أكد رئيس ديوان المظالم رئيس مجلس القضاء الإداري، الشيخ الدكتور خالد بن محمد اليوسف، أن من العدالة الاجتماعية في الأحكام القضائية الجزائية مراعاةُ ترتيب الجزاء على الفعل؛ بحيث يكون رادعاً للمطبق في حقه ورادعاً لغيره؛ لئلا تتكرر الجريمة بكافة أنواعها وصورها بشكل لافت في المجتمع. وشدّد "اليوسف" على أنه إذا لم تكن الأحكام القضائية الجزائية مُراعية هذه السياسة العدلية؛ فإننا نخرج هذه الأحكام من حقيقتها الجوهرية في ضبط ميزان العدالة. وفق صحيفة "سبق"
جاء ذلك خلال رعايته لملتقى قضاة الدوائر الجزائية بمحاكم الاستئناف الإدارية ورؤساء الدوائر الجزائية بالمحاكم الإدارية، اليوم الخميس بمقر محكمة الاستئناف بالرياض.
ومن المقرر انتقال اختصاص تلك الدوائر بحسب الآلية التنفيذية لوثيقة سلخ القضاء الجزائي من محاكم الديوان إلى المحاكم الجزائية بالقضاء العام خلال الشهر القادم.
واستبشر رئيسُ الديوان خيراً بوثيقة السلخ الذي تنضوي فيها الدوائر الجزائية في ديوان المظالم والمحاكم الجزائية؛ لتتقارب الرؤى، وتتحد الجهود؛ تيسيراً على المدّعين، وتحقيقاً للعدل ولتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي لم يألُ جهداً في تحقيق ركائز العدل وتذليل كل المعوقات.
وقال "اليوسف": "العدالة ينبغي أن تتناول جميع المطالب الحيوية: مادية كانت أو معنوية؛ بحيث تحمي القيم الأخلاقية، وكذلك تحمي مصالح الناس وحقوقهم.. هذه الغايات لا يمكن أن تتحقق إلا بعد أن تتشرب الأحكامُ القضائيةُ قِيَم العدالة وروحها في معالجتها وإنصافها لما يُنظر أمامها من وقائع، وهذا يستلزم إعادة النظر بين وقت وآخر في مخرجات الأحكام القضائية، ومدى ملاءمتها للواقع الفعلي".
وأضاف: "المخالفات والجرائم في المجتمع تأخذ أشكالاً متعددة، ولا تكون على صورة واحدة باطراد؛ لأن طبيعة الواقع متغيرة، وكذلك حجم المفسدة ووزنها؛ مما يجعل الأحكام القضائية متغيرة من حيث السياسة العقابية التي تطبّق عليها؛ فالنصوص الشرعية والنظامية راعت في الأحكام التعزيرية ميزان العدالة؛ فحددت أصولها من حيث مبدأ التجريم؛ لكنها راعت مقدار العقوبة والجزاء؛ حرصاً على تحقيق العدالة ورفع الظلم؛ فبالنظر إلى أسلوب الشارع الحكيم في معالجة هذه الأحوال، نجد أنه في العقاب التعزيري أحال تقديره إلى السلطة التقديرية المنضبطة التي يمثلها ولي الأمر أو مَن ينوب عنه".
وأردف "اليوسف": "من القواعد المقررة في تنزيل الأحكام على الوقائع، وجوبُ مراعاة الفروق في الأحوال والوقائع والأشخاص؛ فالعقوبات التعزيرية تخضع للتغليظ أو التخفيف بحسب نوع الجريمة وعدد الوقائع والأفعال المكوّنة لها، وكذلك بحسب حال الجاني والمجني عليه، وكذلك بحسب الكيفية التي ارتُكبت بها الجريمة، وأيضاً بحسب حاجة المجتمع للأمن من تلك الجريمة؛ فإذا تَوَفّرت موجبات تغليظ العقوبة وفق هذه المعايير؛ فإن تخفيفها حينئذ لا يطابق مقتضيات العدل ولا مقاصد الشرع".
وأشاد رئيس الديوان بجهود قضاة الدوائر الجزائية المبذولة خلال مسيرة عملهم في محاكم الديوان؛ موضحاً أنهم كانوا مثالاً يُحتذى في تحمل المسؤولية، وقدوة تُقتفى في أداء الواجب.
وتابع: "ليس للقاضي محطّ إلا حيث العدل، وليس للدعوى منتهى إلا حيث الفصل، وإن القاضي وإن تَغَيّرت الأروقة واختلفت القاعات، وإن تبدلت المسميات وتباينت المقرات؛ لقاضٍ بالعدل؛ فهو مراقب لله في قضائه وحكمه، ممتثل أمر الله سبحانه إذ يقول: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}.
جدير بالذكر أن أعمال الملتقى تَضَمّنت لقاء رئيس الديوان بقضاة الدوائر الجزائية بمحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم الإدارية بالمملكة، بالإضافة إلى جلسات تُناقش محاور متعددة؛ منها الظروف المشددة والمخففة للعقوبة.