عمل نقاشاً ومبيض محارة.. وأبرز سوابقه مع أهل منطقته خناقة مع مكوجى ■ والد الضحية يطالب بالقصاص.. ويقول: «انتخبتك ياسيسى.. ولازم تجيب حق ابنى» لا مبرر للقتل، فمن يقتل نفساً فلا توصيف له فى ميزان العدالة سوى كونه «مجرمًا» يستحق العقوبة وفقاً للقانون، ربما قد يكون هذا الشخص مشهودا له بالاحترام من أقاربه وأصحابه وسكان الحى الذى يسكنه، لكن هذا لا يشفع له على الإطلاق، ولا يحرره من خلف القضبان. «مصطفى فيتو» أمين الشرطة المتهم بقتل شاب يدعى محمد السيد إسماعيل «دربكة»، لم يكن بحسب روايات جيرانه وأصحابه المقربين منه «بلطجيًا» أو ظالما، أو فارضا للإتاوات، بل كان يتمتع بسيرة طيبة بينهم، وأغلبهم أبدوا استغرابهم بعد ارتكابه للواقعة. لم يكن تحركنا إلى حى الثلاثينى بالعمرانية، حيث يسكن أمين الشرطة القاتل، إلا بهدف الوقوف على سمات هذه الشخصية الذى وصفه زملاؤه من الأمناء والضباط ب«الجنون» بسبب فعلته. بمجرد أن وطأت أقدامنا شارع الجامع بحى الثلاثينى، حيث يقع منزل القاتل، وجدنا حالة من الهدوء الشديد، فلا يمشى فى الشارع سوى عدد قليل من أهالى الحى العائدين من أعمالهم، فسألنا أحدهم «مصطفى.ح» عن حالة الهدوء، فرد قائلاً: الخوف ساكن فى قلوب العائلات التى تسكن المنطقة بعد واقعة الدرب الأحمر، فالأهالى يتوجسون من قدوم أهل القتيل إلى الحى، للانتقام من أسرة القاتل، فأصبحنا نلتزم بيوتنا. وصلنا إلى العقار الذى تسكنه عائلة أمين الشرطة، فوجدنا نوافذ غرف المنزل مغلقة، وبوابة العقار مغلقة أيضاً ب«الضبة» والمفتاح، وعندما سألنا أحد أصحاب المحلات قال لنا إن عائلة «فيتو» تركت منزلها منذ حدوث الواقعة ولا نعرف عنهم شيئاً. اتجهنا إلى الحاج جمال الموجى، صاحب محل فساتين، وقال: «أعرف عائلة مصطفى منذ سنوات، لكن لم أعرف أنه أمين شرطة إلا من الإعلام بعدما قتل سائق التوك توك».. مضيفاً: «عمرى ما شفت منه حاجة وحشة، وكان محترما واندهشت من الكلام اللى بسمعه عنه فى الإعلام أنه بلطجى وبيفرض إتاوات»، متابعاً: الحكاوى كتير فى الواقعة، ومنعرفش الحقيقة فين لحد دلوقتى، لكن طبعا هو غلطان أنه يقتل شابًا بطبنجته الميرى. «مصطفى شخصية طيبة فى الشارع.. ومشفناش منه حاجة وحشة»، بهذه الكلمات روى لنا محمد أبو رحاب، مكوجى، شهادته عن مصطفى، مضيفاً: حدثت بينى وبينه مشكلة منذ سنوات، وجاء إلىَّ وصالحنى، وعمره ما فرض إتاوات على شخص، بدليل «أنى أكوى له ملابسه ويحاسبنى زيه زى أى حد»، متابعاً: حينما كانت تحدث أى مشكلة فى الشارع، كان يتدخل مباشرة لحلها، لكن ما فعله جريمة يستحق المعاقبة عليها. واستكمل: مصطفى فيتو ذاق مرارة التعب والإرهاق حتى استطاع شراء هذه المحلات التى يمتلكها الآن، قائلا: كان عنده فرشة على الأرض يبيع عليها ملابس فى شارع الثلاثينى، وقبل أن يعمل بائع ملابس اشتغل نقاشا ومبيض محارة فى البيوت. التقط طرف الحديث «محمد.ش»، أحد جيرانه، قائلاً: «لم أتخيل أن يقتل مصطفى هذا الشاب بطبنجته الميرى، لأن مفيش شخص عاقل هيضرب نار من طبنجته بدون سبب، ولازم جهات التحقيق تكشف الحقيقة، والغلطان يأخذ جزاءه». وأكد رفضه لما فعله مصطفى، قائلاً: «مفيش حد أبداً يرضيه اللى عمله مصطفى فى شاب الدرب الأحمر، ولازم طبعاً ينال جزاءه، لكن شهادة حق أمام ربنا هو ليس بلطجيًا ولا يفرض إتاوات كما يتردد فى الإعلام، وكمان هو شخص تعب كتير فى حياته وشقى، فياريت الإعلام يقول الحقيقة شوية، لأن هو اللى بينفخ فى النار ومكبر المشكلة». تركنا الشاب العشرينى، وتوجهنا إلى سيدة فى الستينات من عمرها تقبع داخل محل «بقالة»، لم تخبرنا عن اسمها، وعندما سألناها عن مصطفى، ردت والخوف مرسوم على وجهها، قائلة: هو مصطفى حصل له حاجة.. البيت اللى فى وشك ده بتاعه، ومش عارفة هو إزاى قتل لأنه كويس ومحترم، واختتمت كلامها: «والله يا ابنى أنا مش مصدقة أن مصطفى يعمل كده». ومن العمرانية إلى حى الدرب الأحمر، الذى يسيطر عليه الغضب والحزن بعد مقتل «دربكة»، وهناك تقابلنا مع والده الحاج على العربى، والدموع تتساقط من عينيه بغزارة، قائلاً: محمد قبل خروجه من المنزل كل يوم كان يقبل يدى ويقول «ادعيلى ياحاج» وفى هذا اليوم لم أره ولكن شعرت أنه سيصيبه مكروه، مضيفاً: «قلبى كان مقبوض، وكنت قلقان عليه، واتصلت عليه فى تمام الثالثة عصراً يوم الخميس، فرد علي: «متخفش عليا ياحاج أنا شغال كويس عشان أكمل مصاريف الفرح»، وأغلقت الهاتف معه، وقلقى يزداد دون أن أعرف سبب ذلك، حتى وصلنى خبر وفاته فى تمام السابعة مساءً. وعند مواجهته، بما قاله أهالى حى العمرانية عن أن أمين الشرطة حسن الخلق، قال صارخاً: «مليش دعوة بكلام حد.. ربنا هو اللى هينتقم، والجميع يعلم من هو القاتل إذا كانت أخلاقه حسنة أم لا، فهو قاتل ولازم ياخذ عقابه، وكل ما أطلبه القصاص لابنى». والد الضحية، طالب الرئيس السيسى بالقصاص العادل لابنه، موجهاً له رسالة: « أنا انتخبتك ياسيادة الرئيس ولازم تجيب حق ابنى اللى فرحه كان الشهر القادم، يرضيك كده، إحنا مش هناخذ حقنا بأيدينا، عايزين دولة القانون تجيب حقنا». «حسبنا الله ونعم الوكيل».. بهذا الدعاء رد علينا محسن أحد أقارب الضحية، قائلاً: «دربكة شهيد، والمنطقة كلها حزينة عليه لأنه كان محترمًا والكل يشهد له بحسن الخلق، ولازم أمين الشرطة ياخذ جزاءه عشان عدل ربنا يتحقق».