البيت الأصفر، قبل أن يودعه إلى الأبد صباح الخميس. أشهر قليلة كانت كفيلة بتغيير الأجواء داخل النادي الثمانيني وبث روحاً جديدة في لاعبيه، وفور استلامه المنصب بدأ بتتبع المشاكل التي تحيط باتحاد جدة، وأولها 299 مليوناً قُيدت كديون على النادي، أكثر من ثلثها عاجلة السداد. وبعد ساعات من دخوله مكتبه الجديد – القديم، أنقذ الاتحاد من شكوى قريبة كان الغاني سولي مونتاري سيقدمها ضده، وأتبعها بدفع جزء من مستحقات الفنزويلي جيلمن ريفاس تفادياً لذات الشكوى.
التفت مسعود إلى مفاصل الفريق التي بدأت بالتفكك، لم يستطع إبقاء عبدالفتاح عسيري في صفوف النادي بعدما رحل الأخير أثناء فترة بقاء اتحاد جدة بلا إدارة، لكنه استطاع إعادة فهد المولد إلى المعسكر الأصفر رغم أن المهاجم الدولي كان قاب قوسين أو أدنى من الانتقال إلى أهلي جدة، وكذلك فعل مع جمال باجندوح الذي لم يصل إلى اتفاق مع إدارة إبراهيم البلوي خلال الموسم الماضي، وبات اسماً يتصدر أخبار الانتقالات في كل فترة.
في بضعة أيام، جلب مسعود فهد الأنصاري من القادسية الكويتي، وحول مسار بدر النخلي من الأهلي إلى الاتحاد، وأحضر المصري محمود كهربا وعدنان فلاتة، وتعاقد مع التشيلي خوسيه لويس سييرا مدرباً للفريق، مما جعل الاتحاديين قبل غيرهم يتساءلون عن سر قوة مسعود الذي أنجز في أيام ما عجز عنه أسلافه طوال عام كامل.
أجاب الرجل الوقور عن هذا التساؤل بشكل غير مباشر في حديثه ل"العربية" أثناء بطولة تبوك الودية الدولية قائلاً: السر أن يكون قلبك نظيفاً، وتكون صادقاً وتحب الناس.. الأمر بسيط. رحيل الرئيس الهادئ الذي بقي وفياً لعشقه أصاب الكثيرين بالحزن، وتحول وسم #وفاة_أحمد_مسعود إلى أحد أنشط الوسوم في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، لكن أبرز من كتب في ذاك الوسم كان جمال باجندوح الذي كتب: كان نعم الرجل، عظم الله أجرنا في فقده. اللهم ارحمه وتجاوز عنه، وفي المقابل كتب زميله فهد المولد: لا يبقى إلا الذكر الطيب للشخص بعد وفاته، وهذا ما نراه الآن رحمك الله يا ابوعمر وكان الله بعون أسرته وأبنائه.
تلك التغريدات تعكس حقيقة علاقة الرئيس الراحل مع لاعبيه رغم أنه تولى مهامه قبل فترة بسيطة، وحتى عندما كان يعرفه جميع الاتحاديين كرئيس لناديهم (1999-2001) كان عمر المولد وباجندوح لا يتجاوز 9 أعوام.
محمد نور، أسطورة الاتحاد الذي صعد إلى النجومية إبان تواجد مسعود رئيساً، كتب عبر صفحته الشخصية: أحزنني نبأ وفاة الرجل الطيب والأب الحنون أحمد مسعود أسكنه الله فسيح جناته وجزاه عنا خير الجزاء، فقد كان قدوة حسنة لنا كلاعبين في نادي الاتحاد.. اجتمعت مع فقيدنا الغالي أحمد مسعود قبل وفاته، وكالعادة كلامه خير في خير، لا تسمع منه إلا الكلام الطيب والتوجيهات الخيرة.. رحمك الله أبا عمر.
كان أحمد عمر مسعود يفكر في الاتحاد دائماً حتى خلال 15 عاماً مضت، عودته إلى النادي الذي أمضى فيه جميع مراحل حياته رسمت على شفاهه ابتسامة طفل صغير في كل مرة كان يرافق لاعبي الفريق في تنقلاتهم، تدريباته الأخيرة معهم في معسكر تركيا، الوليمة التي أقامها لأعضاء البعثة، اتفاقيات التعاون مع بورصا سبور.. وفي صبيحة الأول من سبتمبر ترك الرجل السبعيني اتحاد جدة إلى الأبد بعدما أعاد ترتيب الأوراق المبعثرة.