لعنة أمناء الشرطة تحرق «البدلة الميرى» ب«النيران الصديقة» «ماشى فى الشارع وفاكر نفسه لواء.. ومحدش يقدر يقف فى طريقه» .. تلك هى الصورة التى ترسخت فى أذهان المصريين عن أمين الشرطة، فبدلاً من أن يمارس دوره الحقيقى فى تطبيق القانون، تجده هو من ينتهك القانون، ولو كان بقتل المواطنين أو تعذيبهم أو سحلهم حتى الموت. الانتهاكات التى ارتكبها أمناء الشرطة ضد عدد من المواطنين، التى كان آخرها واقعة اعتداء رقيب شرطة بقسم الدرب الأحمر على أحد السائقين حتى الموت، أكدت حقيقة الصورة التى جسدها الفنان الراحل خالد صالح فى فيلم «هى فوضى» عن شخصية أمين الشرطة «حاتم» الذى يستغل نفوذه فى تعذيب المساجين، وضرب المواطنين وسلحهم، دون أن يعترض طريقه أحد. مثل هذه التجاوزات وإن كانت فردية بحسب تبرير الداخلية، إلا أنها تتسبب فى فجوة بين الشارع وجهاز الشرطة، فى الوقت الذى لا يزال الأخير يحاول استرداد ثقة المواطنين فيه منذ ثورة يناير. الأصوات تتعالى بضرورة وضع حد لهذه التجاوزات، التى وصلت بحسب كلام مصدر قضائى بارز بالنيابة العامة، إلى 2300 بلاغ تم تحريرها ضد 4200 «حاتم» فى الداخلية، مؤكداً أن الانتهاكات ينظرها حالياً النائب العام المستشار نبيل صادق. هذه البلاغات – بحسب كلام المصدر - تم تحريرها خلال فترة زمنية تقارب ال13 شهرا، وتحديداً منذ بداية عام 2015 وحتى الآن، لافتاً إلى أن المشكو فى حقهم ليسوا الأمناء والمجندين والضباط فقط، بل طالت هذه البلاغات كبار القيادات الأمنية ووزير الداخلية ذاته. حالة الغليان التى سادت الشارع على خلفية الاعتداءات المتكررة لأمناء الشرطة على المواطنين فى الفترة الأخيرة، كانت هى السبب فى فتح ملف تجاوزات الداخلية، والتحقيق فيها، خاصة أنه وفقاً للأرقام المذكورة، فهناك أكثر من 10 عناصر شرطية بمختلف رتبها المذكورة، يقدم ضدها بلاغات وشكاوى بانتهاكات وتجاوزات سواء جنائية أو إجرائية أو قانونية. وأوضح المصدر أن جزءا من هذه البلاغات أحيل بالفعل إلى المحاكمة بعد التأكد من ارتكاب الواقعة بحق مرتكبيها، وجزءا آخر مازال قيد التحقيقات والفحص من قبل النيابة العامة أو أجهزة التحقيق المختلفة، والبعض أحيل إلى جهات التفتيش بوزارة الداخلية. وقد جاءت الاتهامات الواردة فى البلاغات وقرارات إحالة البعض للمحاكمة الجنائية بالفعل، لتشمل جرائم عديدة أبرزها، القتل، والشروع فى القتل، وهتك العرض، والتحرش، والاعتداء الجنسى، والسرقة، والاتجار فى المواد المخدرة، واستغلال النفوذ، والتعذيب، والاختفاء القسرى، واختلاس أموال، والتربح، والتزوير، وانتهاك القانون بطرق مختلفة. من جانبه، أكد المستشار أحمد المرسى رئيس النيابة بهيئة النيابة الإدارية، أنه فى ظل الأحداث الراهنة التى تمر بها البلاد من تجاوزات لبعض أفراد الشرطة، وبعد حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المحاكم العسكرية لأفراد الشرطة، فإنه قد حان الوقت لتطبيق الدستور المعطلة مواده. وأضاف فى تصريحات خاصة ل»الفجر»، قائلاً: «الدستور نص فى المادة 97 على عدم جواز المحاكمات الاستثنائية، كما نصت المادة «197» على أن النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تتولى التحقيق فى المخالفات المالية والإدارية وكذلك التى تحال إليها، ونصت المادة 206 على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية». وأوضح قائلاً: حان الوقت لإحالة أفراد الشرطة باعتبارهم هيئة مدنية نظامية، إلى جهة قضائية تتولى محاكمتهم تأديبيا، وتحديدا إلى المحاكم التأديبية بمجلس الدولة وذلك بعد تحقيق قضائى تجريه النيابة الإدارية، وأيضا مباشرة تأديبهم بمعرفة لجان التأديب بالنيابة الإدارية والتى جاء نص مادتها فى الدستور ليشمل هذا الأمر». وأضاف: كان يمكن مساءلتهم أمام مجالس التأديب بوزارة الداخلية، لكنها لا تمثل العقوبة الرادعة والتحقيقات الشفافة الحيادية تجاه من يتجاوز منهم، بخلاف أن هذه المجالس مثار حولها شبهة عدم دستورية، كونها محاكمات استثنائية». وأكد رئيس النيابة الإدارية، أنه طبقا للنص الدستورى فلا يجب الانتظار لحين تعديل القوانين وعرضها على البرلمان وإقرارها لتحقيق محاكمات عاجلة رادعة، حيث إنه يحق لرئاسة الجمهورية ولرئاسة مجلس الوزراء ولوزارة الداخلية إحالة وقائع بعينها إلى النيابة الإدارية، والتى من شأنها طبقا لنص موادها فى الدستور، أن تتولى التحقيق بشأنها، حيث تنص هذه المواد على أحقيتها فى حالة ما إذا قامت أى من هذه الجهات أو الجهات الرقابية بإحالة أى واقعة تخص ضباط وأفراد الشرطة إليها، أن تتولى التحقيق فيها. وأوضح أن الدستور نص على ضرورة محاكمة الجميع أمام قاضيهم الطبيعى، وهنا يتعين محاكمة أفراد الشرطة أمام قاضيهم الطبيعى وليس محاكم استثنائية، ولحين تعديل القانون فلجان التأديب بالنيابة الإدارية تعد القاضى الطبيعى الذى يتمتع بالضمانة والحصانة القضائية.