(عد غنماتك يا جحا) هو أول ما تبادر إلى ذهنى حينما أعلنت شيرين عبد الوهاب خبر اعتزالها وإن كنت على يقين بأنها لن تأخذ القرار محمل الجد وهو ما حدث بالفعل. فشيرين واحدة من ثلاث مطربات على الساحة وهما أنغام وآمال ماهر ،أما البقية فإما مطربات غير مصريات حتى وإن عشن فى مصر وأصبحن جزءا لا يتجزأ منها ومنهن اسماء كبيرة مثل سميرة سعيد ولطيفة، أما أغلب المصريات اللاتى يحاولن الوصول فلا يزلن فى الدرجة الثانية أو الثالثة على الرغم من أن مصر هى أرض خصبة للمواهب ولكن بات من النادر أن تصل فنانة موهوبة لكل هذه النجومية. ربما لا تحسن شيرين الكلام ولا تعلم بأن كل ما تتحدث به يحسب عليها ،لا تدرك بأنها فى وطن أصبح لا يستوعب الموهبة والقيمة لا يفرق بين غناء شيرين وبين أوجاعها الشخصية. شيرين تلك الفتاة السمراء التى صنعت نجوميتها بعيدا عن المطربات الموديلز وإن أثبتت مع الوقت بأنها الأجمل روحا ووصولا لصورة أفضل.. مصرية معجونة بخفة الروح والموهبة والعفوية التى قد تصل فى بعض الأحيان للعبث فلا تجيد التخطيط قبل أن تلقى من أمامها بالكلام لتكثر خطاياها فى بعض من حفلاتها بتعبيرات لا يتقبلها المجتمع المصرى، فانهالت عليها كتائب السوشيال ميديا بعدما خلعت حذاءها بعفوية فى احدى حلقات THE VOICE KIDS واستمرت شيرين فى عفويتها حتى آخر لحظة لتخرج وتقرر أن تتنفس مثل أى امرأة منهكة متعبة لتعلن بأنها اعتزلت بشكل نهائى لا رجعة فيه.. لحظة إحباط مرت بها شيرين مثل كثير من اللحظات التى تصاحبنا عبر حياتنا، إلا أن شيرين لا يحق لها (كبنى آدم) أن تطلق لروحها العنان وتخرج ما بداخلها من طاقة سلبية فبدأ الهجوم عليها وكأنها خططت للأمر من أجل الدعاية، (هل تحتاج شيرين حقا للدعاية)؟! بل وزاد من حدة الأمر أنها فعلت جرما لا يغتفر فى نظر الكثيرين حينما قررت إعلان اعتزالها عبر صحفى لبنانى تثق به فوصل الأمر إلى مطالبتها بالغناء باللبنانى والخليجى وأن تعتزل اللهجة المصرية فى حال قررت الرجوع. هجوم متواصل على شيرين وضغوط نفسية تعيشها وحياة أم مطلقة فشلت فى الحب مرارا ،حياة من الصعب أن يحكم عليها من يعيش خارجها حتى وإن وصلت بها الشهرة حدود السماء. نترصد لها الأخطاء ونتوقع منها السوء مع أى موقف وننسى أننا منذ سنوات لم يكن على الساحة غير أنغام التى أخذت هى الأخرى حقها من التنكيل والبهدلة فقررت الابتعاد بحياتها والتركيز على أعمالها الفنية. فهل ننتظر من شيرين الاعتزال الحقيقى؟ وكأننا نجبرها بالإكراه على الوصول إلى قرار الاعتزال كأننا نقول لها موهبتك لا تشفع لكى تعيشى حياتك كما هى. فى الماضى عرف المجتمع قصص الحب التى عاشها أحمد رامى ومحمد القصبجى لأم كلثوم ولم يقلل الأمر من هالتها وقدسيتها ،وغفرنا لفوزى أنه عاش قصة حب مع كريمة فاتنة المعادى أثناء زواجه من مديحة يسرى والتى طلبت الانفصال بكل شياكة على أن تحتفظ بابنها، غفرنا لرشدى أباظة هفواته وحبه للنساء فلم نقلل من نجوميتهم ولا طالبهم المجتمع بالاعتزال. غفرنا وقت كان التسامح هو السمة السائدة فى المجتمع قبل أن يتحول لعدائى لديه رغبة جامحة فى قتل أى موهوب يخرج عن النص والسياق يريد أن يبتعد عن القالب. شيرين أجرمت حين قررت أن تتعامل بعفوية، أجرمت أن تعاملت مثل الكثير من النساء اللاتى يتخذن قرارات مفاجئة تصير الزوبعة مثل عشرات بل ومئات الزوبعات ولكن ستظل موهبة شيرين وأغنياتها هى الأبقى.