أعلن وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور، في مثل هذا اليوم 1مايو 1917، عن تأسيس وطن لليهود على أرض فلسطين، وعلى الرغم من أن الفكرة لاقت معارضة من اليهود أنفسهم، إلا أنها كانت نقطة البداية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطيني، حيث توالت الأحداث بعدها لتصل إلى وعد بلفور في نوفبر من نفس العام، والذي كان البداية لتهجير اليهود إلى أرض فلسطين، ليستولوا على 70% من الأراضي الفلسطينة عقب حرب 1948، وتتحول أرض فلسطين إلى مستعمرات صهيونية. وفي هذا السياق ترصد "الفجر"، رحلة تأسيس وطن لليهود، واتجاه "بلفور" إلى الأراضي الفلسطينية للنشاء وطن قومي لليهود على أراضيها. بداية الفكر ترجع فكرة إنشاء وطن خاص باليهود، إلى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر، وذلك بهدف تجميعهم في وطن واحد ليكونوا عوناً للدول الأوروبية لتحقيق مصالحهم، وبدأ ذلك بخطاب نابيون إلى يهود الشرق ليكونوا عوناً له في بلاده، ولاقت تلك الفكرة تأييداً كبيراً من اليهود حينها. السعي للحصول على تعهد دولي وعقب المءتمر الصهيوني الذي عقد في بازل عام 1897، انتقلت فكرة الصهيونية التي تزعمها "تيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية حينها، من مرحلة التنظير إلى حيّز التنفيذ، وبدأ الصهاينة في السعي الدائب للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى حينها بإنشاء وطن قومي لليهود. اتجاه الأنظار إلى فلسطين وعقب فشل مخطط اليهود في تأسيس وكن قومي لهم في شمال أفريقيا، ثم في العريش، اتجهت أنظار اليهوم إلى فلسطين، وبدأوا يسعون للحصول على دعم من دولة تركيا باعتبارها إحدى القوى المسيطرة على فلسطين حينها لتأسيس وطن قومي لهم هناك، وحاولوا رشوة السلطان عبد الحميد حينها للحصول على فلسطين إلا أنه رفض حينها، مؤكداً أن الامبراطورية ليست ملكاً له بل ملكاً للشعب التركي. بداية التأييد البريطاني ولم يؤثر رفض السلطان عبدالحميد لمطالب اليهود على سعيهم لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، حيث بدأول بعدها الترويج لمطالبهم في الدول الأوروبية، ولقت الفكرة حينها إعجاب عدداً من رؤساء الدول الأوروبية وعلى رأسهم "آرثر بلفور" وزير الخارجية البريطاني، والذي كان يُعرف بتحمسع وتعاطفه مع الفكر الصهيوني. واستغل الصهيونيون تلك النقطة، وبدأوا بالتقرب من البريطانيين ليأكدوا على ولائهم المستمر لهم، وأنهم قادرين على تحقيق أحلام بريطانيا، ومن هنا بدأت بريطانيا تتبنى فكرة تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وأعلن "بلفور" رسمياً عن تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين في 1 مايو 1917. اليهود يعارضون وعلى الرغم من أن الفكرة تصب في صالح اليهود، إلا أنها قوبلت الفكرة بمعارضة شديدة اليهود أنفسهم، خاصةً اليهود الليبراليين، لأنهم رأوا أن في هذه الفكرة دليلاً قد يتخذه أعداء السامية على غربة اليهودي، وعدم قدرته على الاندماج في المجتمع الذي يعيش فيه، وعدم انتمائه إلى موطن إقامته، إلا أنه بعد حلقات نقاش طويلة داخل مجلس ممثلي اليهود البريطانيين تم تأييد الفكرة، وبدأول الضغط على بريطانيا لإدخال الفكرة في حيز التنفيذ. وعد بلفور وعقب عدة شهور من تبني بريطانيا لفكرة تأسيس وطن لليهود، وبتكليف من الحلفاء أقدمت بريطانيا على تلك الخطوة الخطيرة، فأصدرت وعد بلفور، ونشرته الصحف البريطانية في 8 من نوفمبر 1917، وجاء نصه كالتالي: "عزيزي اللورد "روتشلد"، يسرني جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته، إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى، وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح". تأييد دولي وفور إعلان هذا الوعد سارعت دول أوروبا، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا وأمريكا بتأييده، بينما كان في مناطق العالم العربي وقع الصاعقة، واختلفت ردود أفعال العرب عليه بين الدهشة والاستنكار والغضب. وكانت فرنسا صاحبة أول بيان صدر تأييدًا لتلك المبادرة الشائنة، فقد أصدر وزير الخارجية الفرنسي "ستيفان" بيانًا مشتركًا مع ممثل الجمعيات الصهيونية "سكولوف"، عبّرا فيها عن ارتياحهما عن التضامن بين الحكومتين الإنجليزية والفرنسية في قضية إسكان اليهود في فلسطين. الاحتلال الإسرائيلي وخلال ست سنوات من وعد "بلفور"، ورغم توافد اليهود من أوروبا بلغت نسبة ما يملكه اليهود عام 1923 فقط 3% من الأرض، وتواصلت الهجرات من هولندا وروسيا وألمانيا ورومانيا وغيرها إلى فلسطين وفي عام 1931 ارتفعت نسبة اليهود إلى 17% من السكان. ومع مرور الأيام وخروج القوات البريطانية من فلسطين عام 1948 اندلعت حرب بين العصابات اليهودية من جهة والفلسطينيين والقوات العربية من جهة أخرى، لتتغير قواعد المعادلة على الأرض واحتل اليهود 78% من الأراضي الفلسطينية. ومع مرور الزمن ومع ازدياد التواطؤ العالمي والضعف العربي كانت شراسة الاحتلال تزداد عاماً بعد عام، ليصل الوضع إلى ما تشهده فلسطين الآن من حروب لا تنتهي.