يرجع لمحمد علي باشا، الفضل في تشكيل بنيانه، إذ طلب من أبيه أن يكفله ويعلمه فقبل وتركه في رعاية الباشا، وتربي مع أبنائه وأحفاده، إلى أن كبر والتحق بالجيش الفرنسي، وعقب عودته تدرج في المناصب السياسية والقيادية حتى ينسب له تشكيل أربع وزارات إلا أنه يستقيل لنضاله وبسبب عدم الوفاق بينه وبين الحاكم حينذاك، هو محمد شريف باشا، مؤسس النظام الدستوري في مصر ويلقب بأبو الدستور، فهو واضع دستوري 1879 و1882، ومعد لائحته الانتخابية، فاقترن اسمه بالنزاهة الوطنية فهو موضع ثقة الأمة. علاقته بمحمد على ولد محمد شريف باشا في 28 نوفمبر 1826 في مصر، لأب تركي الأصل يدعي "أحمد شريف"، قاضى قضاة مصر إبان حكم محمد علي، وبعد انتهاء عمله في مصر عادت أسرته إلى إسطنبول، وعُين قاضياً للحجاز، فمر بمصر ومكث فيها بعض الوقت، فأعجب محمد علي بنجله، وأقنعه بتركه تحت رعايته، فتركه الأب في رعاية الباشا. فالتحق "شريف" بالمدرسة الابتدائية الخاصة بالأمراء (مدرسة الخانكة) وهي المدرسة الحربية التي أنشئت عام 1826 بأمر من محمد علي وكان من تلاميذها بعض أنجاله، وأحفاده، ولذلك توطدت علاقته بهم. وفي عام 1840 اختاره محمد على ليكون ممثلاُ لمصر صفة غير رسمية في مؤتمر لندن، لبحث مصير مصر وعلاقتها بالدولة العثمانية. وفي عام 1844، ومع إرسال البعثة الخامسة من البعثات العلمية التي أرسلها محمد على إلى أوروبا، كان "شريف ضمنها ورافقه أنجال محمد على ومنهم إسماعيل، وكان له نصيب للدراسة في مدرسة سان سير العسكرية، والتحق بالجيش الفرنسي، وحصل على رتبة النقيب بإحدى الفرق الفرنسية، ولما تولى عباس الأول أمر بعودة البعثة، فعاد معها والتحق بالجيش المصري. ياوران في عهد عباس الأول قضى "شريف" قرابة الخمس سنوات في فرنسا، إلى أن تولى عباس الأول الحكم وأمر بعودة البعثة من فرنسا، فعاد "شريف" إلى مصر عام 1849، ليعين ياوراناً لسليمان باشا الفرنساوي (الكولونيل سيف) قائد الجيش ومؤسسه آنذاك، ومكث معه ثلاث سنوات. ترقيته في عهد سعيد ورغم ذلك إلا أن "شريف" لم يلق اهتماماً في عهد عباس، حتى تولى سعيد الحكم واهتم به وأعاده ورقاه إلى رتبة أميرالاي الحرس الخصوصي ثم إلى رتبة (باشا)، ليصبح "شريف باشا". وتزوج "شريف" من ابنة سليمان الفرنساوي، وتلا ذلك تدرجه في المناصب السياسية والقيادية، حيق جعله سعيد" وزيراً للخارجية عام 1857، وظل "شريف" يعلم بها حتى بعد وفاة "سعيد". بزوغه في عهد "إسماعيل" وبزغ نجم شريف باشا عندما كلفه الخديو إسماعيل بتشكيل الوزارة في إبريل 1879 ولكن هذه الوزارة انتهت بخلع إسماعيل وتولية ابنه توفيق، ولكنه عاد إلى رئاسة الوزارة في يوليو 1879 وشغل بجانب الرئاسة وزارتي الداخلية والخارجية وهى الوزارة الدستورية الأولى في تاريخ مصر، لأنه بدأ في وزارته هذه وضع أسس الحياة النيابة، وأنشأ مجلسا نيابيا حقيقيا يشرف على الأمور المصرية، وأعد اللائحة الأساسية للحياة النيابية ولائحة الانتخاب، وعندما وجد شريف رفضا لذلك من الخديو توفيق استقال بعد شهر ونصف فقط أي يوم 18 أغسطس 1879. نضاله في عهد "توفيق" تولى رئاسة مجلس النظار أي الوزراء للمرة الثالثة في 14 سبتمبر 1881 واحتفظ فيها بمنصب ناظر الداخلية، وخلال وزارته أنشئ مجلس النواب وافتتحه الخديوي في 26 ديسمبر 1881، إلا أنه لم يستمر الوفاق بينه وبين رجال الثورة العرابية حتى قدم استقالته في 4 فبراير 1882. وكما عُرف شريف باشا بمقاومته للنفوذ الأجنبي والاستعمار البريطاني، فمع توليه منصب رئيس مجلس النظارة للمرة الرابعة ووزير الخارجية في 21 أغسطس 1882، فكان يأمل أن يحقق إقرار النظام الدستوري، وينهي على الاحتلال البريطاني، فعارض شريف السياسة البريطانية، ولما رأى أن الخديوي يميل إلى إجابة مطالبهم قدم استقالة وزارته في يناير 1884. وفاته توفي محمد شريف باشا في النمسا في 21 إبريل من العام 1887م وشيع جثمانه بخروج الآلاف من المدن المصرية كافة؛ أي محبي نضاله ضد النفوذ الأجنبي ونزاهته في رئاسة الوزراء.