أكد ضرورة رفع أسعار الخدمات ■ برنامج «وزارة إسماعيل» عن سيناء يخالف توجيهات السيسى.. وحديثه عن أزمة سد النهضة غامض ■ لا خطة عن تنشيط السياحة.. لكنه وعد بإجراء انتخابات المحليات والتنسيق بين البرلمان والحكومة بالتشريع «لقد آلينا على أنفسنا أن أعرض على مجلسكم الموقر ما يجب أن يتحقق وليس ما يمكن أن يتحقق لتعود مصر أبية شامخة» بهذه الكلمات أنهى المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بيان حكومته أمام مجلس النواب، الأحد الماضى، وبمجرد أن لملم أوراقه، دوى تصفيق حاد من جانب أعضاء المجلس، فيما شبه الموافقة العلنية على البيان. من الواضح أن رئيس الحكومة أو النواب لا يعرفون بدقة معنى هذه الجملة، (ما يجب أن يتحقق وليس ما يمكن أن يتحقق)، لأنها تعنى بوضوح أن بيان الحكومة مجرد حديث حالم بعيد عن الواقع، وأنه مجرد افتراض أما الواقع فهو شىء آخر، وفى حال كانت الجملة خطأ فى التعبير من كاتبه وقائله، فالمصيبة أكبر. على مدار نحو 80 دقيقة، وقف إسماعيل تحت قبة البرلمان يستعرض خطة الحكومة حتى 2018، من خلال كلمات ظاهرها التفاؤل، وباطنها الغموض، لدرجة أن أغلب النواب خرجوا عقب الجلسة عاجزين عن التعليق على البيان مكتفين بالقول إنه برنامج حالم، يجب العكوف على دراسته قبل إبداء الرأى فيه فيما بعد. هيثم الحريرى النائب المستقل، قد يكون الوحيد الذى قال بصراحة، إن المجلس سيوافق على بيان الحكومة، رغم ضعف البيان، خوفاً من حل المجلس، وبعيداً عن ردود فعل النواب على البيان الذى يتكون من 205 صفحات من القطع الكبير، هناك العديد من نقاط الضعف بجانب نقاط القوة التى برزت فى البرنامج. البيان أشار إلى العديد من التحديات، أبرزها، منظومة الضريبة المضافة، والتى تسعى الحكومة من خلالها إلى فرض الضريبة على الجميع، وسط ترجيحات شبه مؤكدة بأنها ستؤدى إلى ارتفاع الأسعار، وهو الأمر الذى أثار الجدل خلال الفترة الماضية حينما تم عرضه من جانب حكومة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء السابق. 1- إسماعيل يعد برفع أسعار الخدمات وقال رئيس مجلس الوزراء إن الحكومة تعودت على تقديم الخدمات بأسعار أقل من تكلفتها الحقيقية، وهو ما ينتج عنه عدم القدرة على تطويرها ورفع مستوى الخدمة فيها، وهو ما يستوجب التصدى له بكل صدق وأمانة وعدم التراخى فى مواجهته، ما يعنى ضرورة رفع أسعار تذاكر المترو والقطارات، وهو أمر سيضع مجلس النواب فى أزمة كبيرة وينذر بوقوع أزمة بين النواب والحكومة. 2- لا خطة محددة لتنشيط السياحة أما عودة السياحة التحدى الأبرز أمام الحكومة، فاكتفى البيان بالإشارة إلى أن سقوط الطائرة الروسية أثرت سلباً على السياحة، ورغم ذلك لم يقدم برنامج الحكومة ملامح محددة وواضحة لخطة الدولة لتنشيط القطاع كما كان فى السابق، مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول وجود خطة من الأصل، يمكنها التعامل مع الأحداث السابقة أو اللاحقة مثل اختطاف الطائرة المصرية التى كانت متجهة من مطارج برج العرب إلى مطار القاهرة، ما يعيق عودة السياحة أكثر من ذى قبل. 3- العاصمة الإدارية وتوشكى الجديدة فى علم الغيب أبرز نقاط القوة التى أعطت جرعة كبيرة من التفاؤل تمثلت فى الجزء الخاص بانجاز المشروعات القومية الكبرى، والتى جاء على رأسها الانتهاء من المرحلة الأولى للعاصمة الإدارية الجديدة بمساحة 8 آلاف فدان، عام 2018، بما يقطع الطريق حول المشككين فى إمكانية إقامة هذا المشروع، إضافة إلى الإشارة لمشروع مدينة توشكى الجديدة، لكن يظل تأكيد إسماعيل على أن مثل هذه المشروعات «ليس من الممكن أن تتحقق»، خاصة أنه لم يكشف عن كيفية توفير الأموال اللازمة لإقامة هذه المشروعات، ما يجعلها فى علم الغيب. 4- حديث عام عن مكافحة الإرهاب بالمشروعات فى سيناء رغم أن افتتاحية البيان تحدثت عن تهديدات الأمن القومى خاصة التحديات التى تواجه الأمن الداخلى والمتمثلة فى الأفكار المتطرفة والعمليات الإرهابية، وهو ما تحدثت عنه فى 9 نقاط خاصة بتكثيف جهود مكافحة الإرهاب، إلا أن هذه النقاط لم تكن كافية، فمثلا أشار البرنامج إلى أن تنمية المناطق الحدودية وتطوير الخدمات بها وطرح مشروعات للاستثمار أحد أهم محاور مكافحة الإرهاب، لكن هذه العبارات لم تترجم بشكل مباشر فى الباب الخاص بالمشروعات القومية، حيث لم يتحدث البرنامج سوى عن مشروع واحد بسيناء، حيث أوكلت الحكومة طبقا لبيانها لشركة سيناء للاستثمار والتنمية مسئولية إنشاء مناطق اقتصادية ذات طبيعة خاصة داخل سيناء فى المنطقة الصناعية ببئر العبد، دون تحديد الفترة الزمنية للانتهاء من هذا المشروع، أو ماهيته مكتفية فقط، بأنه يستهدف إنشاء شركة مساهمة للاستثمار لدعم التنمية فى شمال سيناء والاستثمار فى أربعة قطاعات تتضمن الصناعة والزراعة والخدمات والسياحة. بيان الحكومة أغفل تنمية سيناء رغم أنها تشكل أولوية لدى الرئيس عبد الفتاح السيسى، والذى طالما تحدث عنها فى إطار خطط تنموية، وهو ما برز من خلال التصريحات التى أدلى بها مؤخراً للإعلامى عمرو أديب، وأكد فيها أن مصر لديها مخطط لتنمية سيناء بتكلفة 10 مليارات جنيه، وأنه سيتم الانتهاء من هذا المشروع خلال عام أو عام ونصف العام، إلا أن رئيس حكومته لم يشر إلى أى تفاصيل عن أفكار الرئيس عن سيناء بشكل تنفيذى، ضمن المبادئ السابعة للبيان والتى بدأت بالملف الأمنى ومواجهة تحدياته. الحديث عن الإرهاب لم يذكر، ما الذى ستقدمه الحكومة لأسر شهداء الجيش والشرطة من الجنود والضباط الذين ضحوا بأرواحهم فى مواجهة الإرهاب الغاشم. 5- ترسيخ الديمقراطية بإجراء انتخابات المحليات أما النقاط الإيجابية الأخرى فى بيان الحكومة فهى إشارته إلى إجراء الانتخابات المجالس المحلية فى الربع الأول من عام 2017، وذلك ضمن المحور الثانى للبيان والمتعلق ب»ترسيخ البنية الديمقراطية وتدعيمها»، ما يخفف العبء على مجلس النواب فيما يتعلق بالجانب الخدمى. البيان تحدث فى نفس المحور عن التنسيق بين النواب والحكومة فيما يتعلق بمشروعات القوانين والمناقشات التشريعية التى تدور داخل اللجان، دون أن تحدد كيفية التنسيق، إضافة إلى تجاهله دور الاتصال السياسى بين النواب والوزراء، فيما يتعلق بمطالب أعضاء المجلس وخدماتهم، واستفساراتهم، ما يعنى تكرار ظاهرة ملاحقة الوزراء فى طرقات المجلس للحصول على تأشيرة، وهو ما برز بشكل كبير فى الجلسة الأخيرة عندما أحاط النواب بالوزراء ولاحقوهم فى كل مكان للحصول على تأشيراتهم. 6- مشروعات فى كل مكان.. ولا حديث عن مصدر التمويل أما المحور الرابع لبرنامج الحكومة فتحدث عن شبكات أمان اجتماعى وتأمين صحى وتعليم وإسكان ومرور وتحسين الخدمات ولم يشر لأى آليات يستند إليها لتحقيق أهدافه، كما تناول البرنامج إنشاء 150 ألف فصل خلال 3 سنوات، ومضاعفة ميزانية بناء الفصول وإنشاء 75 قصر ثقافة وبناء مستشفيات وطرق دون الاشارة إلى مصدر وكيفية توفير تلك الأموال التى تصل لعشرات المليارات لتنفيذ المشروعات التى تهدف الحكومة لتنفيذها خلال الثلاث سنوات المقبلة. 8- معالجة أزمة سد النهضة بكلمات إنشائية المحور الأخير فى بيان الحكومة تحدث عن دور رائد لمصر على الصعيدين العربى والإفريقى، ورغم أن مقدمة المحور الأخير أكد على تفعيل الدور الريادى لمصر من خلال استمرار الجهود المبذولة لاستعادة ريادة مصر الإقليمية، إلا أن هذا الحديث الانشائى لم يحدد آليات العمل والتفاهم مع دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا وأزمة سد النهضة، واكتفى البيان فى هذا الشأن بأربع نقاط فضفاضة، دارت حول بحث إمكانات مشاركة مصر فى سد أنجا الكبير بالكونغو، ومواصلة تنفيذ مشروع ربط بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وحث القطاع الخاص على تعزيز تواجده وزيادة استثماراته فى دول حوض النيل، واستمرار التفاعل مع المتغيرات التى تمر بها السودان، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى أزمة السد الإثيوبى، ويبدو أن الحكومة سارت على نفس نهج الرئيس السيسى الذى سبقهم الشهر الماضى والقى بيانه على البرلمان، ولم يشر أيضاً لا من قريب أو بعيد لتطورات الوضع فى الأزمة وعلاقة مصر وإثيوبيا، باستثناء بعض الجمل الإنشائية من خلال الحديث عن ملف مياه النيل مثل، «عدم المساس بحقوق مصر التاريخية فى مياه النيل» والنقطة الثالثة من المحور السابع والأخير الخاص بدور مصر الرائد على الصعيدين الإقليمى والدولى عندما تحدث عن «مواصلة جهود تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين بشأن آثار مشروع سد النهضة على دولتى المصب ووضع المسارات البديلة للتحرك».