في سورة الواقعة جاء الفعل جعل مقترنا باللام مرة، غير مقترن بها مرة أخرى؛ قال تعالى: ( لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون) ( آية65).. وقال تعالى: ( لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون) ( آية 70).. الفرق بين الصياغتين أن اللام أدخلت على المطعوم : ( لجعلناه حطاما) ولم تدخل على المشروب: ( جعلناه أجاجا).. وتأويل هذا أن دخول اللام على المطعوم أكد القدرة الإلهية وأوقف الزارعين عليها، ولا سيما أن الزارعين يبذلون في زراعة الأرض وجني الثمارجهدا جهيدا، وحين يصبح حصادهم هشيما، وجهدهم بددا، يتعاظم إحساسهم بالفقد وبمطلق القدرة الإلهية. أما في الآية 70 ( جعلناه أجاجا) فلا حاجة إلى التأكيد باللام ، وتأويل ذلك أن جعل الماء أجاجا قلبا للكيفية فقط ، أما جعل الحرث حطاما فهو قلب للمادة والصورة، ولا شك أن قلب الكيفية أسهل- في التصور البشري- من قلب المادة والصورة، فالماء العذب يمر بالأرض السبخة فيصير ملحا، ومن ثم فلا حاجة إلى تأكيده باللام. هذا أمر. أمر ثان : هو أن اللام حذفت في الآية 70 استغناء بمعرفة السامع بها في الآية 65، مع ما في حذفها من رشاقة وخفة. وفسر بعض العلماء التأكيد باللام في ( لجعلناه حطاما) وعدم الحاجة إلى التأكيد بها في ( جعلناه أجاجا)بأن الحاجة إلى المطعوم مقدمة على الحاجة إلى المشروب، وأن الوعيد بفقده مما لاطاقة للإنسان به. وهو تفسير نتردد في قبوله؛ لسبب بسيط هو أن الماء أس كل حياة ، فبدون الماء ليس ثمة طعام ينتظر ولا ثمة وعيد بفقد ما ليس بموجود... وللحديث بقية..